متضايقة ومتضايقة إني متضايقة!

1265

هل قلتِ لنفسك هذه الكلمات أو ما معناها من قبل؟ لقد قلتها لنفسي وسمعتها من كثيرين.. 

 

لا أحد يحب أن يشعر بالإحباط، أو الذنب..إلخ، لكن المشاعر السلبية جزء من تركيبنا النفسي. وعلى الرغم من نفورنا منها فإن لها فوائد! فما هي؟

 

** هي طرف الخيط الذي نستطيع بتتبعه أن نفهم الكثير عن أنفسنا، ونكتشف أفكارنا عن الناس والحياة، لأن مشاعرنا ناتجة عن أفكارنا، هذه الأفكار قد تكون سليمة أو مغلوطة، وبتتبع مشاعرنا نكتشف أفكارنا ونصححها.

 

** تدفعنا إلى الوقوف مع أنفسنا وتقييم خبراتنا أكثر مما تفعل المشاعر الإيجابية، مما يساعدنا على اكتشاف أخطائنا وتصحيح مسارنا وتطوير أنفسنا.

 

إن مواجهة مشاعرنا لن تجعلها تختفي في غمضة عين، ولكنها على الأقل ستخفف حدتها في الحال أو تدريجياً، وهذه الفوائد نجنيها لو تدربنا على إدراك مشاعرنا والتعبير عنها. 

 

أما لو كبتناها فستتحكم فينا وتدفعنا إلى تصرفات نندم عليها، سنفقد حماسنا وقدرتنا على الفرحة فتصبح الحياة باهتة ماسخة لا لون لها ولا طعم وربما أصبنا بالاكتئاب، سنتجه إلى إدمان الإنترنت أو الشراء أو العمل أو المخدرات أو الجنس..إلخ، لنهرب من هذه المشاعر، ستتأثر علاقاتنا بالآخرين نتيجة لتصرفاتنا غير المحسوبة وتقلباتنا المزاجية وتقصيرنا في حقوقهم، ستتأثر أجسادنا كذلك فنشعر بالإرهاق والصداع ونصاب بالأمراض.

لماذا إذن نكبت مشاعرنا ولا نواجهها؟

 

**ربما بسبب سعينا إلى الكمال واعتقادنا أننا يجب أن نظل دائماً في أفضل حال.. 

 

**أو خوفنا من مواجهة أنفسنا..

 

**أو اعتقادنا أنها ستتلاشى بتجاهلها وتتضخم بإقرارنا بها.. 

 

**أو اعتقادنا أن ذلك يتنافى مع قوة الإيمان وقوة الشخصية..

 

ولكن ألم يكن الأنبياء أنفسهم يحزنون ويغضبون؟ إن المؤمن والقوي هو من يستطيع إدراك مشاعره السلبية وإدراتها بالشكل السليم، فالشجاع ليس من لا يخاف بل من يتغلب على خوفه، والمؤمن ليس من لا يغضب بل من يدير غضبه..

 

ليس من لا يحزن بل من يرضى. إن هروبنا من مواجهة مشاعرنا السلبية واعتقادنا أنها بذلك ستختفي يجعلنا نشبه النعامة التي تدفن رأسها في الرمال تحتمي بذلك من الخطر! المواجهة ليست سهلة أعلم ذلك ولكننا في الحقيقة نبذل في تجنب الألم طاقة أكبر بكثير من تلك التي نبذلها في مواجهته. الأمر يحتاج إلى تدريب، وتدريجيا يصبح أسهل حتى لا نعود نشعر بالراحة إلا بالصدق مع أنفسنا. 

 

اسألي نفسك “أنا حاسة بإيه؟ وليه؟” مرة كل يوم أو كلما شعرتِ بتغير في مزاجك.

 

يقول جلال الدين الرومي: “أعتقد أنها تذكرة جيدة أن نتقبل ونحتضن أي مشاعر نحس بها، وأن نقدر أنها موجودة لسبب. عندما نتقبل  مشاعرنا السلبية يمكنها أن تتحرك داخلنا بل وربما تعلمنا شيئاً. إنني أجد إحساساً بالسلام والحرية عندما أتذكر أن أمارس هذا القبول”

المقالة السابقةرمضان جالك؟!
المقالة القادمةكيف تتعاملين مع مشاعرك السلبية؟

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا