عذرًا جيل الألفينات .. إلا فريندز

1658

 

 

آيات جودت

أحب مسلسل “فريندز”، لا أزال حتى الآن أتذكر أول مرة شاهدت فيها إعلان المسلسل، والذي كان سيُعرض للمرة الأولى على القناة الثانية الأرضية المصرية، لم نكن وقتها نملك “دِش”، ولم يكن الإنترنت في كل البيوت كما هي الحال الآن، أتذكر جيدًا أنني شاهدت أول حلقة في بيت عمتي وكان أبي يجلس بجواري، ولسوء الحظ كانت الحلقة التي تدور أحداثها في رأس السنة، حين وقف “تشاندلر” محتجًا أنه لن يتم تقبيله في بداية العام الجديد، فقبّله “جوي” على شفاهه.

 

حين رأى أبي هذا المشهد، أعلن أن هذا مسلسل قليل الأدب، وأننا لا يمكن أن نشاهده بعد الآن. بالطبع لم أجادله في هذا الأمر، وكنت أحاول مشاهدة المسلسل سرًا من ورائه، وأصبحت مع تطور التكنولوجيا أبحث عن وسائل أخرى لمشاهدة المسلسل، فأصدقائي من أصبحوا يملكون الدش في بيوتهم، يسجلون الحلقات على شرائط فيديو ونتبادلها معًا، حتى انفتح باب الإنترنت على مصراعيه أخيرًا، وأصبحنا نستطيع تحميل الحلقات من الإنترنت، وأخيرًا استطعت مشاهدة كل حلقات المسلسل بكل مواسمه.

 

مر على انتهاء المسلسل 14 عامًا، أعاد فيه محبو المسلسل مشاهدته مئات المرات، حفظنا أقوال أبطاله وردود أفعالهم في المواقف المختلفة، اشتركنا في العديد من الاختبارات اللي تختبر مدى معرفتنا بأحداث المسلسل، لا نكل ولا نمل، ونعتبره أفضل مسلسل تم إنتاجه على الإطلاق.

 

نحن لسنا بأقلية في العالم، فهناك شائعة سنوية تصدر بأن طاقم العمل سيجتمع مجددًا، إما لإصدار تكملة للمسلسل، أو فيلم، أي عمل فني آخر، وأتذكر جيدًا مشهد من فيلم توم هانكس The terminal، حين كان يريد تعلم اللغة الإنجليزية، وكانت الجملة المكتوبة في الكتاب تتعلق بأن “فريندز” واحدًا من أفضل المسلسلات الأمريكية.

 

وقت عرض “فريندز”، كان هناك بعض المسلسلات الكوميدية الأخرى، مثل فرايزر وساينفلد، ولكن أحدًا لم يحقق ولو نصف النجاح الذي وصل إليه مسلسل “فريندز”، وحين تساءلت عن مسلسل يجذبني معه مثل “فريندز”، اقترحوا عليَّ مسلسل How I met your mother، والذي لم يقترب على الإطلاق من المستوى الذي كنت أطمح إليه.

 

كل هذه المقدمة السابقة كانت ضرورية للغاية، لمحاولة إيصال ما الذي يعنيه المسلسل إلينا لجيل الألفينات، الذي يسمح لنفسه بسهولة الآن أن يهاجم المسلسل، لأنه لا أحد من أبطاله من ذوي البشرة السمراء، ويحمل في مجمله استهزاءً بالمثليين، كما أن “جوي” شخص عنصري لا يهتم سوى بإقامة علاقات جنسية مع النساء الجميلات، وطوال الحلقات يتم السخرية من “مونيكا” التي كانت بدينة في صغرها.

 

حسنًا.. يمكنني الموافقة الجزئية على هذا الكلام، ولكن فلنتذكر أولاً أن الحلقة الأخيرة من المسلسل كانت عام 2004، وقتها لم تكن هوجة حشر كل ما نتحسس من عنصرته في كل الأعمال الفنية شيئًا رائجًا في تلك الأيام، وبالرغم من ذلك، فقد ارتبط “روس” بـ”تشارلي” السمراء قرب نهاية المسلسل، كما أن جميع الأصدقاء حضروا حفل زفاف طليقة “روس” وصديقتها، دون أن يوجه لهما أحد أي كلمة، قائلين إن هذا احتفالاً جميلاً للحب بكل أشكاله. وبشكل عام فأنا لا أفهم سياسة حشر كل الرموز حشرًا، حتى نُبعِد عن العمل الفني سِمة العنصرية بكل أشكالها، حينها لا يصبح العمل فنيًا، بل يصبح شيئًا ماسخًا لا طعم له، كل همَّه هو الادِّعاء بأن صانعيه أشخاص جميلة و”كيوت” لا تكره الآخر ولا تحكم على الآخرين.

 

لا أنكر أن من الجيد رؤية الجيل الناشئ وهو يدافع عن الحقوق والمساواة، لكن لكل شيء منطقه وأوانه، وعندما أراهم يهاجمون فريندز، فإن ما يدور بمخيلتي هو “مش كده يا حبايبي هتدمروا صحتكم”، فبينكم وبين “فريندز” ما يزيد على 14 عامًا، وقتها كان العالم مكانًا أبسط من الآن، نضحك على النكتة الحلوة وكفى، كان جيدًا ومناسبًا لوقته وتاريخ إصداره، هل إن كان المسلسل بنفس الأحداث والمواقف من إنتاج 2017 كنت لأقول نفس الكلام؟ بالطبع لا، هذا هو الفارق الذي يجب على هذا الجيل استيعابه. لا أطلب منكم حب المسلسل، ولكن من فضلكم دعوه ودعوا محبيه من جيل الثمانينيات يستمتعون بمشاهدته مرارًا دون مضايقة.

 

أهدي هذا المقال إلى روح ماجي ويلر التي توفيت منذ أيام قليلة، وهي التي أدت دور “جانيس” صديقة “تشانلدر” غريبة الأطوار وذات نبرة الصوت العالية، والتي سنظل نتذكرها بجملتها الشهيرة “!Oh my God”.

 

 

المقالة السابقةما الذي علينا فعله إذا ما خاننا الرجال؟
المقالة القادمة10 شخصيات أوفر تعشقها الدراما المصرية

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا