ما هي قصة سندريلا الحقيقة الكاملة، قصة سندريلا والأمير

2498

مين فينا محبش حدوتة قبل النوم؟ مصدقهاش وعاش في خياله الحكاية بالتفاصيل اللي يتمناها؟ بس اللي عمري ما كنت أتخيله، إني في يوم من الأيام أكون بطلة من أبطال الحواديت، ولما حصل مكانتش الحدوتة حلوة وتستاهل غنوة، مكانتش بجمال الخيال إياه.. بس أنا كنت بطلة قدر المستطاع.. وده بقى اللي هحكي عنه النهارده..

كان ياما كان

من وأنا صغيرة بحب قوي فقرة الحكايات، وبحب التفاصيل، وأقعد أتخيلها لو حتى متقالتش. يعني فستان سنو وايت مثلاً عمري ما شوفته أزرق في خيالي، بالعكس، كان دايمًا بمبي وعليه فراشات. وحتى “ذات الرداء الأحمر”، كنت بفتكر إن ده اسمها أصلاً على بعضه، وكنت بشوفها في خيالي لابسة بنطلون عشان تعرف تمشي في الغابة، وكنت بستغرب قوي إزاي هي بالسذاجة دي اللي يخليها تفضل قاعدة قدام الذئب تستجوب فيه، وهي شايفة إن منظره مختلف عن جدتها، وحتى نبرة صوته مختلفة. وكنت بحس إن أكيد الذئب أكلها بسبب غبائها! بس على قد ما بحب الحكايات كنت بحاول أتجاهل التفاصيل المؤلمة.

النهايات مش دايمًا سعيدة

“ماما.. احكيلي حكاية سندريلا، بس من غير جزء باباها لما مات ومراة أبوها لما ضربتها”. كنت دايمًا بقول لماما الجملة دي لما كانت تسألني عايزة تسمعي أنهي حكاية، بس كان رد ماما دايمًا “مش هينفع نحكي حكاية سندريلا وإزاي الأمير جه واتجوزته غير لما نقول الحكاية كلها”.

وبصراحة كنت بسكت وبرضى بالأمر الواقع، وأفضل أسمع في الحكاية البائسة لسندريلا.. لكن كنت بستنى بفارغ الصبر الجزء بتاع “لغاية ما جه الأمير” وإنه اتجوزها وخلصها من المعاناة اللي كانت شايفاها مع مراة أبوها، وبناتها ومعاناتها في الحياة كلها، وإن قد إيه الحياة بقى لونها بمبي بعد جواز الأمير منها، وإنها مبقتش حزينة تاني.

كبرت والحكاية دي دايمًا في ذهني، واتحول استمتاعي بالحدوتة لقلق لما لقيت تشابه بعض الأحداث والأقدار بين قصتي وقصة سندريلا. والدتي اتوفت وأنا لسة طفلة عايشة في عالم الحواديت، وفضلت وقت كبير خايفة بابا يتجوز ويجيبلي أنا وإخواتي مراة أب، بس الحمد لله أبويا معملهاش، لكن فضلت خايفة برضو من اليوم اللي هفقد فيه بابا زي سندريلا، وإني مش هلاقي حد يدافع عني ويحبني، لكن فضلت جملة “لغاية ما جه الأمير” ترن في ودني.

فين الأمير؟!

كنت مستنية الحلو من الحدوتة، رغم إني كبرت لكن برضو كنت لسة مستنية الأمير زي سندريلا، لكن اللي حصل إن محدش جه، وإن آخر أبطال حكايتي الحقيقين مشي، اتوفى والدي من أربع سنين.

وبصيت حواليا وأدركت إن الأمير مجاش في قصتي.. وإني بقيت بالفعل وحيدة، وفضلت وقت طويل قوي بعد وفاة أبويا مستنية اللي هعيش معاه سعيدة وأحقق كل أحلامي.. أصل أنا اتعودت أستنى حد في قصتي زي ما علمتني سندريلا.. حتى لو من برة بيبان للناس إني قوية وواخدها بدراعي، لكن كنت مستنية أحس بالسعادة والأمان والقوة اللي ارتبطوا في ذهني بوجود حبيب.

أصل سندريلا علمتني إني ضعيفة من غير أمير وإن أحلى يوم في حياتي هو يوم ارتباطي، عشان ده اليوم اللي هكمل فيه اللي ناقصني، ومش هنام تاني دموعي على خدي، ولا هحس بأي مشاعر حزن أو فقد طول ما هو جنبي.. وأفتكر إن أول سنة بعد بابا كنت بسمع دايمًا أغنية دنيا سمير غانم وحماقى اللي بتقول فيها سندريلا للأمير “أول مرة بشوف الدنيا بمليون لون.. لهفة وحب وشوق وسعادة أمل وجنون”.

بس اللي حصل في قصتي ولسة بيحصل عكس قصة سندريلا تمامًا، واكتشفت إن سندريلا غلبانة قوي عشان محدش قالها نصايح كتير.. يعني مثلاً محدش علمها إنها لما تعيش وحدها مفروض تتصرف إزاي وترجع الساعة كام، وإيه حدود تعاملها مع الجنس الآخر نظرًا إنها بنت لوحدها. وإزاي تخدم نفسها بنفسها. محدش فهمها إنها لازم تدي بقشيش للبواب عشان يرضى يجيبلها طلبات للبيت أو حتى يشيلها الأكياس التقيلة وهي طالعة السلم. محدش قالها إن عمل ميزانية للبيت شيء صعب ومحتاجة تجرب طرق كتير لغاية ما تلاقي الطريقة المناسبة ليها.

محدش قالها إنها لازم تسدد فواتير المية والغاز والنور كل شهر، وإنها لازم تنضف التلاجة ومتبيتش الأكل أيام كتير فيها، وإن الخضار والفاكهة يتنقوا الصبح مش بالليل عشان اللي بيفضل هو اللي محدش رضي ياخده. محدش قالها إنها عادي تعيط وتحزن في فراق أهلها واللي بتحبهم لأنها مشاعر طبيعية، بس تقوم تاني يوم الصبح تشتغل عشان تحقق ذاتها، وتنجح عشان نفسها، مش عشان حد تاني.

محدش قال لسندريلا إن ينفع تفرحي وإنتي لوحدك وتستمتعي بالحياة، وإن مفيش عفاريت تاني، وينفع تطفي نور الشقة والتليفزيون وإنتي داخلة تنامي.. يا خسارة محدش قال لسندريلا إنها لما تحاول تلاقي السعادة وحدها أكيد هتعرف تلاقيها مع الأمير مش العكس. محدش قالها إنها ينفع تعيش لوحدها أصلاً. محدش قالها إنها مش ضعيفة من غير راجل وإن مفيش يوم واحد بس في الحياة هو أحلى الأيام، لكن يوم ما تتعلم حاجة جديدة وتنجزها، ويوم قبض المرتب، ويوم الحصول على شهادة كان نفسها فيها.. هو ده من أحلى الأيام اللي عاشتها ولسة هتعيشها.

اكتشفت إني أنا كمان سندريلا، لكن بإصدار حديث زي ما بيقولوا، سندريلا العصر، اللي فهمت الحدوتة بدري قوي، رغم إن محدش قالها وعلمها كل اللي فات، وإن معركتي الحقيقية كانت مع الحياة والوحدة والفقد. لكني قررت أخوضها لوحدي، أو أُجبرت إني أخوضها لوحدي، واتعلمت مستناش الأمير، ولا حتى الساحرة الطيبة، لأن السحر والمعجزات مبيحصلوش لسندريلات زماننا ده على طبق من دهب.

وبتخيل إن اليوم اللي هحكي فيه حكاية سندريلا لبنتي، هخليها هي اللي تفكر معايا في الأحداث والنهاية اللي دايمًا بتكون بداية جديدة.. هي فيها البطلة الحقيقية.

المقالة السابقةماذا تخبرك حكايات طفلك المتخيلة؟
المقالة القادمةعودة ماري بوبنز.. كيف ينقذنا السحر من إخفاقات الحياة

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا