عن “هذا المساء” ودراما الإنسانية

547

 

 

بقلم/ أميرة الدمرداش

 

 

إذا كنت من مشاهدي “هذا المساء”، سيكون المقال أمتع بالنسبة لك، ولكن اترك لفضولك الخيار.

الحقيقة أني لست من هواة الجلوس لمشاهدة التلفاز، لأن العجب دائمًا لا يعجبني، لكني أهتم ويلفت انتباهي الفن الحقيقي دون أن أشعر. وكيف دون أن أشعر؟! فالفن الحقيقي هو كل الشعور!

وهذا ما فاجأني به “هذا المساء”.

 

فإذا نظرنا لملل الأعمال التي تنتشر الآن نجد أنه إِذا أراد أي مخرج تقديم عمل فني فسيختار أسهل طريقة له، وهي الطريقة المحددة، أكشن أو رومانسي أو كوميدي.

 

لكن أصعب ما تختاره عندما تقدم أي عمل فني حقيقي هو أن تعرض الموضوع بطريقة معالجة درامية أبسط مما يكون، فيقع اختيارك على الإنسانية وعلاقات البشر، التي لا يوجد أكثر منها تعقيدًا على إلاطلاق، أن تغوص في أعماق الإنسان، أن تعرف كيف يفكر، كيف يدفعه فضوله لطريق خطأ وهو يعرف أنه خطأ ويستمر في ذلك، مثل شخصية “سوني”. فالجميع خُلِق بداخله الفضول ولكننا نمتلكه بنسب متفاوتة.

 

فأصعب شيء يمكن أن تقدمه هو الحقيقة، من أيام الأسود والأبيض في الأفلام والبطل ذو الملامح السمحة الطيبة أمام الشرير الذي يَهْزمه الخير في النهاية، فهذا ليس واقعنا بالمرة! فالجميع بداخله الخير والشر ونحن من نختار الكفة الفائزة.

وهذا ما فعله “هذا المساء”، المعنى الحقيقي للإتقان المبالغ فيه.

 

فجميع العوامل في هذا المسلسل مدروسة بطريقة السهل الممتنع، من أول كتابة الشخصيات التي جعلها المخرج جميعًا محور الموضوع، وكأنها دائرة متشابكة بألوان مختلفة، إلى الإضاءة والموسيقى التصويرية الممزوجة بشريفة فاضل في “موال العشاق” والست في “هذه ليلتي”.

 

فتقف حائرًا أمام كل شخصية على حِدَة.. كيف تشاهد شخصية مثل “سمير” وأنت لا تعرف هل تتعاطف معها أم تنبذها.

أو يجعلك القدر بأن تكون شخصية مثل “المستر” أو “أكرم”، يمتلك كل شيء، ولكنه لا يعرف كيف يمتلك السعادة أو أين طريقها.

أو مثل “عبلة”، تعلم أن الطريق الذي ستختاره سعادة مؤقتة، ومع ذلك تختاره بمنتهى الرضا والصبر.

أو”نايلة” التي تريد أن تحافظ على من تحبهم وتسلك الطريق الخطأ، وتجعلنا نفكر هل يمكن أن نترك نتيجة أفعالنا للنوايا أو نقذفها على غيرنا؟ بالطبع لا، فالكل يتحمل نسبة لا تقل عن غيره من الخطأ والذنب.

 

والكثير والكثير من الشخصيات التي أراها، ليس فقط في المسلسل وإنما يوميًا في حياتنا، وتعبر عن كل ما بداخلنا.

ولا أخجل من قول إن المسلسل أكثر واقعية من الحقيقة، لأننا على أرض الواقع دائمي الكذب والخداع على أنفسنا في التعبير عن مشاعرنا، فهذا المساء يجعلك تشعر أنك تحتاج أن تشعر بالفعل.

_____________________

نصيحة: إذا شعرت بجفاء وأردت أن تستفز ما تشعر أنه أصبح ليس موجودًا بداخلك فلا تتردد أن تشاهده.

ودون مبالغة.. ستكتشف نفسك من جديد، وتشعر “أن الحياة تلهو بنا وتسخر”، وأنك تفتح صفحات جديدة في كتاب لدراسة البني آدمين.

ستكتشف نفسك من جديد

 

المقالة السابقة10 أفلام ستُعلِّمك فَن اقتناص الفرص الثانية
المقالة القادمةفرصة تانية لطبخة بايتة
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا