عن نساء فقدن السيطرة

455

“تحت السيطرة” هو المسلسل الذي دخل -وأحيانًا اقتحم- أغلب البيوت المصرية في شهر رمضان؛ قصته واقعية إلى حد كبير، تتحدث عن الإدمان والمدمنين والمتعافين، بعيدًا عن اللغة الفنية والبصرية المتخصصة والتي لا أفهم فيها حرفًا، أحاول اليوم أن أطرح وجهة نظري في مفهوم “تحت السيطرة” للشخصيات النسوية الرئيسية في المسلسل.

 

مريم

مريم هي الشخصية الرئيسية في المسلسل، تظن لأول وهلة أنها مسيطرة على إدمانها، تقول لخدمة الغرف أن يفرغوا الثلاجة من الخمور، لكنها تنكشف شيئًا فشيئًا، يُظهر تسلسل الحلقات أنها لا تُخضع إدمانها تحت السيطرة، ليس هذا فقط، ولكنها فاقدة للسيطرة منذ زمن، حين لم تعمل وتركت نفسها تحت سيطرة زوجها، وحين عاشت حياتها معه في أكذوبة، فعاشت عمرها كله تحت سطوة الخوف وتركته ليتحكم بالكامل في حياتها.

 

هانيا

شعر أغلبنا أن هانيا هي من يسيطر على خط سير حياتها، فهي الأولى في كل شيء “الامتحانات والحشيش والسكس”، هي من قامت بتجربة المخدرات لأول مرة بإرادتها الكاملة، هي من قررت أن تسرق أمها لتعيش مع حبيبها علي، هي من كانت تقوم بكل الخطوات بعد تفكير حتى لو كنا مختلفين معه، فقط لنكتشف قرب انتهاء الحلقات أن ما كان يبدو سيطرة هانيا على حياتها، كان في الحقيقة مجرد فقدانها للسيطرة لصالح علي والمخدرات.

تعرفي على: قصة فيلم بشتري راجل بطولة نيللي كريم

سلمى

سلمى صعبانة عليّ، هي من الشخصيات الفاقدة للسيطرة أمام شيء معيّن وبطريقة معينة، وهي تعلم ذلك، هي صريحة مع نفسها قبل الآخرين، وعند وقوعها في الخطأ اعترفت، متأخر طبعًا ولكنها اعترفت، متأكدة أن طلاقها من طارق وعودته للإدمان هو عقابها الإلهي أو (الكارما) لما سببته من أذى لمريم. سلمى تعلم تمامًا أنها فاقدة للسيطرة أمام حبها لطارق، وقفت بجانبه كثيرًا حتى يئست، صحيح هي تضعف أحيانًا عندما تتذكره، لكنها متماسكة. سلمى من الشخصيات القليلة في المسلسل التي فقدت السيطرة لفترة كبيرة من حياتها، لكنها تحاول الآن إعادة السيطرة لنفسها.

 

مايا

أما مايا، فكانت هي أكثر من أحبطتني بشكل شخصي، أعترف أن من بعد سقوطها المقنّع، لم أعد مهتمة بما يحدث لأغلب شخصيات المسلسل، لماذا لا يرى الكثيرون في مايا ما رأيته؟ لا أدري، ربما لأنهم لم يتحمسوا لها كما تحمّست، لذلك يطلقون عليها لقب “غلبانة”، بينما أراها أنا شخصية محطِّمة لكل الآمال التي بنيتها عليها منذ أول لحظة رأيتها في المسلسل. مايا، تلك البنوتة المرحة المنطلقة الجدعة، التي تقف بجوار قريبتها في محنتها، لم تفعل ما يخالف مبادئها، وحين أعجبت بشخص ذهبت بكامل إرادتها لتطلب منه الزواج، شخصية كهذه أسرتني بشدة، لذلك صُدمت للغاية حين انصاعت لأوامر زوجها هشام حين خيّرها بينه وبين استكمال علاقتها بقريبتها المتعافية من الإدمان بحجج مثل “بحبك، خايف عليكي”، توقعت أن شخصية بقوتها سترفض مثل هذا التخيير، لكني أفاجأ بانصياعها تحت سيطرة أهمية وجود زوج، أو حتى تحت سيطرة الحب، فخانت مبادئها ربما لأول مرة.

 

شيرين

هي في الأصل شخصية فاقدة للسيطرة، حتى وإن ظهرت في بداية حياتها قبل أحداث المسلسل عكس ذلك، فمن ترضى بمثل هذا الزوج وهذه الحياة وهذا الدور الضئيل في حياة عائلتها، هي فاقدة للسيطرة من البداية، هي فقط لم تكن تعلم.

 

مريم نعوم

وأخيرًا مريم نعوم، في تعاونها الثالث مع نيللي كريم، ولأول مرة تقوم بكتابة المسلسل كاملاً دون أن يكون مستندًا على رواية أو مسرحية سابقة. رغم حبي لمسلسلات مريم نعوم واختياراتها، لكنها أحيانًا ما تفقد السيطرة على جرعة النكد التي تحب أن تحقن بها المسلسل، تشد خيط النكد إلى آخره لترى إلى أين سيوصلها. العام الماضي أوصلها خط النكد إلى موت الشخصيات الثلاثة التي تعاطف معها المشاهدون (حتى وإن ماتوا بعد المسلسل)، ولا ندري إلى أين ستأخذنا هذا العام.

 

لم تنته حلقات المسلسل بعد عند كتابة هذه السطور، فلا أعلم إن كانت مريم ستعود للضرب مرة أخرى أم لا، وإن كانت سلمى مصابة بالإيدز أم لا، ولا أعلم إن كانت نعوم ستصيبنا بالضربة المزدوجة فتقتل هانيا وتُفجع أمها أم لا، ولكنني أظن أن مايا ستظل في علاقتها الزوجية مع هشام، لأن هشام بالنسبة للجميع، هو الزوج اللقطة المتفتح (اللي مفيش زيه وبيخاف على مراته)، وهذا كفيل بجعلي حزينة للغاية وغير مهتمة بمصائر باقي الشخصيات.

 

المقالة السابقةهل الرجل المتزوج من زوجتين قادر على العدل؟ كيف يتعامل الزوج مع زوجتين!
المقالة القادمةكعك العيد والمعمول العربي

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا