مغامراتي في المطبخ وسرّ الخلطة

981

"الإبداع في الطبيخ محتاج لـشجاعة.. لازم تبقى مبتكر وقلبك جامد.. لازم تجرب حاجات ممكن متنفعش.. ومتسمحش لأي حد يحجّمك
ويتحجج بأصلك وفصلك.. روحك هي اللي بتلهمك.. ده مش تهريج.. أي حد ممكن يطبخ.. بس اللي قلبه جامد بس هو اللي هيبقى
عظيم".. أوغست غوستو: فيلم الفأر الطباخ Ratatouille.

بنفس حماس الشيف أوغستو في الكلام عن الطبيخ.. دخلت المطبخ لأول مرّة في حياتي عشان أقوم بطبخ وجبة كاملة من أولها لآخرها.

أنا لازم أعترف إني مبعرفش أطبخ نهائي، علاقتي بالمطبخ طول عمري من بعيد لبعيد بأوامر ماما، وده مكانش سرّ على خطيبي اللي
أصبح زوجي، واتفقنا إني هاتعلم واحدة واحدة بعد الجواز.
وبدأت المغامرات.. الأيام عدت هوا.. وأصبحت في مواجهة حقيقية مع المطبخ والأطباق والسكاكين والخضار واللحمة والفراخ.

بس عارفين حاجة؟ بُعدي عن عالم المطبخ ممنعنيش إني أحبه.. حبيته من نَفَس ماما في الأكل وأفلام الكارتون، وتحديدًا فيلم الفار
الطباخ، أنا بحب المطبخ وبحب أجرّب وصفات الأكل، بعشق لخبطة الحاجات على بعضها عشان تطلع طعم لذيذ.. لكن في نفس الوقت
أنا بني آدمة معدتي تماثل معدة العصفورة تمامًا.. أكلي على أدّه مهما كان الأكل لذيذ.

نرجع للمطبخ.. فاكرين الاتفاق الجميل بتاع هتعلم واحدة واحدة بعد الجواز؟ المفاجأة بالنسبة لي كانت في طلب عمرو ليّ لأول يوم
مطبخ، وهو أول يوم العيد الكبير.. لمّا سألته بحسن نية، تحب تاكل إيه يا حبيبي وقالي: بط وفتة!
– لأ ثانية واحدة كده.. بط؟! إحنا متفقناش على بط!
– آه يا حبيبتي دي سهلة خالص، كأنك بتعملي فراخ.

 

ولقيتني في مأزق يا جماعة.. أنا كنت بسأل وكلي ثقة إنه هيطلب فتة ولحمة عادي يعني.. كنت واخدة الوصفة من ماما قبلها بيوم والحياة
لذيذة.. بس موضوع البط فاجئني.. وبصراحة هو ساعدني بشوية معلومات وكتير من الصبر والتشجيع.

تعرفي على: استخدامات الميكرويف: 14 شيء لا توضع في الميكرويف

طبعًا قعدت أنا والبطة نتفاهم شوية في المطبخ، في لحظة من اللحظات كنت بكلمها بجد ونفسي ترد عليّ تقولي بتطبخ إزاي.. مكانش
عندي أي اختيار بالمناسبة إني أسأل حد، والإنترنت كان فاصل، وتخيلت إن البطة من كُتر ما صعبت عليها هتقوم تتطبخ لوحدها.

بدأت أسترجع فلاش باك من مشاهد ماما في المطبخ، وسلقت البطة بعد مرور ساعة كاملة من التفكير، البطة لأن حجمها أكبر من حجم
أكبر حلة عندي، استوت في 3 ساعات ونص (سلق فقط)، بعد كده طبًعا عرفت إن كان ممكن أقطعها.

وجات مرحلة الفتة، باختصار كان فيه 3 محاولات لعمل الرز.. المحاولة التالتة هي اللي نجحت.. مرّة كان معجن جدًا زي الرز بلبن
ومرة كان ناشف جدًا زي شعر السنجاب.. وفي تالت مرة رقصنا فعليًا في المطبخ لمّا المحاولة نجحت الحمد لله.

وبدأت مرحلة تقطيع البطة وتحميرها.. واللي أصبت فيها بجرح عميق بالسكينة، لكن البطة كانت تستاهل يا جماعة.. في النهاية لقد تمت
الطبخة في 6 ساعات، صورناها صور السنين وقعدنا نرقص ونلف حواليها.. والغربية كان طعمها حلو أوي.. بس الأحلي منها كان
تعبير وش عمرو وهو بيدوق الأكل، مزيج من الاندهاش والاستطعام وحاجات حلوة كده.. خلّتني أثق في نفسي إني أقدر أطبخ.

في المرات اللي بعدها طبخت حاجات كتير، كانت عك في أولها وظبطت في آخرها.. هسيبكم تتخيلو شوربة لسان العصفور الغرقانة في
الزيت، أو مثلاً المكرونة إللي استوت نص ونص لأ.. وإفيه اللمبي الشهير (ده بايني دبحت قبل ما أسلخ).. بس مع كده كنت مصممة إن
المرات الجاية هتظبط، وقد كان.

صينية بطاطس، مكرونة بالبطاطس وفراخ في الفرن، مسقعة وأرانب وكبدة إسكندراني.. أكلات طلعت حلوة جدًا، مع تلال من المواعين
أكيد.. وإصابات زي الحروق والخدوش لإيدي. لكني بعتبرها ضريبة الأكلة الحلوة.

في النهاية نقدر نقول إني حبيت المطبخ وبقينا أصحاب، وبدأت أسأل وأقرا أكتر عن الأكل والوصفات.. وشوية شوية بتعلم والأكلات
بتتحسن.

لو إنتي زييّ في سنة أولى مطبخ، أرجوكي متخافيش، جمّدي قلبك وجرّبي واعملي بنصيحة الشيف أوغستو.. حبّي المطبخ وخليه
شبهك.. أنا قررت أجيب مريلة أميرات ديزني، وأختي لوّنتلي حيطان المطبخ بألوان قوس قزح وعلقت فيه كل حاجة بحبها من فواكه
وصور ولعب.

عايزة أقولكم حاجة أخيرة.. كل حاجة في الدنيا بنعملها بحب وشغف وتشجيع بتطلع حلوة، والعكس صحيح، عشان كده قالوا "الطبخ
نَفَس" طاقة الحب اللي جوانا بتتخلط مع مكونات الطبخة، بتظبط مقاديرها بالمللي حتى لو مش مظبوطة أوي، وبتخلي نكهتها تجنن
وشكلها رائع عشان عاملينها بحب ومزاج.. وده فعلاً سرّ الخلطة.

المقالة السابقةتحذيرات من هوس الجمال
المقالة القادمةفي أوروبا والدول المتقدمة.. بيغيّروا لعيالهم
كاتبة وصحفية مصرية

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا