إنتي مجنونة؟!
حرام عليكي.. إزاي تسيبي بنتك اللي عندها 15 سنة تتغرب عنك وتعيش لمدة سنة بعيد ومع ناس ما تعرفيهمش؟!
يا قلبك! إنتي أم إنتي؟! وجوزك موافق؟! إزاي؟!
وغيرها من العبارات الصعبة التي انتقدتنا بعنف على سفر ابنتنا لمنحة للتبادل الثقافي في إحدى البلاد الأجنبية، بينما أنا وزوجي وابنتي ننظر للأمر بنظرة مختلفة.
نعم إنها المغامرة.. لقد اجتازت الابنة الذكية اختبارات عديدة وأصبحت متحمسة ومستعدة للمغامرة، ووجدتُ مع أبيها أنها فرصة للانطلاق والاعتماد على النفس واكتساب العديد من الخبرات.
لم يكن الأمر سهلاً.. كان شديد الصعوبة.. فكثيرون نجحوا وأيضًا هناك من فشلوا.. الأمر بالفعل يحمل بعض الخطورة، أن أترك صغيرتي تنطلق وتطير بعيدًا عني يفصل بيننا بحار ومحيطات وآلاف الأميال.
لكننا أخذنا قرار المغامرة، وبالفعل.. أطلقت عصفورتي الصغيرة.. تحلق بعيدًا عني، لتختبر بنفسها متعة الطيران.. وتعتمد على نفسها تمامًا.. تدرس، تدّخر المال، وتهتم باحتياجاتها وتشتري لنفسها وتختار وتتعلم الكثير الذي لم أتعلمه وأنا في مثل سنها.
نجحت المغامرة.. بل وشجعت الكثيرين من حولنا ليخوضوا نفس التجربة ويغامروا أيضًا.
لماذا لم أخف؟ سألت نفسي.
لأننا علّمنا ابنتنا كيف تختار.. كيف تسلك في غيابنا مثل في حضورنا.. كيف تتكلم وتعلق وتفكر وتحسب.. كيف تتصرف وإلى من تلجأ.. كيف تطير وتحلق بلا خوف.. كيف تنطلق بحرية وتعبر بلطف.. الثقة المتبادلة بيننا كانت الجناحين اللذين حلقت بهما وارتفعت.. وعادت وقد اجتازات مغامرتها بنجاح. تعلمت أن لا تخشى شيئًا.. أصبحت الأمور الصعبة أمورًا يمكن اجتيازها.
معًا نغامر.. ونصنع النجاحات.
هذه الحياة تحتاج إلى بعض المغامرة، نحتاج أن يسند كل منا الآخر، فمعظم مخاوفنا غير حقيقية، لندرس الأمور جيدًا، نفكر ونحسب ولا نخشى الفشل وكلام الناس، لا تخشوا المغامرات.. فهي تكسب الحياة بهجة. فكل الإنجازات الكبيرة بدأت بمغامرات صغيرة.
لكي نعبر النهر علينا بركوب القارب.. وإلا انتظرنا سنين عديدة حتى يبنوا لنا جسورًا.. وتفوتنا الأوقات الجميلة الممتعة والمناظر الخلابة داخل المركب.. عبر النهر.. معًا نغامر.. ونستمتع بالحياة.
