نصائح رمضانية من أم ستينية

801

 

بقلم/ سمر صادق

 

سافرت أمي منذ عدة سنوات لمدة شهر كامل، فاستلمت منها إدارة شؤون المنزل، وفزعت لكم التفاصيل التي يحتاجها البيت، والتي تبدو لغير المنغمس فيها شيئًا لا يتطلب مجهودًا، لكنني اكتشفت حينها أن إدارة منزل وسد حاجة كل أفراده هي بالقطع عمل بطولي يحتاج لشهادة تقدير يومية، ومراسم احتفالية بسيدة المنزل وتسليمها كأسًا في نهاية كل يوم.

 

كنت وقتها أنتهز كل اتصال بيننا لآخذ منها خريطة إرشادات تساعدني في كل تفصيلة. انبهرت وقتها بأمي وبكل أم، وودت لو بإمكاني تدوين كل حرف تخبرني إياه، فإن كان يُقال بأن الجدة منجم حياة يجب التوغل في أعماقه، فالأمر ذاته ينطبق على الأم، هي أيضًا منجم نصائح قد لا يجدها المرء في كتاب.

 

ومن منجم أمي للشؤون المنزلية، استخلصت عبر دردشة معها بعضًا من أسرارها الذكية في شؤون المنزل الرمضانية:

 

لا داعي للهلع ولا لاستعدادات استثنائية لرمضان

ربما يحتاج رمضان لبعض الاستعدادات توفيرًا للوقت والمجهود وقت الصيام، خصوصًا إذا كانت سيدة المنزل امرأة عاملة، لكن لا داعي لهلع الشراء والتجهيزات المبالغ فيها قبل رمضان أو خلال أسابيعه، كما لو كانت الحياة ستقف وقت الصيام. يكفي فقط شراء أساسيات الطعام كأي شهر، فيمكن التأكد من توفر المواد الجافة حسب عدد أفراد الأسرة وحجم الاستهلاك، كالأرز والمكرونة، والبقوليات كاللوبيا والفاصوليا البيضاء، مع عدم نسيان توفر التوابل والملح والبيض في البيت، إذ قد تنسى سيدة المنزل في خضم الانغماس في التجهيزات تفاصيل صغيرة كالتوابل، والتي بإمكانها إعاقة استكمال الطبخة.

 

التفريز

قد يصاب البعض بهوس التفريز لرمضان، بما يجعل التعامل مع رمضان عبئًا على سيدة المنزل، وهو ما لا داعي له، فيكفي فقط تفريز ٢ كيلو من اللحم المفروم لتقسيمها وتشكيلها بين برجر وكفتة، وحفظها في أطباق مغلفة كوجبات سريعة منقذة، وربما يفيد أيضًا تفريز بعض أكياس الصلصة، وأكياس الخضار الفريش بعد تنظيفها وتقطيعها، كالبامية أو الفاصوليا أو البسلة، بكميات بسيطة كأساسيات تنقذ عند ضيق الوقت، وقد ينقذ أيضًا هرس كمية من الثوم ووضع بعض الزيت عليه وتفريزه للمساعدة في إعداد بعض الطبخات، مع عدم نسيان تزويد الفريزر أسبوعيًا باحتياطي من اللبن والعيش، أما تجهيز وجبات كاملة وتفريزها للتسخين فقط فلا داعي له.

 تعرفي على: أهم 15 كتاب من كتب الطبخ

الفول والبلح.. الصديقان الوفيان لرمضان:

يعرف الفول بأنه “أسمنت المعدة”، نظرًا لاستهلاكه وقتًا طويلاً في المعدة لهضمه، ما يجعله وجبة سحور أساسية في معظم البيوت، وبالتالي فإن تدميسه في البيت أوفر وصحي أكثر، فيمكن تدميس نصف كيلو أو كيلو مع بداية الشهر، حسب عدد أفراد الأسرة واستهلاكهم، والاحتفاظ به في الثلاجة في علبة حفظ طعام، والسحب منها كل يوم، مع إعادة التدميس عند الحاجة.

 

أما البلح الناشف والذي يُعد منه كوب الخشاف الشهي، فقد يساعد ربة المنزل أن تكسر كمية منه وتستخرج منها النوى وتحتفظ بها في درج الثلاجة، والسحب منها كل يوم لتجهيز الخشاف عند الاستيقاظ، لتنقع في المياه مباشرة دون الحاجة للتكسير واستخراج النوى في كل مرة.

 

لا داعي لهدر الطعام ولا إهدار المجهود:

تقع كثير من السيدات في فخ قضاء ساعات طويلة في المطبخ، لإعداد أصناف متعددة، يؤكل منها في النهاية كميات صغيرة، فتكون المحصلة إهدار وقت ومجهود، والأهم إهدار كميات كبيرة من الطعام لأنها أزيد من الحاجة. يكفي فقط صنفان أساسيان في حالة العزائم إن كانت سيدة المنزل لا تعرف تفضيلات الضيوف، فمثلاً من لا يحب اللحوم يمكنه وقتها تناول الدجاج، أما بخلاف العزائم فصنف واحد مع سلطة وشوربة كافٍ للغاية.

 

في حالة وجود فائض من الطعام لليوم التالي يمكن حينها إعداد صنف من الحلويات الرمضانية، بدلاً من إعداد طعام وإعداد حلويات في يوم واحد، مع الحرص على عدم قضاء أزيد من ساعتين في المطبخ، وتوفير وقت إعداد الطعام في تمضيته مع العائلة أو حتى للحصول على قسط من الراحة.

 

شهر الخير يحب الخير:

إن زادت كمية الطعام عن حاجة الأسرة كما في حالة العزومات، يمكن تجهيز أطباق فويل ووضع بعض الوجبات للضيوف عند انصرافهم، إن كانت درجة القرب منهم تسمح بتقبلهم لذلك دون حساسية أو إحراج، أو يمكن إمداد الفائض للمحتاجين.

 

الدليل الثمين في التعامل مع المواعين:

في حالة عدم توافر غسالة أطباق، فإن الأفضل غسل المواعين أولاً بأول في أثناء الطبخ، بحيث لا تتراكم أكوام المواعين في نهاية اليوم، أما بعد الإفطار فبدلاً من هلع سيدة المنزل لغسل الصحون أولاً لتتخلص من ذلك العبء المؤرق بسرعة، فالأهم قضاء بعض الوقت مع الأسرة، لأن الإنسان دومًا أهم من الأشياء، فتأخير غسل الأطباق لبعض الوقت لن يهد الكون، وإنما قد يكسبك لحظات دافئة مع أسرتك.

 

تنظيم الوقت القاعدة الذهبية لحصولك على راحة:

بعض التركيز في تنظيم الوقت وتوزيعه على المهام المطلوبة، قد يوفر وقتًا إضافيًا لحصولك على قسط من الراحة، بدلاً من تكديس المهام بشكل عشوائي في اليوم، وقد يساعد تدوين المهام في السيطرة على الوقت، المهم دومًا هو اختلاس بعض الوقت للحصول على غفوة في منتصف اليوم سواء قبل تجهيز الفطور، أو بعد الانتهاء من إعداده، حتى يتسنى لكِ تمضية وقت مع أسرتك، والعبادة بعد الفطور، مع ضرورة التدريب على التأكد قبل خروجك من المطبخ والتوجه للحصول على هذه الغفوة من إغلاق البوتاجاز وكل أجهزة المطبخ، التى قد تُنسى مع الصيام والإرهاق.

 

أما في حالة وجود أطفال صغيرة قد تحول دون السيطرة على الوقت والتحكم فيه، فإن تهوين الأمر على نفسك يساعدك على تجاوز الإحساس بالتعب في رمضان، وذلك بتذكير نفسك بالدور المهم الذي تبذلينه في إعداد أطفالك، وأن الله يكافئك عليه، كما أنها فترة مؤقتة مهما بدت لكِ طويلة وصعبة، فلا أسرع من مرور الأيام وتقدم الصغار سنًا.

 

شراء مستلزمات العيد قبل ازدحام الأسواق:

إن أمكن تدبير مصاريف مبكرًا لشراء مستلزمات العيد كملابس الأطفال، أو حتى بيچامة جديدة لكِ، فمن الأفضل أن يكون ذلك قبل رمضان، أو قبل منتصف رمضان، لتجنب الزحام الشديد في الأسواق من جهة، ولتجنب إرهاق الشراء مع الصيام من جهة أخرى، وأيضًا لتوفير ذلك الوقت للعبادات.

 

وإن كنتِ ممن يفضلن صنع كعك وبسكويت العيد بدلاً من شرائه، فمن الأفضل الانتهاء من ذلك قبل حلول العشر الأواخر استثمارًا للوقت في الروحانيات والعبادة، ولا تنسي تزويد كمية بسيطة يمكن للأسرة الأكل منها خلال هذه الفترة، حتى لا تفاجئين بانتهاء ما صنعتِ قبل العيد.

انتهت جلسة دردشتي مع أمي، وأنا أنظر إليها نظرة إعجاب “الصبي بالمِعلم”، خصوصًا أنها كانت تسديني تلك النصائح بانسيابية، كما لو كانت تتحدث في بديهيات لا تحتاج إلى تفكير أو ترتيبات، فاطمأن قلبي إلى أنه يومًا ما سيصبح الصبي “مِعلم” ويتحدث مثلها ببراعة العالم ببواطن الأمور، أو كمدير فني يُلقِّن لاعبيه الخطة بثقة شديدة في الفوز.
رمضان كريم يا ماما.

 

أسرار أمي الذكية في شؤون المنزل الرمضانية

 

المقالة السابقةإليك قائمة مشتريات رمضان للبيت والمطبخ، من السوبر ماركت ومحلات المواد الغذائية
المقالة القادمةسيدة النباتات 1: أمور تعلمتها من رحلتي مع النباتات المنزلية

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا