للعلاقات الشخصية تاريخ صلاحية أيضًا

1757

بسنت

ماذا يحدث لكِ بعد تناول وجبة منتهية الصلاحية؟ الشعور بالإعياء، وفقدان الشهية، والإصابة بالحمى، والألم والقشعريرة وربما التسمم،
لا قدَّر الله.

نفس الأعراض تحدث لكِ عند الاستمرار في علاقة شخصية منتهية الصلاحية، يخبرك جسدك وعقلك يوميًا بضرورة الابتعاد وإنهاء هذه
العلاقة المنهكة والمهلكة لروحك قبل جسدك، ولكن لأن مرآة الحب عمياء، تغمضين عينيكِ عن قصد عن هذه الأعراض، تتمادين في
الضغط على روحك المُرهقة بالفعل.. حتى تصلي لنقطة الانفجار.

"وجع الروح ملوش آخر".
هكذا بدأت صديقتي حديثها معي، ألمس وجعها وأكاد أشعر به تمامًا، أتساءل لماذا يصمم الآخرون على إنهاك روحنا لهذا الحد؟ لماذا
يختبر الطرف الآخر قدرتنا على التحمل بهذا الغباء والعناد؟
تخبرني صديقتي بأوجاع قلبها النقي نتيجة علاقة منتهية الصلاحية منذ البدء؛ ينخلع قلبي بوجع مضاعف، وجعي لأنني أتفهمها كصديقة
ووجع آخر كأم.
الوجع يدق باب القلب متي شاء، ولكنه يدق جدران الروح ألف مرة حتى تنهار تمامًا.

وبالرغم من أنني هنا بجانبها، كنت أخبرها كل عبارات الأمهات والأصدقاء، كانت لا تلقي لها بالاً. لا أعلم تحديدًا كيف يمكنني مساعدتها
سوى بالاحتضان والطبطبة، حتى يزول الوجع دون علامات في الروح.

لماذا يطال الوجع الفتيات الطيبات دائمًا؟ عجزت عن إجابة هذا السؤال، عجزت حتى عن البكاء، كل ما كان داخلي هو غضب لا حدود
له، غضب لا يهدأ، لأنهن بالفعل طيبات، ولأن الوجع ما زال يتربص بهن في كل علاقة منتهية الصلاحية.

تاريخ انتهاء الصلاحية
كيف تعرفين أن علاقتك انتهت صلاحيتها وعليكِ التخلص منها تمامًا الآن؟
عندما تدركين أنكِ أصبحت الشخص الأقل أهمية في العلاقة، أنتِ من تبذلين مجهودًا مضاعفًا للحفاظ على علاقتك دون أي مجهود من
الطرف الآخر.
حياتك الشخصية والعملية والعلمية تتأثر بشدة وفقًا لمزاج الطرف الآخر، يضحك فتضحكين والعكس بالعكس.

متاحة دائمًا ومضمونة، مهما ابتعد الطرف الآخر أو خان، أو قرر أنه في مزاج لا يسمح بمحادثتك، أو مارس عنفًا لفظيًا أو جسديًا
تجاهك، يعود ويعلم أنكِ ستغفرين دائمًا.
أصبحتِ منعزلة عن العالم الآن، ربما تصابين بالاكتئاب وتفضلين الوحدة والصمت والبكاء بمفردك.

لم يعد هناك شيء حقيقي يسعدك وتمرّ الأيام متشابهة في عينيكِ، لم يعد لديكِ هوايات أو اهتمامات بخلاف إرضاء الطرف الآخر
والحديث معه، بمعنى أدق أدمنتِ وجود هذا الشخص بحياتك.
صحتك تتأثر بشكل كبير وكذلك مظهركِ الخارجي، ونظرتك تجاه نفسك. تشعرين وكأنكِ قليلة الحيلة، لا تعرفين كيفية التصرف دون
الطرف الآخر.

"انسحبي الآن.. اهربي فورًا".
أصبحت أردد هذه العبارة مؤخرًا بكثرة لصديقاتي اللاتي أراهن على مشارف علاقة منهِكة، ومهترئة ومنتهية الصلاحية. لماذا يحتملن
المراوغة والكذب والخيانة والأنانية؟
أرجوكِ اهربي.. لا تستمري في علاقة تستنزف طاقتك، وتطفئ لمعة عينيكِ وطموحك وحيويتك.. علاقة تذبلين فيها يوميًا مائة مرّة.

اهربي لعالمك الخاص، تذكري ما كنتِ عليه قبل أن تحولك علاقة شخصية لعروس ماريونت حزينة ومهملة. ماذا عن عملك وهواياتك
وأصدقائك وأهلك، ماذا عن اهتمامك بصحتك ومظهرك ومستقبلك؟
اجمعي مشاعرك الغاضبة وشحوب وجهك وبكاءك وضعفك في حقيبة سوداء كبيرة والقيها في أقرب سلة للمهملات.

نظفي قلبك وروحك جيدًا من بقايا ذكرياتهم المؤلمة، أخرجي كل ما في روحك من وجع وخذي نفسًا عميقًا وابدئي من جديد. لا تترددي
في الذهاب لطبيب نفسي إذا كانت هذه العلاقة تؤثر فيكِ وفي تصرفاتك بشكل خارج عن السيطرة. اطلبي المساعدة ولا تخجلي.

سدّي أذنيكِ عن الحجج والأعذار، اقطعي كل صلة ورابط يسحبك لهذه العلاقة مجددًا.
انظري في المرآة، هل هذه أنتِ التي تتمنيها؟ لماذا تقبلين بأن تكوني الشخص الأقل أهمية في أي علاقة؟

أعلم أن الأمر ليس بالسهل، ولكنه بالممكن، أنتِ في رهان واضح وصريح لا يحتمل الخسارة، إما أن تتخلصي من هذه العلاقة المؤذية
الآن أو تخسرين نفسك وروحك للأبد؟
أحدثكِ وأنا قد مررت بهذا النوع من العلاقات سابقًا، لم أدرك حينها أنها علاقة منتهية الصلاحية ولكنني أدركت أن خسارة روحي ليست
بالأمر المقبول، فعافرت كثيرًا لأستردها مرّة أخرى، أدركت أخيرًا أنني حين لا أُقدِّر نفسي حق قدرها، لن يفعل الآخرون.

المقالة السابقةلا لم يفت الأوان
المقالة القادمةلنعالج الإدمان وكرب ما بعد الصدمة بالرقص
كاتبة وصحفية مصرية

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا