ياما جاب الغراب لأمه

892

أفتكر إن في 2012 اتمنيت إني أنزل أول كتاب باسمي في السوق، واحتسب كده من ضمن الكُتاب وأكون مفخرة العيلة.. وحلمت باليوم ده لدرجة إني مكونتش مصدقة نفسي.. وكنت أقول يعني هيجي يوم وحد يعرَّفني على ناس يقول إني كاتبة؟ مش معقول! أنا بنت عايشة في الصعيد ومش من أبناء العاصمة، ولا حتى فيه حد مشهور في العيلة يكون واسطة مثلاً.

إنما سعيت في إني أزود خبرتي في الكتابة وأتعلم وأقرأ أكتر، وأشوف أساليب جديدة وأكتب أكتر. وأكلم دور نشر.. ودي كانت مرحلة صعبة قوي، لأني بقدم الخطوة وحدي مش معايا حد، يا دوب تشجيع والدي، وإخواتي حاسين إني مجنونة. مكونتش أعرف حد في النشر أو الكتابة، وبما إني مش عايشة في القاهرة كنت ببعت أصحابي اللي عايشين فيها يتأكدوا من صحة وجود دور النشر اللي بوصلها، ومكانش عندي أي معلومة حتى عن شكل العقود ولا معايا خطة توزيع للكتاب، ودور النشر الكبيرة اللي ليها اسم وصيت صعب الوصول ليها وبتاخد وقت كبير، وأنا وقتها كنت عايزة أحقق حلمي بسرعة.

ذئاب الجبل

بقيت أدور على فيسبوك على دور النشر وأبعتلهم ميردوش، أكلمهم يتريقوا عليَّ عشان من الصعيد، وكان بيتقال كلام صعب قوي، زي “إنتو بتعرفوا تتكبوا أصلاً؟! عندكم مدارس؟ لسة بتركبوا الحمير؟!” واكتشفت وقتها إننا غالبًا مش موجودين على الخريطة.. وده كان سبب إحباط كبير قوي وحسيت إني محتاجة سنين ضوئية، مش بس عشان كتابي يتنشر لأ ده كمان عشان الناس تعرف إن الصعيد مش هو مسلسل “ذئاب الجبل” خالص.

ده غير طبعًا العقود اللي كانت بتتبعت بمبالغ باهظة، والطرف التاني اللي هو الكاتب المبجل ملوش أي حقوق فيها، يعني حضرتك يا دوب تدفع وبس.. وفي كل مرة كان بيحصل معجزة وممضيش العقد.

وركنت قصة الكتاب والنشر على جنب، وقلت هبدأ أوصل لجرايد أكتب فيها وأتعرف قبل قفزة الكتاب الكبيرة دي. وطبعًا بعد معاناة وتليفونات وتوصيات وإيميلات مش بتتقري، وصلت لجريدتين، أينعم مكونتش باخد ولا مليم على أي مقال.. إنما كنت بتبسط قوي لما حد يقولي إني قريت مقالة ليكي وعجبتني.

ووسط مشاكل وأحداث كبيرة صعبة حصلتلي في آخر كام سنة، زي وفاة والدي وانتقالي من الصعيد للقاهرة، خلوني مش بس نسيت أمنياتي، لأ أنا نسيت أنا مين أصلاً وعايزة إيه.

رُبَّ صدفة

في صيف 2017 عدت قدامي وبالصدفة إعلان ورشة كتابة، دخلت الورشة من باب التعليم والتسلية في نفس الوقت. أخدت الورشة وابتدأ المُدرب يشجعنا على الكتابة أكتر وكتابة القصص بشكل أخص، كل ده وأنا يعني آديني بتسلى. شوية واقترح علينا إننا نعمل كتاب كنتاج للورشة، اتحمسنا شوية وانطفينا شوية، وحسينا إن دي خطوة كبيرة علينا، وأنا عن نفسي مكونتش مصدقة إني ممكن آخد خطوة نشر، كتاب وأحبط تاني.. فكنت رافضة الموضوع من جوايا.

شوية وانسحبوا ناس من المجموعة ومن فكرة نشر كتاب، لأسباب مختلفة، وباقي المجموعة كملت وأنا كملت بحجة إن خلينا لغاية ما نجيب آخر الموضوع، مش يمكن وإحنا مع بعض ننجح بدل ما أكون وحدي! فبقينا بنكتب ونشجع بعض أكتر، ونقرأ قصص بعض ونعدل على بعض، ونحبط من الفكرة ونرجع نكمل تاني. ومضينا العقد بنشر الكتاب قصص قصيرة لمجموعة كُتاب.

تقدر تطير من غير جناحات

في أول شهر في 2018 كانت عندنا حفلة توقيع كتاب “ياما جاب الغراب” قصص قصيرة لسبع كُتاب، ولأول مرة كنت أقدر أقول على نفسي “كاتبة”، يومها وقفت في معرض الكتاب وبصيت على الكتب اللي مالية الصالة والناس الكتير اللي موجودين حوالين دور النشر، ومكنتش مصدقة نفسي إن حلم السنين بيتحقق، وإن المرة دي داخلة معرض الكتاب مش بس كقارئة زي كل سنة، لأ ده كمان كاتبة ومطلوب مني توقيع! ومسكت الكتاب اللي عليه اسمي وسط باقي الأسماء، ومع كل توقيع على كتاب كنت بحس بنفس الإحساس.

الأحلام والأمنيات بتتحقق مهما طارت عن دماغنا، ومهما بعدت في السما والسنين قَلبتها، مسيرها هتحقق، ولأننا بني آدمين فطبيعي نضعف ونحتار ونيأس كمان وسط الطريق، لكن تقدر تقوم وتكمل وتعافر عشان حلمك.

المقالة السابقةمدد رضوى عاشور الذي لا ينتهي
المقالة القادمةخمس قواعد لطلب المساندة

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا