كرباج ورا يا أسطى  

1553

 

كان يتبرع المارة بتنبيه سائق “الكارّتة” (عربة يجرها خيل) لأن هناك طفلًا يتعلق خلف “الكارتة” ليلهو قليلًا بتسلقها، بكلمة “كرباج ورا يا أسطى”، لينزل السياط عليه في لحظة خاطفة تفقده لهوه ومتعته بألم مبرح يسقطه في منتصف الطريق.

وأنا لا أختلف كثيرًا عن سائق “الكارتة”، فبدون تفكير أو إلقاء نظرة للخلف لأتحاور مع نفسي أنزل بسياط الذنب، أعاقبنى بشدة.. وأرحل.

فأنا لا أشعر بالرضا عن نفسى بسهولة، مهما بذلت من مجهود مضنٍ وأديت كامل فروضي تجاه من حولي ومن أتحمل مسؤوليتهم أو واجبي تجاه الحياة.

هناك دائمًا إحساس ثقيل يثقل مشاعري، يقض مضجعي ليلًا ويؤرقني، مهما حاولت إسكاته بالمزيد من تأدية الواجبات على أكمل وجه، يصفعني بقوة مرددًا بداخلي “لم يكفِني بعد.. أريد المزيد”.

وفي محاولات إسكاته حاولت التنصل والهروب بالغوص في توافه الأمور، لعلّي أجد متنفسًا وأستمتع للحظات بالسكينة، حتى لو كانت مؤقتة، ولكن سرعان ما تنتابني مشاعر الذنب على إهدار الوقت، فأنغمس أكثر في محاولات جديدة، لأشعر بالرضا عن نفسي، ولكن هيهات. وفي نهاية الأمر أجد نفسي منفجرة غضبًا لصغائر الأمور، فأقف حائرة أتساءل لماذا غضبت! وهل يستدعي الموقف انفجاري! فأنا محمّلة بمشاعر المسؤولية كل الوقت تجاه كل الأشخاص المعنيين في حياتي، وأشعر بالتقصير بمنتهى السهولة لو نسيت أمرًا ما لأحد منهم، أو شعرت بملل من الاهتمام بشؤون حياتي الصغيرة والكبيرة.

لقد تعبت من هذه الحلقة المفرغة، في محاولة الحصول على الشعور بالرضا عن نفسي، ثم الهروب منها، ثم الرجوع إليها، تعبت من هذه النفس المتطلبة.

لا أعرف لماذا أشعر بالتأنيب لأني متعَبة ولا أستطيع القيام بأعمال المنزل اليوم! ألا يحق لي الشعور بالإرهاق أو التعب؟!

لماذا أجد صعوبة في فكرة أن أجلس لمشاهدة حلقة من مسلسل تليفزيوني أحبه وأنا لم أنتهِ %

المقالة السابقةنفس الوشوش دي بتبقى شيء تاني
المقالة القادمةاليوم الملعون.. عن الختان والشرف والسيكو سيكو
مساحة حرة لمشاركات القراء