لماذا من الرائع أن يكون طفلك عنيدًا؟

681

بسنت

 

تبكي طفلتي الصغيرة رغبة في الحصول على أداة من أدوات المطبخ، أخبرها برفق أنها ستؤذي نفسها، وأحاول أن أشتت انتباهها بعيدًا
وأعطيها بديلاً يُليهها قليلاً، تمرّ ساعة، واثنتان،  وأربع ساعات كاملة، ولكنها لا تنسى ولا تقل رغبتها في الحصول على الأداة، أسميها
عنيدة.. وتخبرني المواقف لاحقًا أنها طفلة قوية، ترغب في مزيد من التقدير والحديث والإقناع.

يا لها من فكرة مهلكة للعقل والنفس! أنني سأبدأ الحديث بالمنطق والإقناع مع صغيرة لا تتجاوز العامين، ولكن هذا فقط ما يأتي بنتيجة
معها. لا تلتفت طفلتي للصراخ أو العقاب أو المساومات، عندما تصر على الوصول لشيء أو فعل أمر ما، لا يردعها أحد سوى بالهدوء
والتبرير والتجربة. تفرض احترامها على الجميع وكأنها فتاة كبيرة بالفعل، تشجع نفسها بنفسها دائمًا دون أن يفعل أحد. تفعل الشيء
وتنظر في عيني، إذا كان خاطئًا أو صوابًا، وكأنها تقول "أنا فعلت وسأتحمل نتيجة ما فعلت".

في الحقيقة، عندما تيقنت مع مرور الوقت أن طفلتي بداخلها بُرعم العناد حزنت، وتمنيت لو أنها كانت طفلة مطيعة لينة سهلة التعامل
والإقناع. ولكن في كل مرّة تفاجئني شخصيتها بتصرف رائع؛ كنت أغير رأيي تدريجيًا، وأبحث عبر مواقع الإنترنت لأتعرف أكثر على
سلوكها وكيف أتعامل معه، وفي صباح أحد الأيام، ابتسمت من كل قلبي لأنني فهمت وعرفت جيدًا أنني محظوظة بطفلتي، وتأكدت أن
صغيرتي العنيدة كنز.

تقول الدراسات الحديثة عن شخصيات الأطفال الصغار، إن الأطفال الذين تبرز لديهم سمات العناد والإصرار والجدال منذ الصغر، هم
أطفال محظوظون ومشروع شخصيات قيادية ناجحة على كل المستويات، علميًا وعمليًا وشخصيًا.

إذا كان طفلك عنيدًا وعصبيًا ويصر على رأيه بشدة فلا يقتنع بسهولة، ويكرر نفس الفعل حتى يصل لنتيجة ترضيه، فهو من هذه
الشخصيات "السوبر" كما يُطلق عليهم خبراء التربية.
هؤلاء الأطفال عادة لا ينساقون وراء أصدقاء السوء في مرحلة المراهقة، وهم الأكثر قدرة على اتخاذ القرارات الصحيحة لاحقًا، ولا
يُقدِمون على فعل دون حساب عواقبه، وسيكبرون لديهم شخصية قوية مستقلة. لا يستسلمون بسهولة للفشل والإحباط.

أيضًا هم شخصيات حماسية للغاية ولا ينضب نهر إبداعهم وخيالهم، لديهم دائمًا لكل مشكلة حل وإن لم يجدوا سيبتكرون الحلول.
طفلك العنيد، سيأخذ خطواته الأولى أسرع من أقرانه، وسينطق كلماته الأولى أبكر ممن في مثل عمره، وسيتعامل مع البيئة المحيطة به
بوعي ناتج عن التجربة ومعرفة النتائج، عادة ستجدينه قائد مجموعته في مراحل الدراسة المبكرة، ولا تتوقعي أن يعاني من رهاب
المدرسة أو الحضانة أو الأشخاص بشكل عام، هو طفل اجتماعي من الطراز الأول.

كل ما سبق ينبئ بطفل رائع، ولكن يمكن أن ينقلب كل ذلك للعكس، إذا لم يُحسن الأب والأم تربية الطفل العنيد.

الصراخ والضرب والإهانة والإجبار والقهر، يخلق من الطفل العنيد شخصية عنيفة ومندفعة وصعبة الطباع، يحوله لشخص متمرد
ومتنمر وسيئ السلوك، انطوائي ليس لديه مهارات اجتماعية.
الاحترام والتقدير والصبر ثم الصبر ثم الصبر وضبط النفس، هي مفتاح التعامل مع شخصية طفلك العنيد، لتصنعي منه شخصًا رائعًا
وناجحًا ومتزنًا نفسيًا.

استمعي لطفلك العنيد عندما يتحدث بالمنطق والجدال، تحدثي معه، وحاولي أن تصلي لنقطة اتفاق، ثقي أنه كلما كبر بهذه الطريقة
ستبهرك شخصيته لاحقًا، وربما تلجئين له في حل مشكلاتك أو على الأقل في إيجاد حلول مبتكرة سريعة لها.
احتوي عناد طفلك بالاحتضان والقبلات، ليس بالصراخ أو الضرب، الأطفال يشعرون بكل شيء ويتأثرون بكل فعل وكلمة منذ لحظة
الولادة، لا تتخيلي أبدًا أن طفلك الصغير لا يشعر بما تقولين ولا ينعكس عليه مشاعرك وردَّات أفعالك.

أعلم جيدًا أن الجدال والحديث مع طفل في حجم عقلة إصبع ليس بالأمر المحبب أو المريح، لأم يقع على عاتقها مسؤوليات كبيرة وكثيرة
يوميًا، ولكن اسألي نفسك سؤالاً واحدًا فقط في كل مرّة تنزلين لمستوى نظر طفلك وتحتوين عناده دون صراخ وتأفف، هل أنا أربي طفلاً
خاضعًا ومطيعًا لأرتاح فقط الآن، ولكن سينعكس ذلك سلبًا عليه لاحقًا، أم أؤسس مستقبل طفل وشاب لديه شخصية قيادية متزنة وناجحة
على كل المستويات؟ إجابتك ستحسم طريقة تربيتك

المقالة السابقةفيلم Ballerina.. شاهدوه وستنبت لأحلامكم أجنحة
المقالة القادمةVisioneers عشرة آلاف سبب للسعادة
كاتبة وصحفية مصرية

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا