روح جسد.. بنت وولد

1565

 

بقلم/ فاطمة مسعد أحمد حافظ

علاقة الرجل والمرأة ظاهرها المودة والرحمة، وهذا ما نصّت عليه الشرائع السماوية والعادات والتقاليد.. باطنها الصراع والشكوى المتبادلة من الطرفين.

طيب مين الصح؟ ومين الغلط؟ مين مغلوب على أمره؟ ومين الجاني؟

تعالوا ناخدها من الأول واحدة واحدة ونقارن بين أنواع البيوت المصرية في أسس التربية.

 

هتلاقي بيوت متفاهمة جدًا مبتفرقش بين ولد وبنت، وعندها الاتنين سواسية في كل شيء، في الحقوق والواجبات، ودي بيوت بتخرج للمجتمع أشخاص أسوياء في تعاملاتهم مع البشر أو في حياتهم بعد ذلك. على سبيل المثال وليس الحصر البنت مش مسؤولة عن خدمة أخوها الولد لمجرد إنه ولد، الكل بيتعامل معاملة واحدة، الولد مش مسموح له إنه يفضل برة البيت لوقت متاخر لمجرد إنه راجل إنما البنت قدامها لساعة معينة على اعتبار إنها بنت.

 

لا تجزئ المبادئ، الولد والبنت لا بد أن يربيا بنفس الأسس والمبادئ لخلق أفراد أسوياء، الأم والأب نفسيهما لا بد أن تقوم العلاقة بينهما على أساس من التفاهم والمصارحة الحقيقية للوقوف على أهم طرق التربية السليمة حتى لا تختلط الأوراق ويتوه الأولاد بينهم.

 

وعلى النقيض البيوت المصرية الأخرى، اللي فعلاً بتصرفات الأبوين بتطلع للمجتمع كائنات معاقة فكريًا. الأم شخصية مغلوبة على أمرها أمام سطوة الرجل، ماشية بمبدأ الاستسلام للأمر الواقع، وبالتالي بناتها هيمشوا علي نفس المبدأ مستكينين. وللأسف لما المرأة بتكون كده الرجل بيستعمل كل جبروته لقمعها زيادة، ونفس المرأة اللي معرضة لكل أنواع القهر الإنساني ده بتربي ابنها الولد ليمارس ذكورية غريبة على بنت أخرى للأسف مبيهمهاش ومبتفكرش فيها ولا حتى في نفسها، لأن الولد ده بيمارس سطوته أولاً على الأم نفسها اللي حولته إلى هذا الشخص المتبلد.

 

كده عرفنا بداية المشكلة، إذن العلاقة بين الرجل والمرأة لم ولن تكون متوازنة إلا لو بداية التربية أصبحت قائمة على أسس سليمة.

 

طيب في التطور التكنولوجي والحياة المفتوحة اللي أصبحنا بنعيشها!

مفترض إنه الرجل والمرأة يكونوا اتوصلوا لطبيعة مشتركة تقوم على أساسها علاقة سليمة تكون منفتحة على جميع الآراء، مع عدم إلقاء مسؤولية العلاقة على أحد الطرفين دون الآخر. المرأة تجد الرجل مسؤول عن جميع مشاكل حياتها من أول وجود أب قد يكون قاهرها ومعتبرها شيء وليس كائن حي وبيتعامل معاها على إنها عار ولا بد من القضاء على تطلعاتها وأحلامها، ويزوجها لأول من يدق الباب، مرورًا بالأخ اللي ظروف البيت ممكن تساعده على معاملتها إنها كائن درجة تانية.

 

نوصل بقى للزوج اللي في بعض الأحيان بيتعامل معاها على إنها فعلاً خادمة مهمتها في البيت الخدمة فقط، ملهاش شعور ولا أحاسيس، وللأاسف لخضوع البنت قبل سابق لأهلها بتخضع بمنتهى الهدوء، لأان عبارات من نوعية “ضل راجل ولا ضل حيطة” و”احمدي ربنا إنك اتجوزتي؛ حد لاقي؟ عيشي عشان عيالك وخلاص”. وتلاقي عيالها أصلاً اللي هي عايشة عشانهم أول أاشخاص بيقهروها. المرأة المعرضة لكل الذي سبق للأسف معرضة لأمراض نفسية وعضوية، وبتموت بدون ما أي حد بيشعر بيها.

 

طيب الرجل دوره إيه في هذا؟ للأسف كتير بيساعد وبيقوي القهر، مفيش مساعدة ومفيش أي تفهم لنفسية المرأة، ولو كلمته هيكون الرد قوي، “هي يعني أمي كان أبويا بيساعدها؟ هي أمي كانت بتشتكي؟” وللأسف والدته مساعداه أصلاً على هذه الممارسات، إلا من رحم ربي. فيه في المجتمع نماذج فريدة، الرجل الذي يساعد هذا الجزء الذي انفصل منه ويشعرها بذاتها وكيانها، يساعدها حتى ولو بالكلمة، حتى لو بالدعوة، هذا هو الرجل الحق قد يكون عاصر قهرًا اتعرضت له والدته، فقرر يعامل زوجته على أنها أميرة متوجة، ولا يسقط أو يقلل من مشاعرها أو يكون العكس، حيث إنه رأىي والده يعامل والدته بالمودة والرحمة المنصوص عليهما في الشرائع السماوية، فكبر على يد ملكة، فقرر يكون ملك لامرأته.

 

إذن الموضوع كله نسبة وتناسب، المرأة ليست كائن ضعيف مغلوب على أمره ومش لازم تنتهج مبدأ المدافعة دائمًا عن حقوقها، لأنه ببساطة من حقها. لو صدقت المرأة ده هتعيش على الأقل في سلام نفسي، لو مضغطتش على أعصابها في سبيل إنها تثبت للمجتمع إنها كويسة وإنها متحملة للمسؤولية هتوصل برضو للسلام النفسي.

 

لو الرجل بس مجرد راعى شعورها، فكر مرة إنها فعلاً متحملة لمسؤولية كبيرة لا تضاهيها مسؤولية، مسؤولية البيت بكامل جوانبها. وحاول في بعض الأحيان مد يد المساعدة، كطلبه منها إنها ترتاح قليلاً و”الغدا عليّ النهارده يا حبيبتي” من غير بس ما يقلبلها الدنيا، هتطير من السعادة وهيرسم البسمة على وشها شهرين قدام، لو قالها مرة “ادخلي نامي ساعتين وأنا هقعد مع الأولاد” برضو مجرد عرضه عليها حاجة زي كده هيحسسها إنه عارف هي بتعمل إيه وتعبانة قد إيه. الكلمة بتفرق، مجرد نظرتك ليها وكلها حنان وحب بتفرق.

 

الرجل كمان عليه ضغوط كبيرة، كفاية إنه بيحاول يوفر مستوى معيشة معين وبيحاول يحافظ عليه دايمًا. المرأة كمان مش لازم تسقط عليه كل مشاكلها على اعتباره أناني أو رامي عليها المسؤولية، لو في شغله فعلاً مش قاعد على القهوة يبقى ربنا يعينه ويبقى سنة الحياة إنك تساعدي، لو إنتو الاتنين بتشتغلوا ومطحونين يبقى يوم الأجازة اخرجوا من الروتين والجو ده، قسموا حياتكم ما بينكم بالتوازن اللي سبق وقولنا عليه.

 

الحياة مشاركة، الزواج نفسه شركة الرجل فيها مش رئيس مجلس الإدارة وخلاص، والمرأة المدير التنفيذي، بالعكس، دي شركة منشأة مناصفة، بيقولوا المركب اللي ليها ريسين بتغرق، في رأيي إن الزواج الرجل رئيس والمرأة أيضًا رئيس، ولا بد من المشاورة والمناقشة حول أسس الإدارة السليمة لهذا الكيان، الزواج مش مجرد شر لا بد منه، لا دي سنة حياة، عشان تلاقي شريك حياتك ونسك وسترك وغطاك. ده للطرفين، الحقوق والواجبات متبادلة ومتوازنة، يبقى الرجل والمرأة خالقين صراع من مفيش.

 

نترك بقى أفكار وحواديت زمان ونعيش بمبادئ جديدة وأفكار متجددة متفقة مع بنود الحياة المعاصرة الجديدة، مش لازم على فكرة تكوني بتشتغلي عشان يبقى ليكي كيان، ممكن جدًا دورك كأم وزوجة تنجحي فيه بدون ما تبقي متحفزة دايمًا، مش لازم مراتك تكون في البيت خاضعة ليك، لا بالعكس، حبك لأولادك وليها نابع من شعورها بأهمية دورها، مش لازم تذلي زوجك كل شوية إنك مطحونة وإن ولادك قلبوا دماغك، حاولي من جواكي تآمني إن جوزك برضو مضغوط جدًا تحت عبء الظروف الاقتصادية، وده في حد ذاته كفيل يدمر أي خلايا عصبية في التفكير.

 

حبوا بعض قوي.. عيشوا الحياة بحلوها أولاً.. وحاولوا تتخطوا مرها.. الصراع بيحرق وبيضعف.. اقووا بنفسكم.

 

 

المقالة السابقةسر كنز المكتبة البيضاء
المقالة القادمةلنهدم طموحاتنا القديمة ونستمتع بالجديدة
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا