مطبات الحب السبعة

2074

كتبت-انجى الطوخي:

يا حبيبي الهوى مشاوير.. قصص الهوى مثل العصافير.. لا تحزن يا حبيبي إذا طارت العصافير“.

بهذه الكلمات تطل فيروز وصوتها الملائكي الدافئ كلما سمعت عن قصة حب لم تكتمل، بنعومة تفرد لنفسها مساحة وسط تفاصيل الحكاية في رأسي. ففي الأغنية تخبر فيروز حبيبها بنوع من الشجن والحكمة -نادرًا ما تتحلى الأنثى بها في حبها- أن قصص الحب تنتهي أحيانًا بسهولة غير متوقعة، فعليه ألا يحزن إذا انتهت قصتهما، لأنه سيكون بسبب عدم قدرته على الحفاظ عليها.

 

والحكمة التي ذكرتها فيروز تبدو واقعية جدًا، فأسباب فشل قصص الحب لا تُعد ولا تُحصى، بعضها يعود إلى طبيعة الإنسان نفسه وتخاذله في حبه، وبعضها يعود إلى عدم وعي بأسس الحب السليم وأساليب الحفاظ عليه. فالحب لم يعد مشاعر مجردة بل علم يدُرَّس وتوضع فيه النظريات.

 

وبحسب تلك النظريات، هناك سبعة مطبات تواجه أي قصة حب، يجب أن يحرص أبطالها على تجاوزها، وإلا باء حبهما بالفشل.. وأول المطبات هو:

 

1- الفريند زون.. أنا بحبك زي أخويا

“أحببتها أكثر من 10 سنوات، كنا نفعل كل شيء معًا، نفهم بعضنا بدون أي كلمات، لنا نفس الدائرة المشتركة من الأصدقاء والعمل والأنشطة، حتى صرنا شخصًا واحدًا تقريبًا، وفي النهاية أخبرتني أنني فقط صديق، وتزوجت آخر. والنتيجة أنني صرت شخصًا بائسًا غير قادر على الحب مرة أخرى.. فأنا لا أرى غيرها”.. عمرو.

 

هي العلاقة الرمادية اللون، فلا هي حب حقيقي ولا هي صداقة كاملة، يجعل فيها الإنسان قلبه ومشاعره متاحين دومًا للطرف الآخر، باعتباره في أحد الأيام سيشعر به ويبادله الحب، بينما الطرف الآخر يستغل الأمر لصالحه، فلا يتورط في الاعتراف بمشاعره الحقيقية، سواء كانت بالسلب أو الإيجاب.

 

وتتميز العلاقة بوجود ضلع واحد للحب، هو الحميمية، أي فهم الطرفين بعضهم لبعض فكريًا أو نفسيًا، ووجود الدعم والمشاركة والتعاطف في علاقتهما بشكل سلس وآلي وبدون وعي منهما. بالإضافة إلى التجارب المشتركة التي تجعلهما أكثر قربًا. ولكن يغيب عن تلك العلاقة ضلعان أساسيان لاستمرار الحب، هما الالتزام من كلا الطرفين: أي رغبة الطرفين في الاستمرار معًا، وإعلانهما لذلك بشكل رسمي. ومشاعر العاطفة: وهو حب بحسب علم النفس يطلٌق عليه اسم الميل.

 

2- الحب من طرف واحد.. خلف الدهشوري وعبلة

“في الكلية كنت أتعامل معه بشكل يومي، أحببته لدرجة لا يمكن تخيلها، كان بالنسبة لي الدنيا وما فيها، ولكني لم أستطع إخباره حياءً مني، كما خفت ألا أكون في مستوى توقعاته، فلم يظهر حبي حتى في تعبيرات وجهي البسيطة، وبعد التخرج ظللت أعاني، فلم أستطع الدخول في علاقة حب أو زواج”.. سلمى.

 

هو أسوأ أنواع المطبات التي قد يواجهها المرء، فالإنسان قد يشعر بالعاطفة تجاه شخص آخر، ولكن غير قادر على التصريح أو التلميح بذلك. وسبب فشل هذا الحب في الغالب هو الخوف. وهو حب يهيأ للمرء اكتمال أضلاعه سواء في المشاعر العاطفية وفي الأرضية المشتركة من الحوار والتفاهم، والضلع الناقص فقط هو الالتزام. ولكن ذلك غير صحيح، لأنه حب لم يبدأ من الأساس، أو بمعنى آخر “لا حب”.

 

3- الحب القائم على الواجب الاجتماعي

“فضلت عايشة معاه أكثر من 35 سنة، علاقتنا كانت حلوة في البداية، تقريبًا الكل بيدعي إنهم يكونوا مثلنا، لكن بعد فترة بدأت المشاكل تزيد يوم ورا التاني، والحب اللي بينا اختفى، ومعاه الكلام والحكايات، وفضل بس وجودنا سوا بحكم الواجب والأولاد والشكل الاجتماعي. وحاليًا بفكر في الانفصال بس بعد زواج أولادي”.. هويدا.

 

هو الحب الذي فقد أهم أضلاعه، المشاعر الدافئة بين الطرفين، ولغة حوار مشتركة بين الطرفين، والمقصود بلغة حوار مشتركة أن يفهم الطرفان بعضهما بعض بشكل تلقائي، فتصبح العلاقة مستمرة فقط بفعل رابط الالتزام والواجب.

 

4- الحب من أول نظرة.. بحبه يا بوي:

“من أول مرة شُفته حبيته، أعجبت بملامحه، طريقة كلامه اللذيذة، حركة إيده في جيبه اللي بتحسسني برجولته، بس للأسف الموضوع مكتملش، لأن مكانش فيه التزام من ناحيته، ده غير إننا مكناش متفاهمين قوي”.. ريهام.

 

لا يُعد حبًّا بل افتتانًا، فمشاعرنا العاطفية هي التي تغلب على تفكيرنا، فنركز على الشكل الخارجي والانجذاب الحسي مع الطرف الآخر دون التفكير فيما يجمعنا به من عوامل مشتركة، وتغيب عن تلك العاطفة أهم أسس علاقات الحب الناجحة من التفاهم المشترك بين الحبيبين، أو ما يطلق عليه علماء النفس “الحميمية”، وكذلك الالتزام، أي اتفاق الشريكين على الاستمرار معًا.

 

5- حب الرفقة..عندما غنت أصالة أنا صاحبك أنا عقلك وتفكيره“:

“حبيته أكتر من 5 سنين، هو بحسب كلامه كان بيحبني، مش عارفة إيه اللي خلانا منكملش! بالرغم إننا مشتركين في حاجات كتير سواء العلم، الثقافة، الشغل، الهوايات، بنقدر نحكي مع بعض بالساعات من غير ملل ولا زهق، وكنا فاهمين بعض كويس جدًا”.. هبة.

 

في حب “الرفقة” قد نقابل شخصيات نتفاهم معها بسهولة، ونجد الكثير من النقاط المشتركة بيننا، ونحن نحب وجود هؤلاء الأشخاص في حياتنا وما يقدمونه من دعم فكري ونفسي لنا، ولكنه في النهاية لا يعد حبًا حقيقيًا، لأنه يغيب عنه الضلعان الآخران: العاطفة والالتزام.

 

6- الحب الرومانسي.. روميو وجولييت:

“علاقة حبنا مجنونة جدًا، دايمًا بحس بالحماس معاه، وهو كمان بيأكدلي إنه بيكون في قمة سعادته ونشاطه، فاهمني وأنا فاهماه، حتى شغلنا في مجال الفن سوا نقعد نرغي فيه بالساعات، إلى جانب إن فيه تفاهم جسدي ما بينا عالي، تبقى المشكلة الوحيدة، إن مفيش التزام من ناحيته، يعني لغاية دلوقتي مش قادر ياخد خطوة الارتباط الرسمي”.. ثراء.

 

هو أكثر أنواع الحب إيلامًا لكلا طرفيه، فمن جانب يتميز هذا الحب بالكثير من العاطفة الناضجة المتأججة، والكثير من التفاهم والاحتواء بين طرفيه، حتى ليشعرا كأنهما شخص واحد جسديًا ونفسيًا، ولكن ينقصه ما يجعله قادرًا على الاستمرار، وهو ضلع الالتزام.

 

7- الحب الساذج

“انفصلنا بعد عامين ونصف من الزواج، أحببته، وبمجرد ما صرح بحبه قررنا الزواج، ولكن بعد تلاشي نشوة الحب، ظهرت الحقيقة، هو أنه لا يفهمني ولا أنا أفهمه، أفكاره عن منظومة الزواج والحب وحتى رؤيته لدور المرأة في الحياة مختلف تمامًا عن أفكاري. حاولت في البداية أن أتأقلم على طريقة حياته، ولكنني لم أستطع، أما هو فلم يحاول حتى تفهم ذلك الاختلاف أو تقبُّله. والحقيقة أن ذلك خطأنا المشترك، فنحن اعتمدنا على مشاعر الحب فقط في ارتباطنا ونسينا أهم شيء، وهو وجود تفهم واحتواء ورؤية مشتركة لشكل حياتنا ومستقبلنا، والآن أنا مطلقة ومعي طفل”.. نورا.

 

يوصف هذا الحب بالسذاجة، لأن طرفيه قررا الالتزام، أي الاستمرار معًا معتمدين على مشاعر العاطفة، دون أن يكون هناك إدراك بأن تلك المشاعر يومًا ما ستخبو، وأنه لا بد أن يكون هناك ضلع التفاهم والود والمشاركة في العلاقة لكي يسندها إن غاب الحب، لذا فمصير ذلك الحب في الغالب هو الفشل.

***

الحب من جوائز الحياة، وهبة الخالق للإنسان التي تهون مشاق رحلته في الدنيا، لذا احرص على أن ينبض قلبك بالحب كما قال جلال الدين الرومي: “لا تكن بلا حُبّ، كي لا تشعر بأنّك ميت.. مُت في الحب وابق حيًا للأبد”.

 

المصادر:
https://jensaneya.org/%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%A8-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D9%8A%D9%85%D9%8A%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%A8-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D9%8A%D9%85/%D9%86%D8%B8%D8%B1%D9%8A-%D9%85%D8%AB%D9%84%D8%AB-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%A8

 

https://psycnet.apa.org/record/1986-21992-001

الحب لم يعد مشاعر مجردة بل علم يدُرَّس توضع فيه النظريات

 

المقالة السابقةما هي علامات الولادة، وشروطها؟ تجربة الولادة الطبيعية بالتفصيل الممل
المقالة القادمةتذكرة رحيل
كاتبة وصحفية مصرية

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا