عن الإرهاق الاجتماعي

577

مكنتش ناوية خالص أكتب عن عيد الأم، زي اليوم ده السنة اللي فاتت كانت كل الأمهات بتتكرم بشكل أو بآخر، وأنا أمي كانت بتتزف في عربية الإسعاف، كانت آخر مرة أسمع صوتها وأكلمها وأشوف ابتسامتها ونظرة الوداع في عينيها.. رحلت للأبد.

من السنة اللي فاتت وأنا خايفة ييجي اليوم ده، وأصحى الصبح من غير صباح الخير يا أمي، ووردة حمرا، وابتسامة طيبة.. من غير ما أرتب مع إخواتي إزاي هنفاجئ ماما انهارده.

ورغم إن الكلام في الموضوع ده صعب، بس أنا عايزة أتكلم عن حاجة استكمالاً لمسلسل الإرهاق الاجتماعي اللي دايمًا بنورط نفسنا فيه.

في عيد الأم أنا عمري ما جبت هدية لحد غير أمي.. حتى لما كنت مخطوبة مجبتش لحماتي هدية، رغم إنها كانت طيبة.

طبعًا هتقولوا دلوقتي: عشان كده فسختي يا فالحة!

لا.. الموضوع مش كده خالص.

الفكرة إني إزاي أعمل حاجة مش حاساها!

بستغرب صحابي جدًا لما ألاقيهم مفلسين وحالتهم كرب، ومصممة تجيب هدية لحماتها عشان ترضى عنها وعشان زوجها ميزعلش.. وطبعًا لازم هدية حماتها تبقى بنفس سعر هدية مامتها… ده غير هدية بسيطة للحاجة فاطمة جارتها عشان قاعدة لوحدها ومحدش بيسأل فيها.. وطبعًا أهم من ده كله هدية لكل مدرسة عند ابنها في الفصل، عشان يعاملوا الولد كويس، وعشان طبعًا درجات أعمال السنة وحسن السلوك.

إيه القهر ده؟! إيه النفاق ده؟!

أنا ممكن من باب الإحسان أرفع سماعة التليفون وأكلم عمتي أو خالتي أو حماتي وأعيد عليهم، والمفروض إن دي حاجة بتتعمل طول السنة كصلة رحم مش يوم عيد الأم بس!

مفيش حد له فضل عليّ زي أمي.. أمي اللي ربتني واستحملت جناني وطيشي واحتوتني بقلبها الكبير.

وحضرة أولياء الأمور اللي بيجيبوا هدايا للمدرسين كلهم حتى لو الولد مش بيحب حد فيهم.. إنت بتعلّم ابنك إيه بالظبط؟!

أي قيم بتغرسها فيه؟!

أنا اشتغلت في التدريس 3 سنين.. أول سنة اتصدمت في كم الهدايا اللي جتلي.. في الأول فرحت وقلت يااااه! قد كده الولاد بيحبوني؟!

تاني سنة فهمت اللعبة، بس مكنتش عارفه أعمل إيه؟

ثالث سنة كنت وصلت للحل، وطلبت من الولاد قبل عيد الأم إن محدش يجيب هدايا خالص، بس كل واحد يكتبلي جواب يعبرلي فيه عن مشاعره، وأحسن جواب فيهم اللي هيكون ألفاظه جيدة وبدون أخطاء إملائية، وهو ده اللي هعلقه في غرفتي عشان أفضل فاكراه على طول، وفعلاً نجحت الخطة.

طبعًا أنا مش معترضة إن ده يحصل بشكل مطلق، ومش بعمم،
فيه ناس فعلاً بتكون صادقة في أعمالها، وده شيء جميل، أنا اعتراضي على مبدأ إنك تعمل حاجة عشان خايف من شوية أعراف وتقاليد لا جاية من شرع ولا من دين.

بادر واكسر العادات والتقاليد المرهقة.. كفاية كده.

وبالمناسبة دي أنا عايزة أشكر إنسانة جميلة كان ليها -صدقًا- فضل عليّ وخصوصًا بعد وفاة ماما، وأقولها شكرًا يا عمتو هدى، أنا فعلاً بحبك أوي.

 

المقالة السابقةمش كل حاجة
المقالة القادمةحكاية بنت اسمها هويدا

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا