خمس سنوات من المحاولة المستمرة

499

 

بقلم/ إيمان رفعت

 

سأكون كاذبة لو قلتُ لكِ إنني سعيدة في المطلق هذا العام في عيد مولدك الخامس، فالمشاعر هذه المرة متخبطة لا أستطيع إفلات خيوط السعادة منها، هل حقًا مرت خمس سنوات؟!

 

خمس سنوات من عمري وعمرك مررنا فيها بالكثير معًا، أتذكر كل اللحظات التي شعرتِ فيها بالسعادة معي، وكنت أنانية لأن أخرج كاميرا تليفوني في كل مرة لألتقط صورة توثق لحظة السعادة التي حدثت، لم أكن أعلم وقتها سبب رد الفعل السريع الذي يجعلني ألتقط الصورة بسرعة وأطلب منكِ أن تعيدي الابتسامة الجميلة لتظهر في الصورة، لكنني أعلم الآن سبب وجود كل هذه الصور.

 

أمكِ يا حبيبتي تشعر بالذنب طيلة الوقت، تخاف عليكِ من نفسها أكثر من خوفها عليكِ من العالم المظلم الموجود بالخارج، هل تتخيلي؟! لذا ألتقط الصور لأذكر نفسي دائمًا أنني أستطعت إسعادك في أوقاتٍ مختلفة، وأنني لست سيئة للحد الذي أرى فيه نفسي.

 

أعلم أن كلامي لن يكون سائغًا لكِ عندما تقرأينه في وقتٍ لاحق من عمرك، لكنه مهم لتدركي كل محاولاتي الفاشلة قبل الناجحة في التعامل معكِ، وإخراج كل ما لديكِ من كنوز تميزك أنتِ وتجعلك فريدة لا يشبهك أحد، والأهم أن تدركي أنتِ أنكِ فريدة، ولا تشكين لحظة واحدة أنكِ أجمل من المتوقع وأنكِ صنع الله، وهل يصنع الله إلا كل ما هو جميل ومميز؟

 

كل محاولاتي في السنوات الخمس الماضية تدور حول هدف واحد يا صغيرتي الجميلة، الهدف أن تدركي كم أنتِ جميلة ومميزة، الهدف أن تحبي نفسك كما هي بكل ما تحمله من عيوب ومميزات، أن تدركي أن نفسك هي الأهم وأن إسعاد هذه النفس يحتاج منكِ لكثير من الجهد، بل لكثير من التقبّل.

 

خمس سنوات من المحاولة المستمرة التي لم تتوقف يومًا حتى في نومي، أفكر وأفكر وأفكر في شكل كل يوم، في طريقتي وأنا أوقظك، في ابتسامتك، في صراخك، في ردود فعلك عند الغضب، في ضحكتك العالية، في حنانك الذي أشعر به حتى في غضبك، في رسمك وتلوينك الذي لا يشبه أحدًا، في حلمك لزيارة الفضاء، في حبك للسباحة، في أذنك الموسيقية، في تفكيرك وأسئلتك العميقة والفلسفية أحيانًا، في اهتمامك بغيرك ومتابعتك لكل ما يدور حولك، في هزارك وأوقات (الرخامة) التي لا تنتهي، في الكشري والملوخية وغزل البنات والمكرونة الاسباجيتي، الأكلات التي تغنيكِ عن تناول أي شيء آخر في الحياة، في طلباتك الغريبة ولهفتك لتنفيذها في التو واللحظة، في حبك للرقص والحركة والتمايل، في اهتمامك بمساعدتي في كل كبيرة وصغيرة حتى في عملي.

 

خمس سنوات رقمٌ قليلٌ على كل ما اكتشفته فيكِ، وكثير على ما فعلته معكِ وما كان يجب أن أفعله أكثر، تمنيت في هذه السنوات ألا تكونين مثلي، فأنا يا صغيرتي لا أستطيع حب نفسي إلى الآن، وهذا ما يجعلني دائمة التشتت ولا أشعر بإنجازاتي معكِ أو مع غيرك، هذا ما يجعلني وحيدة رغم كل ما يوجد حولي، هذا ما يجعلني أبحث عن السعادة طيلة الوقت وأنا أعلم أنها داخلي، لكن وصولي إليها من داخلي أصعب من حصولي عليها من أي مكانٍ آخر. لذلك لا أريد لكِ أن تكوني مثلي، أريد منك أن تحبي نفسك منذ اللحظة الأولى، أن تدركي حقيقتها وتتعرفي عليها مبكرًا كي لا يمر الوقت وأنتِ في مكانك رغم ركضك المستمر في الحياة.

 

رسالتي هذا العام قد تبدو كئيبة للبعض، لكن ما يهمني هو كيف ستنظرين أنتِ إليها، وأنا أعلم أنكِ ستحبينها لأنك الوحيدة التي ترى محاولاتي المستمرة في حب نفسي كما هي، وأنتِ الوحيدة التي تدرك أنني رغم كل ما مررت وأمر به سأظل معكِ للنهاية، نبحث معًا عن كل ما يميزك وتحبينه، نمشي في مغامرات قد تبدو أكبر مني ومنكِ، لكننا مؤمنتان أننا نستطيع المحاولة، ومن يدري لعلنا في العام القادم نكتب مثل هذه الرسالة معًا ونحكي فيها كل المغامرات الطائشة التي مررنا بها!

 

حبيبتي “دودي” -كما تحبين أن أناديكِ- هذا العام سيكون مميزًا لي ولكِ، أعلم هذا وأصر على كل محاولاتي لاقتناص فرص السعادة والحب والأنانية المفرطة، التي تجعلني ألتقط صورة مع كل لحظة سعادة وحب.. كل عام وأنتِ كما أنتِ.

 

كل محاولاتي تدور حول إسعادك يا صغيرتي

 

المقالة السابقة5 روايات اتحولت لأفلام مينفعش تفوتهم في الحالتين
المقالة القادمةالتوثيق لانكسارنا وانتصارنا.. لماذا أحب الكتابة؟
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا