فلينتظرني بابا نويل.. فأنا أستحق

745

أحضر أدواتي للاحتفال بانتهاء هذا العام، أجندة جديدة جميلة مبهجة أنتظر الكتابة فيها بداية من العام الجديد، أجندتي القديمة التي اعتدت أن أكتب يومياتي فيها طيلة هذا العام، أقلب في صفحات الكراسة القديمة، تمر الشهور أمامي بأبسط مما مرت فعليًا، طيف الحزن والفرح يطيران في الغرفة، فيرسما على وجهي شبح ابتسامة رضا.

 

لقد مر العام بحلوه ومره، طعم المرارة كان محتملاً، في وسط العتمة وجدت يدًا حانية ربتت على ظهري.

أحداث كثيرة، في الحقيقة كثيرة جدًا، موت أبي، وحصولي على الدكتوراه، والتعاقد مع دار لنشر روايتي، وسفر أصدقاء، ورغبتي في وجود طفل آخر ومحاولات فاشلة، أزمات مالية كبرى وحل هذه الأزمات ببساطة ساحرة، ابتسامة “سلمى” وغضبها المتقد، مفاجآت صغيرة وكبيرة.

 

كيف مر كل هذا بسلاسة؟ كيف احتملت موت أبي وودعته في هدوء وحكيت معه لأيام في العناية المركزة؟ كنت أذهب وأخفض صوتي وأحدث ذلك النائم في غيبوبة طويلة، حدثته عن كل شيء، عن الذكريات، عن خطة مستقبلنا معًا، منذ متى والموتى يحملون مستقبلاً؟! لكن هذا ما حدث ببساطة شديدة.

 

مر هذا العام بسرعة رهيبة؛ لم أشعر به نهائيًا، مر كطيف الذكرى في جلسة حلم يقظة، مر بمرارة القهوة السادة التي أحبها فلا أشعر بمرارتها.

 

دعينا نتحدث أيضًا عن حصولك على الدكتوراه، كيف مر هذا الحدث بتلك السرعة؟ أظنك يا “رضوى” تحتاجين في عامك الجديد لعقد جلسات تأمل مطولة.

تلك الدكتوراه كانت تتويجًا لحل أزمة هويتي، التي ظلت لسنوات طويلة، منذ أن تخرجت طالبة من الجامعة تحب علم النفس والصحافة، وضائعة ما بين العمل كصحفية تحب الكتابة، ومعالجة وباحثة نفسية.

 

مشواري الأكاديمي لم يكن أبدًا سهلاً، كان سخيفًا وممتلئًا بالتحديات. دومًا كنت أشعر أن انحيازي للأكاديمة هو انحياز للمزيف عن الحقيقي، لم أشعر قط أن هناك شيئًا يخرج من تلك الجعبة، اختياري لموضوع الدكتوراه عن تعليم السيدات المطلقات اختيار الحياة من جديد بشغف، كان مزجًا بين أجزاء مني وتصالحي معها، في هذا العام توج هذا العمل بامتياز.

 

لم أتامل في معنى ذلك، كنت ضائعة بين القلق والحزن لعدم وجود أبي وسرعة الإجراءات.

أظنني جادة في أخذ هذا العام للمزيد من الاستمتاع والتأمل، الرغبة في اجتياز الأمور بهدوء.

 

لن تنتهى المقالة دون الحديث عن “سلمى” وتلك الأمومة التي أعيد اكتشافها في كل عام، أكرر لنفسي أن الأمومة صعبة، لحظات غضب “سلمى” تشعرني باقتراب نهاية العالم، تخيفني من نفسي، أنا تلك الراغبة في العيش بهدوء ولا أريد لأي شخص تهديد أماني، تلك الصغيرة الغاضبة بشدة تتحداني في رحلة صنع الحدود، عشرات المواقف أتذكرها لتنغص عليَّ سكينتي، أذكر نفسي بشكل واعٍ كيف يمكنك المساهمة في وجود طفل لديه ذكاء وجداني يستطيع التعبير عن مشاعره بسهولة ودون إحساس بالذنب، أقرأ من كتاب مفتوح في عقلي في تلك اللحظات التي أحتمل فيها صراخها وخصوصًا في الأماكن العامة.

 

“سلمى”.. أظن أننا ما زلنا ننجح في تحدياتنا الصغرى والكبرى، طفرات نموك الانفعالية مزعجة جدًا لي وتتحداني وتجبرني على احترامها، فأقف خاشعة أمام عظمة حضورك وأذكر نفسي بتلك الكلمات التي كتبتها أنا وأبوك في كارت سبوعك “خلقت لأرى نور الله”، لن تري نور الله في القلق، وستصبحين طفلة سعيدة إذا كانت لك حريتك في التعبير عن مشاعرك السلبية والإيجابية. حبيتي.. سنتعلم معًا حدودنا التي ينبغي أن نقف عندها.

 

صغيرتي الجميلة.. سأفعل كما كان يفعل جدك عشية السنة الجديدة، كان يجعلنا نضع جواربنا الفارغة تحت المخدة حتى يهدينا بابا نويل الشوكولاتة والهدايا الصغيرة في الصباح.

 

ممتنة للعام الماضي وكلي شغف للاستمتاع في السنة الجديدة بتحدياتها الجديدة وفرحها.

أظنني في نهاية هذا العام أستحق أن ينتظرني بابا نويل ليمنحني ما أختاره من هدايا.

المقالة السابقةأفضل 10 أفلام شاهدتها في 2017
المقالة القادمة4 حلويات مختارة للاحتفال بالكريسماس

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا