كتّر الشطة

369

 

بقلم/ مريم أحمد

 

الطعام نعمة لا تُقدَّر، فهو هدية غالية مهداة إلينا من الله سبحانه وتعالى، من منا لا يشعر بلذة الطعام والمتعة

الخاصة به؟ نحن نأكل عند الشعور بالجوع، نأكل عند الشعور بالفراغ أو البرد أو حتى الوحدة، معظمنا يجد

سلوته مع طبق خاص عليه ما لذ وطاب من أشهى المأكولات المحببة لقلبه، هذا الطبق قادر على أن يقضي على

أي شعور سلبي وينسينا إياه، ولا نعد نشعر إلا بنشوى تسري في أوصالنا تشعرنا بالسعادة المفرطة.

 

هل حاول أحد أن يأكل طعامًا بلا بهارات أو حتى قليل من الملح والفلفل؟ هل ستجد تلك اللذة وتصل إلى الراحة

والهناء المنشود؟ بالطبع لا، ستجد تلك النعمة تحولت وتبدلت إلى النقيض، فما أسوأ ان تجد الطعام حولك، ولكن

بلا طعم بلا رائحة وبلا شيء ينكهه ليجعله مختلفًا ومميزًا. ستتذمر ولن تأكل، وإذا أكلت ستكون وجبة إجبارية لسد حاجة الجوع داخلك بلا أي متعة.

 

البهارات في الطعام مثل الأشخاص في حياتنا، لكل شخص طعم ما، يميزه وينكهه ويجعله مختلفًا عن

الآخرين، وقليلون جدًا هم من يحالفهم الحظ ويعرفون الخلطة السرية للعلاقات الإنسانية، ويدركون تمامًا

المكونات ويختارونها بعناية فائقة، وعلى علم بالمقادير الصحيحة وبدرجة النضج المطلوبة في كل علاقة،

فيمزجون المكونات معًا، مع التسوية اللازمة يحصلون على أشهى حياة مليئة بالحب والسعادة مع من حولهم.

 

هناك من الأشخاص من يشبه الملح والفلفل في الطعام، لا غنى عنهم ووجودهم أساسي في حياتنا، فإن غابوا لن نشعر بطعم أي شيء يحدث في الحياة إلا بمشاركته معهم.

 

وهناك  من يشبه الشطة، هؤلاء هم المسؤولون عن الإثارة في حياتنا ورفع مستوى الأدرنالين، لن ننجو من

نارهم ولكن ستكون الحياة مملة ورتيبة دونهم، لهم متعتهم الخاصة في جعلك متشوقًا لأفعالهم غير المتوقعة

وانفعالاتهم غير المفهومة، وفي جعلك أسيرًا لهم، على الرغم من نارهم فهم يحملون داخلهم قلوبًا طيبة ونقية، لن تملك إلا أن تحبهم وتتحمل من أجلهم الكثير.

 

سنجد شخصيات بيننا تشبه الحبهان في الطعام، هو مر وصلب من الخارج ، لا تستطيع تحمله لأول وهلة،

ولكن إذا دققت النظر ستجد أنه أفضل مكون في خلطة التوابل، هو رائع من الداخل يعطي بلا حدود،

ومظهره من الخارج يخدع  من يريد أشخاصًا بلا عمق ولا تأثير في حياتهم، فهو يخبئ جوهره الرائع

وراء تلك الطبقة الخارجية المرة، يحتفظ بجماله لمن يتعب ويجتهد من أجل الحصول عليه، هو من سيضيف لحياتك الكثير وسيبهرك إذا استطعت الوصول لداخله والحصول على قلبه.

 

وهناك البعض يشبه التوابل ذات الرائحة القوية النفاذة، التي يجب استخدامها بحرص حتى لا تطغى على كل المكونات ثم يفسد الطعام بأكمله، احرص دائمًا على أن لا يطغى هؤلاء على حياتك.

 

وأخيرًا هناك التوابل المغشوشة والفاسدة التي تشبه الجيدة في المظهر فقط، ولكنها ذات الطعم السيئ والمضر في معظم الأحيان، ما أكثر الشخصيات المغشوشة في حياتنا! هم من يضر ولا ينفع، هم مصدر لكل المرارة والإحباط وألم لنا، يجب التخلص منهم فورًا حتى لا يفسدون طعم حياتنا.

 

اصنع خلطتك السرية بنفسك، ابحث عن من يستحق الدخول في حياتك، انتقي الجيد وتخلص من الفاسد

وحافظ على التوازن بين المكونات، حتى تستمتع بأفضل طعم للحياة.. وبالهنا.

 

هل حاول أحد أن يأكل طعامًا بلا بهارات

 

المقالة السابقة10 أفكار موفرة لحياة ممتعة
المقالة القادمة30 سؤال لشريك حياتك غير “إزيك؟”
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا