صورة بالكاميرا الأمامية

776

 

بقلم/ سمر درويش

 

كل الصور السيلفي اللي ملء تليفوناتنا، صور ملهاش غير معنى واحد فقط، أنا مش من المتشافين، وكأن في كل صورة بنقول فيها لنفسنا ناقصك إيه؟! وواحد تاني بيقول فيها إنت جميل، وغيره متضايق شوية إن عيونه ضيقة، فتقمصنا في السيلفي أدوار اللي عايشين حوالينا ومبقوش يشوفونا، بقينا نلعب دور المصحح بحياتنا، أو الشخص اللطيف معانا أو المتعاطف، وده بيظهر قوي في الصورة اللي بتتاخد بعد ليل كله دموع وهالات سودا مغطية ضي عيوننا، اللي لازم نوثقها بصورة تحكي عن كمية الأذى اللي اتعرضناله، أو عن كمية الصمود اللي جاهدنا عشان نخرج بيه في لقطة حزينة.

 

أغلب السيلفي بيكون فعلاً من حالة نفسية، ولكن مش اضطراب شخصي عند اللي بياخد السيلفي، لا ده عند اللي وصلوه إن تبقى حياته كلها فولدر صور.

الدراسات بإن ملتقطي السيلفي بيعانوا اضطراب في الشخصية، وناس تانية بتربطها بالثقة بالنفس، بس نعمل إيه؟ للعلم أحكام وللإنسانية والقلب أحكام!

 

كم مرت علينا لحظات صادقة من فرط الاستمتاع بيها مشينا من غير سيلفي واحد، وزمان اللمة كانت حلوة ومكانش فيها أي سيلفي. الحالة الاضطرابية اللي العلم بيثبتها بسبب أشخاص لم يعطوا الاستحقاق للآخرين أو التقدير، فقرر الشخص يعطيه لنفسه عشان يثبت أحقيته في العيش والاستمتاع والسلام مع الأشياء والأشخاص، فاحتضن فنجان قهوته وكتابه وأخذ معاهم سيلفي، وراح للطبيعة اللي هي أنقى من وجوه الناس والتقط تكة سيلفي، ولم يجد في الناس سلوته ومخبأه فراح للبحر ينظف عقله وقلبه، فوجد في الأرض والزرع والجمادات والجبال مشاعر لم يجدها في عالم البشر، نلاقيه واقف وسط هداياه ومكتبه وعربيته يشكر نفسه ويشبعها بالرضا عن عيشته، وصديق ارتاح معاه في دقايق فكأنه بيوصي الزمان إنه ميبعدوش عنه فأخد واحد سيلفي.

 

فالكاميرا الخلفية هي الأصدق، ككل الأشياء الأولية في الحياة، حتى وإن تخللها زيف المؤثرات في الإضاءة والألوان، لأنها ناتجة من قرار شخصي بحت، فما بين الرغبة في التصوير وإعطاء أحدهم الكاميرا، يمكنك تعيد حساباتك في المشهد اللي عاوز تحتفظ بيه، إما سيلفي ناتج من إخفاقات نفس وخذلان بشر، فالتصوير السيلفي مربح إن وجدنا فيه تقدير لذواتنا اللي دايمًا بنبحث عنه عند الآخرين، في السيلفي حوار إنت وحدك اللي تعرفه، فبلاش تكون قاسي على نفسك وتسمعها حوار سلبي عن شكلك وتقارن إنجازاتك بالآخرين.

 

افرح بكل الأشياء المحيطة بيك واشعر بالامتنان على كل النعم، وخد معاها واحد سيلفي.. أكيد وقتها مش هيضرك.

 

 

 

المقالة السابقةتعملي إيه لو بقيتي راجل وست في نفس الجسم زي جان؟
المقالة القادمةأنا أم مثالية
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا