وإني أحبك جدًا

1273

أمزق ورقة من دفتري، وألتقط القلم الأزرق المهمل، وأركض نحو السماء.

ما أجمل أن أرسل لك جوابًا!

أكتب بخط أنيق منمق على الورقة المعطرة رسالة حب، ستحملها الملائكة لاحقًا إليك.. وستعرف أن قلبي كان يدق بشدة وأنا أضعها داخل الظرف استعدادًا لأن تصل إليك.

 

وإني أحبك جدًا..

ليس فقط لأنك خالقي وليس لأنك كوّرتني داخل دفء أمي ونفخت فيّ الحياة.

أحبك لأنك أنت ولأنك دومًا هنا.

لأن الرحلة في حبك تستحق، لأن الدمع الساقط من أجلك لا يُهدر على صلب الأرض.. ولأن تشكيلي كما تحب أن تراني يروق لي.

 

وإني أحبك جدًا..

ليس لدرء الخوف من النار واستعجال أنعام الجنة، لقد أنزلت بهاتين للمرتبة الثانية.. ووضعتك أنت في مقدمتهما.

السعي وراء حبك يطمئن روحي القلقة من الغيب، السعي وراءك أنت في حد ذاتك العُلا يخلق مسارات للأمان ليدخل إلى أفكاري المبعثرة فيجمعها كتلة واحدة تتوجه نحوك أنت، فلا تخيفني النار ولا ألتهي بالجنة فأدور حول ابتغائها فقط.

الوصل معك يصلني بكل شيء، لن أفقد الطريق ما دمت تنتظرني في نهايته.

 

وإني أحبك جدًا..

أحبك حين أهجر النوم وأختلي بالليل، أمد جذرًا يقوّي ربطتي بالأرض فأجلس أمامك، أثرثر لك عن أحزاني فتمحوها، أخبرك بأنني ما زلت ضائعة فتضيء لي الكون، أحدثك عن فتوري الذي ينتصر عليّ وأبتعد عنك قليلاً، فتمد لي يدك بحنو وترفق بي.

 

أحبك حين أنام وتصلني رؤيا منك تتحقق بشكل مبهر لاحقًا، أسأل من حولي “ما بال الأحلام التي تتحقق بأصغر تفاصيلها؟!” فيخبروني أنه رضا من الله.. أناجيك بعدها في حديثنا الخاص وأسألك “أما زلت راضيًا رغم الذَلات؟ أما زلت هنا رغم الذنوب؟ أما زلت تنتظرني رغم ابتعادي؟ أتراني أستحق عظيم رضاك؟”.

 

وإني أحبك جدًا..

لأنك تغدو الرفيق حين يقل احتكاك البشر بي، لأنك تستمع حين يموت اهتمامهم.

لأنك تُرجئ لي الأمنيات وتفاجئني بها في توقيتات مناسبة، فتغدق عليّ بضعف السعادة.. تلضم لي خيطًا من الأفراح وتزيّن به حياتي.

ولأنني حين اعتزمت الدعاء لك بيقين أريتني وضوح الإجابة، فآمنت أكثر بوجودك في قلبي.

 

وإنى أحبك جدًا..

وأثق بك.. أثق في رؤيتك العالمة للخير، أثق في ابتلاءك وبأنه سيرتفع بتوبتنا.

أثق في انشغالك بهمومنا حين نطلب منك إزالتها، تدبر لنا الأمور حين يرافقنا الحزن. تفك كُروبنا حين تدرك أنها تحلّقت حولنا، تفتح لنا سماءَ تتساقط منها محبتك.

أثق في أنك تحبنا.. وكيف لا تحبنا ونحن أجزاء من روحك؟!

 

وإني أحبك جدًا..

ووددت لو ظللت أرددها عليك فلا تنحبس بداخلي أبدًا.

وددت لو كان بإمكاني أن أفتح ذراعي فأستقبل انبساطة السماء ثم أغيب عن نفسي في دوران ثابت الإيقاع كما “المولوية”.. ففي الدوران أصل كل شيء.

في الدوران حول بيتك شعرت بأن جزءًا مني ينفصل ويهيم بعيدًا نحوك.. في الدوران تركت كل الذنوب تنزلق من على كفي، كل الخوف.. كل القلق.. حشوت نفسي بالسلام والعشق.

في الدوران قلت لك “أحبك”.

 

وإني أحبك جدًا..

وأعرف أنك تحبني، فالدلالات حولي كثيرة.

وروائح حبك تعبق لي الأيام القصيرة.

 

أحبك جدًا..

لأنك الحائط الذي لن يقع بي يومًا.

أحبك جدًا..

لأنك السفر الذي يأخذني بعيدًا عن الحزن.

أحبك جدًا..

لأنك الحضن الشافي واللمسة المطيبة.

 

أحبك جدًا جدًا..

يا الله.

 

 

المقالة السابقةكعك العيد والمعمول العربي
المقالة القادمةعن علاج الاكتئاب بوهَج البحر و”شدن”

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا