شيّمُ الحكايات التي لا تُروى

540

منذ عدة أعوام قرأت جملة كان معناها أن لكل منا قصة كلما رواها كذب، وقتها جاءت في بالي قصة واحدة، ظننت نفسي دومًا أكذب كلما رويتها، حتى لفّت الأعوام واكتشفت أنني كنت صادقة، إلا أن بعدها بقليل.. أصبحت مضطرة لعدم روايتها أبدًا، وإلا سأكذب.

 

عزيزتي الأبلة مون:

هذا وجع لا يشبهه شيء، هذه هزيمة خارج حدود المنطق، هذه قصة لا تُروى، وكالعادة عليّ أن أختلف معك، بعض الأوجاع تتضاعف إن تشاركناها.

يحتاج الحكيُّ لخط من المنطق المشترك، يقف عليه الراوي والمستمع، وأنا فقدت هذا الخط بيني وبين نفسي، انقسمت بعد الحدث لنسختين، أنا من الماضي ما كانت لتعقل ما سترويه أنا اليوم، فكيف تتوقعين أن أحكيه لطرف ثانٍ. وقع المنطق مني وأنا أطارد حلمًا قديمًا، وعزلتني لا منطقية أفعالي عن كل شيء.

 

أعرف أنك ما كنتِ لتلقي باللوم عليّ، إلا أن سماع صوتي وأنا أروي ما حدث كان كفيلاً بهذا عنك، في بعض الأوقات نريد أن نتخلص من حماقاتنا بشدّة تمنعنا من أن نحكيها، لمجرد أن حكيها بمثابة عمل نسخة أخرى من الشريط الذي نسعى لإتلافه.

 

نظرة العقل على قصتي ستقبّحها كثيرًا، ومحاولة تسبيب أحداثها ستؤلم أكثر وأكثر، وأنا قد حبست نفسي داخل فقاعة عن كل هذا، أبيت أن يكسرها عليّ أحد، قصتي ليست للتسبيب والتعلم، ليست للإصلاح والاعتبار.. هذه قصة لا تروى.

 

ما زال بداخلي شيء قبيح صغير يصرّ عليّ أن أنتظر، هذه الحكاية لم تنتهِ عند هذه النهاية الساذجة، ما هذا إلا فصل واحد فقط، وستعقبه أحداث أجمل ستمحو كل شيء، قد تبعت حدسي فقادني للعودة من حيث بدأت، وما زلت أتبعه وكلي أمل أن يصدُقَني ويُغير النهاية.. فهذه نهاية لا تليق بما عشت أعرفه عن نفسي، ولا تليق بكل ما أصدقه في هذه الحياة، هذه نهاية مهينة لجلال القصة، نهاية لا تصلح إلا قفلة تشويقية لأحد فصول الرواية.

 

بعض الخيبات يا أبلة مون، تكسر فينا صورتنا عن أنفسنا.. بعض الخيبات يا أبلة مون تكسر فينا تماثيل لقواعد ومبادئ ظننا أنفسنا نعتنقها ومن دونها الموت، بعض الخيبات لا مبرر يُقال لها، ولا “1000 معلش” قد تسكِّن وجعها، بعض الخيبات يا أبلة مون من الأفضل لنا ولها ألا تروى.

** هذا المقال هو رد لحديث دائر بيني وبين صديقتي، ولمزيد من فهمه ربما عليك قراءة مقالها أولًا.

المقالة السابقةمثلي الأعلى متعافية من الإدمان
المقالة القادمةوفي الطلاق حياة جديدة: 3 قصص واقعية
كاتبة وصحفية مصرية

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا