لقد اقتربت الثلاثون

1080

 

بقلم/ وجدان جمال الدين

 

إنها تقترب.. تقترب.. تقترب.. وحسبي الله ونعم الوكيل  فيك يا فخري!

عيدي الثلاثون“.

ببساطة كده هودع العشرينات. لقد اشتعل الرأس شيبًا، حتى لو لم يظهر للناس، لكني بالفعل اقتربت جدًا من عبور تلك البوابة، بوابة الثلاثين.

 

ترى ما هو العالم الذي يجب أن أعتد من أجله؟ هل أترك ضفائري وأُنحِّي طفولتي، أم أتمسك بهما وبمراهقتي وطموحي؟

لقد أصبحت أمًا.. إنه شعور غريب وجميل يصعب الاستغناء عنه، رغم أني أحيانًا أثور وأصرخ، لكنني سرعان ما أنظر إلى صغيرتي النائمة ذات العامين ونصف وأقول لنفسي يا لكِ من حمقاء! كيف لكِ أن تعنفي  هذا الملاك الصغير، لمجرد أن كل جريمتها في الحياة أنها تستكشف وأنها ابنتي.

 

أثور لأنني أشعر بالضغط أحيانًا وبالوحدة كالعادة، ولكنه حملي أنا، ثقلي أنا وحدي، أنا أعيش معها بمفردي لظروف عمل أبيها، أنا أُعلِّمها.. أوجهها.. أرشدها. هي الونس والأخت والصديقة التي طالما أفنيت عمري بحثًا عنها.

أصعد بها للسماء تارة وأخرى أهوي بها للأرض.

تعرفي على: قصة فيلم بشتري راجل بطولة نيللي كريم

أكره الخروج وحدي بشدة، لكنني مجبرة كي أبتاع احتياجات البيت والصغيرة، حتى احتياجاتي أنا لم أعد أفكر فيها. لقد أخذت أشعر أن الشيب بات أمرًا لا مفر منه، وأن العظام تحللت  بفعل عوامل التعرية من حمل وولادة ورضاعة.

جسدي يرفض التعديلات الجديدة ويعلن احتجاجه في صورة آلام متفرقة، بلا جدوي ولا دواء. لقد امتصت صغيرتي باقي مخزون الكالسيوم لديَّ، وها أنا.. امرأة بلا عظام.

 

أكره الخروج بشدة، نظرات الناس إلينا غريبة تبدو غائرة زجاجية تطمع فيما ليس لها، أكره الجلوس وحدي في بلدة غريبة، أنا وطفلتي يؤنسنا ذلك البرنامج الممل أو المسلسل البطيء أو المذيع اللزج السمج، وتؤنسنا اتصالات أمي وزوجي للاطمئنان.

 

أكره أن آكل بمفردي.. لقد سئمت الوحدة.. سئمتها بكل حواسي، وزهدتها. ولكنني أحيانًا أفضلها على تطفل الأغراب والأقارب.

أسأل نفسي: هل يأتي يوم وأبقى في وحدتي حتى الموت، أم أنني يومًا ما سوف أشعر بما تمل منه كل امرأة؟

 

“البيت، الدفء، الزوج، الأولاد”.

إنه مربع الأمان لدي.. مساحتي الشخصية ودائرتي التي لا أسمح لأحد أن يمسها أو يقترب منها من قريب أو بعيد.

 

في عيدي هذا وآخر عهدي بالعشرين، أتمنى لنفسي السلام والحكمة والطمأنينة، مثلما قالت بطلتي المفضلة نيللي كريم:

“السلام لكي أعيش فيه سالمة غانمة مكتفية بثلاثة أشخاص يمثلون لي مثلث الحياة أمي، زوجي، ابنتي”.

 

الحكمة لكي أعلم ما يدور حولي وأحافظ على تلك الموهبة التي حباني الله بها، وهي شفافية الروح، لأعلم من يحبني بصدق ومن يبرع في تمثيل ذلك.

الطمأنينة يا رب.. أريد أن أطمئن وأن أتخلى عن تلك  العادة السيئة لديَّ من القلق على أحبائي.

وأخيرًا وليس آخر.. أفتخر أنني سأصبح امرأة ثلاثينية، لأنني مقتنعة أن جمال المرأة ونضجها يأتي بعد الـ35 وربما الـ40 عامًا.

 

 

 

المقالة السابقةفرصة أخرى للإساءة
المقالة القادمةفرصة ثانية.. ثم قرار لا رجعة فيه
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا