خليك في تابوهك ومتصدعنيش

508

بقلم/ أميرة هيبة

نص حياتنا تقريبًا -إن مكانش تلات أربعاها- متحاصرة بالتابوهات.. تابوهات في الأكل والشرب، تابوهات في اللبس، تابوهات في الكلام، تابوهات في كل تعاملاتنا.

طيب يعني إيه تابو Tabu أصلًا؟

 

التابو هو الخط الأحمر أو المنطقة المحرمة اللي مينفعش يتخطاها أي إنسان في المجتمع اللي إنت عايش فيه.. وأشهر 3 تابوهات في أي مجتمع هي: السياسة، والدين، والجنس.

 

أوقات بيكون المجتمع هو اللي بيُملي علينا التابوهات أو المحاذير دي بمجموعة من العادات والتقاليد البالية، وأوقات تانية بنكون إحنا نفسنا اللي بنصنع التابوهات دي بإيدينا، أو إن الظروف اللي بنمر بيها في حياتنا هي اللي بتضطرنا إننا نحطها ونمشي عليها.

 

وبمناسبة التابوهات اللي بيُمليها علينا المجتمع وإحنا كلنا مستسلمينلها بشكل كبير.. فيه فكرة كده متاخدة عن إن الست لازم يكون شغلها منحصر في مجالات معينة متتخطاهاش، يعني مثلًا مينفعش نسمع عن واحدة ست بتشتغل قاضية أو وكيلة نيابة أو مهندسة بترول أو كهربائية أو نقّاشة أو نجّارة أو سوّاقة.. دي شغلانات كلها مقتصرة على الرجالة بس.. المسألة مش فكرة منازعة الست للراجل في شغله، الفكرة كلها إن مفيش سبب واضح ومُقنع بيمنع شغلها كده غير تابوهات المجتمع.

 

أو فكرة إن البنت اللي اتأخرت في الجواز شوية لازم تتحط في قالب العنوسة والعُقد.. ويبدأ الكلام يكتر عليها وتبقى يا إما إنها عندها مشكلة أو فيه حاجة مخبياها.. وتلاقي الأمهات والخالات والعمّات والجارات طول الوقت يقولولها “ربنا يفك عقدتك يا بنتي”، أو “ما تشدي حيلك شوية وتتجدعني وتشوفيلك عريس حليوة زيك كده”، مع غمزة من طرف العين، أو “مش ناوية بقى تطمنينا عليكي يا حبيبتي”، وكلام أغرب من كده، ويبدؤوا يكرّهوها في عيشتها وكأن مسؤولية تأخر جوازها دي واقعة عليها هي لوحدها.. وممكن تكون البنت دي نفسها الموضوع مش شاغلها أصلًا زي ما هو شاغلهم كده.. بس إزاي يسيبوها؟! لأ مينفعش؛ هي دلوقتي بقت متهمة دايمًا بذنب هي معملتوش.

 

نيجي بقى للست القوية الواثقة من نفسها اللي غالبًا الراجل في مجتمعنا بيشوفها “بُعبُع” حياته، البُعبُع اللي بيهدد أمانه واستقراره، فبيحاول طول الوقت يهرب منه، لأنها بتقلل من شعوره بتفوقه الذكوري عليها، ممكن آه يحترم رأيها ويقدّره من بعيد لبعيد.. لكن لو الست دي أخته أو مراته يبدأ يفرض سُلطته عليها، وطالما ليها رأي مستقل ومعتدة بيه، وبنفسها يبقى لازم يكسرها، وده بيأكد وجود القالب المجتمعي اللي بيقول إن الست لازم تكون ضعيفة.

 

فيه فكرة برضو منتشرة جدًا في مجتمعنا.. إن البنت المحجبة هي النموذج الصح الوحيد للبنت المحترمة، وأي شكل تاني من أشكال اللبس المختلفة بيكون غلط وميصحش وإزاي تلبس كده! ويا سلام بقى لو البنت دي ضحكتها عالية شوية! دي كده تبقى وصلت لقمة قلة الأدب وأكيد وشها مكشوف.

 

وفيه نقطة كمان، إن البنت مثلًا مينفعش تركب عجلة.. ليه؟ لأنها أكيد هتتعاكس وتتبهدل وتتعرض للتحرش اللفظي والجسدي، مع إنها ممكن تكون بتستخدمها كوسيلة مواصلات تروح بيها شغلها أو مشاويرها الطبيعية، ولو قررت البنت إنها تتحدى كل ده وتركب عجلتها وتنزل الشارع واتعرضت لأي مشكلة أو حد اتحرش بيها.. الناس ساعتها تقول: “إيه اللي وداها هناك؟! وأكيد تستاهل كل اللي حصلها”.

 

كل دي تابوهات بتحدد دور وشكل المرأة في المجتمع، وبتقولب حياتها كلها في أشكال معينة مينفعش تخرج برّاها.. طريقة لبسها.. طريقتها في التعامل مع الناس اللي حواليها.. طريقتها في التعبير عن رأيها.. أحلامها.. اختياراتها في حياتها.. اختيارها لشغلها.. حتى لو كانت شغلانة غريبة ومختلفة عن الطبيعي والمتعارف عليه، والظروف هي اللي اضطرتها لحاجة زي دي، بتلاقي المجتمع كله بيعاقبها.

 

للأسف إحنا ضحايا لمجموعة من العادات والتقاليد البالية، وأسرى لمجموعة من الموروثات الثقافية من قديم الأزل، اللي بتخلي للراجل دايمًا أفضلية على الست في كل حاجة.. أينعم فيه شوية مننا بيحاولوا وبيعافروا طول الوقت للوصول لحقوقنا البسيطة.. بس المشكلة الفعلية في القاعدة العريضة من الستات اللي مستسلمة تمامًا للتابوهات اللي المجتمع بيفرضها عليها، لأ ومقتنعة بإن هو ده الصح.

المقالة السابقة“البوسة” أفضل كثيرًا
المقالة القادمةيا مرايتي.. يا مرايتي
كاتبات

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا