وصفتي الخاصة للحياة

908

 

بقلم/ سما نوار

 

في عام جديد من حياتي أحببت أن أهديكم وصفتي الخاصة للحياة، والتي لخصتها في تِلك العبارة التي صاحبتني، الجزء الفاصل من حياتي، وما زالت هي الطاقة التي تجعلني أتنفس كلما تعثرت.

“لديَّ حياة واحدة فقط، وسأخوض هذه الحياة حتى النهاية.. وبعد ذلك كل شيء آتٍ كنتيجة لقرار اتخذته”.

 

لربما بعض القرارات النابعة من الداخل تحمل في طيَّاتها جزءًا من تِلك الروح التي أؤمن أنها تريد لنا عيش السلام. قرار واحد برؤية واضحة قادر أن يغير الكثير.

وما أفضل من قرار كقرار تحمُّل مسؤولية حياتك بالكامل! لا أحد هنا لتُحمِّله ما تمر به.. لا أحد.

 

أعلم أن أمرًا كهذا قد تراه صعبًا، لكن صدقني هو كان دافعًا لي للنضال أكثر، من أجل حقي في عيش حياة أرى أني أستحقها، وأرى في ذات الوقت أني من أهدرها عبثًا. أعترف أن صراعاتي مع العالم كنت أختصرها في اختلافي، كنت فقط مختلفة عن كل شيء، وتمنيت يومًا أن أرى ولو جدارًا يشبه شيئًا فيِ لأتبادل معه الحديث، دون أن أشعر بعدم استيعابه للمشاعر التي أتحدث عنها، دون رؤية تِلك النظرة التي قد تكون رائعة بالنسبة للبعض، لكني كنت أراها كمسافة شاسعة بيني وبين الآخرين، يخبروني بها “كم أنا جميلة ومختلفة!” ولكني لم أكن كذلك، فأن تكون إنسانًا عاديًا كان يعني بالنسبة لي أنك جزء من جمال هذا العالم، الحب ينمو بداخلك وبقدر استطاعتك تحاول أن تدعم الآخر.. وهذا كل ما في الأمر.

 

ولسبب ما لا أعلمه، تحول شعوري هذا إلى صدام دائم بيني وبين العالم، جعلني أنبذ كل ما لا يصور هذا المعنى الذي بداخلي، وأصبحت للآخرين كصراع على نبتة تحمل الماء وهم عطشى، وهذا جعلني أتأثر كثيرًا، شعرت بالألم، ولنفس السبب ابتعدت عن كل شيء، وكنت دومًا أتساءل: من هؤلاء؟!

 

وكما قال سعود السنعوسي في كتابه “ساق البامبو”: “العزلة زاوية صغيرة يقف فيها المرء أمام عقله”.

وقفت هناك بكل هذا الألم أتساءل: ما هي الحقيقة؟! هل ما تحمله فطرتي أم ما رأيته بعيني؟

 

لكن هذا النور الذي زارني حينها انتشلني من كل هذه الترهات؛ الحقيقة هي ما أحمله أنا.

الإيمان بذلك جعلني لا أتردد لحظة في قولها، وبهذا الإيمان أصبح لديَّ رؤية أقوى استطعت بها تحسس الحكمة، “أنا لست بالمكان الخاطئ”، قلت ذلك لنفسي وأنا أعي تمامًا ما أقول، كما سرد ديستويفسكي حلمه المضحك في روايته التي لامست روحي وكانت أول رسالة تجعلني أشعر أنني لست وحدي في عزلتي. لست مختلفة تمامًا، هناك من يحملني في عقله ويسردني على ورق، الحلم الذي عاشه البطل كان واقعيًا جدًا بالنسبة لي.. أرض سعيدة وبشر يعيشون بسلام يغنّون ويتحدثون مع الأشجار بلغةٍ خاصة.

 

حلم كان يجعله بالنسبة للآخرين مجنونًا، يعتبرونه مجنونًا لمجرد أنه يحاول أن يخبرهم بحقيقة أن الشر ليس حالةً طبيعيةً للإنسان، وأنه رآهم في حلمه قبل أن يتم إفسادهم في جنة ممكنة، فيها جميع البشر يحبون بعضهم. حلم جعله يعدل عن فكرة انتحاره وحقيقة جعلتني أتمسك بي أكثر.

 

كنت أتخيل المشهد هكذا.. الكثير منا عندما يواجه عاصفة ما يكون أمامه خياران، إما أن يصمد أمامها وإما يقبل بأن تأخذه معها، وأنا صمدت وإن لم أصمد حينها وقبلت بالتخلي عني فليس من حقي أن ألوم الآخرين.. وهذا أول درس تعلمته من تِلك العاصفة.

 

ماذا حدث بعد ذلك؟!

أجيب بشكل أكثر عمقًا. تعلمون أن أكثر شيء جيد بهذه الحياة أن تقع فتنهض أكثر وعيًا من ذي قبل. أن ترى الحكمة بوضوح، كل ما أحزنك قديمًا يصبح قنديلك لما هو قادم.

هكذا حدث معي.. فبعد رؤية النور يتغير كل شيء.

 

أملك ما يوقظني صباحا بكل شغف، أملك أفضل نعمة، وهي أن أمارس إنسانيتي. أبعث برسالة في كل حرف أكتبه وكل كلمة أسردها بصوتي “إنني هنا من أجلك”.

محاولاتي المتتالية ولو كانت بسيطة جدًا فأنا أرى فيها الحياة بالنسبة لي، فمن المؤكد حين تمتلك البوصلة لن تخطئ الطريق.

 

تحمَّل مسؤولية حياتك بالكامل.. لا أحد هنا ليتحملها

 

المقالة السابقةقميص الضفدع .. كيف نحكي للطفل
المقالة القادمةوراء الحواديت نهايات أخرى غير التي عرفناها
مساحة حرة لمشاركات القراء

1 تعليق

  1. مقال راءع مفعم بالرؤية للذات من منظور الهبة في تحمل المسؤولية وتخطي الازمات وايجاد النور الحقيقي الموجود بداخلنا
    اشكر من قلبي صاحبة المقال الاستاذة سما ومزيد من الابداعات

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا