أجمل حواديت قبل النوم للاطفال، حواديت ماما نونا وحواديت ابلة فضيلة للأطفال

1911

كسائر أطفال العالم، كنت أستمع إلى الحواديت من أمي قبل النوم، لا زالت بعض الأسماء عالقة في ذهني حتى الآن “أبو رجل مسلوخة”، “العجوز الشريرة”، “عاز وماز واللي بتضرب بالعكاز”، وغيرها.

حواديت طفولتي كانت مليئة بالأشرار، والثعالب المكارة، والشخصيات الخيالية المخيفة، ما انعكس على شخصيتي وجعلني طفلة تخاف كل شيء، الظلام، الوحدة، الحيوانات، وبالطبع وقت النوم، الذي كان الموعد المثالي لزيارة شخصيات الحواديت المخيفة لي.

بالطبع لم تدرك أمي مدى تأثير هذه الحواديت على طفلتها الصغيرة التي تخاف كل شيء، هي فقط تحاول تسليتي، أو تهيئتي للنوم بحدوتة تنهيها بسؤال وحيد: حلوة ولا ملتوتة؟ فأجيبها: حلوة! بينما تخبرني كوابيسي أنها ملتوتة.

قصص وحلوى

منذ طفولتي أحب شراء القصص، أذكر تلك المكتبة القديمة الصغيرة التي كانت في الشارع المجاور لبيت جدي، أعتقد أنني لن أنسى هذه التفاصيل مهما حييت، كنت أخرج بصحبة جدي في الصباح، نشتري البليلة والكسكسي، ثم نذهب لهذه المكتبة، يصافح جدي صاحب المكتبة العجوز، ويترك لي حرية اختيار قصة صغيرة، يدفع 25 قرشًا، 20 قرشًا ثمن القصة، وآخذ قطع الحلوى بالباقي، ثم يمنحني العجوز قطعة حلوى زائدة هدية منه لهذه الصغيرة التي لا تمل من شراء القصص.

كل قصة استطعت الوصول إليها، كنت أقرؤها بشغف وأنهيها في وقت قصير، وأعيد قراءتها لحين الوصول لقصة جديدة، هذه القصص مع حواديت أمي هي ما شكّلت نظرتي الأولى للعالم، خارج حدود البيت والعائلة.

نظرة سطحية

القصص والحواديت أثرت كثيرًا في أفكاري ونظرتي للحياة، والأفكار الحالمة التي يمكن السماح بها في الطفولة، استمرت معي حتى سنوات الشباب الأولى، فقط تغير اسمها لتلائم المرحلة، فأصبحت ساذجة.

أعترف أنني لسنوات ظللت أحمل أفكارًا ساذجة، ونظرة سطحية للحياة، لم أعترف باللون الرمادي قط، أحيانًا كنت أجهل وجوده من الأساس، الطيبون شكلهم طيب وكلامهم طيب، والأشرار مظهرهم قبيح وكل تفاصيلهم شريرة مثلهم.

تطلب مني الأمر عشرات التجارب والسنوات، من أجل إدراك أن الحياة ليست بهذه البساطة، وأن البشر ليسوا بهذه السطحية، وأن الأشياء ليست دائمًا كما تبدو عليه.

وللإنصاف، فإن هذه القصص كانت ملائمة لتلك المرحلة الزمنية بكل تفاصيلها، وإن ثبت خطؤها الآن، من يدري.. ربما نكتشف نحن أيضًا أخطاء في أساليب تربيتنا لأطفالنا بعد عشرات السنين.

الحواديت وأمومتي ولغة الضاد

كوني أمًا أدرك أهمية الحواديت في تكوين شخصية طفلي، في البداية كنت أحكي حواديت من وحي خيالي، أحاول توصيل قيمة ما لطفلي عبرها، سواء عبر البطل (الطفل كريم.. اسم ابني)، أو عبر أبطال من الحيوانات.

ولأنني أدرك أيضًا أهمية القراءة للطفل من كتاب ورقي يحمله بين يديه، ويقلب صفحاته بنفسه، ويشاهد صوره، بحثت عن مجموعة قصصية مناسبة، ووثقت في اسم عريق في هذا المجال، واشتريت المجموعة كاملة.

في البيت فتحت القصص من أجل طفلي، وكانت المفاجأة.. استبعدت أكثر من نصف المجموعة لحملها قيمًا غير مناسبة للأطفال، وأجريت تعديلات على أحداث باقي القصص لأنها تحمل أفكارًا لا يصح بثَّها في عقل الطفل، كأن ينتصر البطل فيسرق أدوات الخاسر كعقاب له.

حينها أدركت أن اختيار مجموعة قصصية صدرت منذ زمن قديم لم يكن الاختيار الأمثل، وأن الحصول على قصص تناسب ما أطمح إليه في تربية طفلي ليس أمرًا سهلاً، خصوصًا إذا كنت مُصرَّة على أن تكون باللغة العربية.

أهمية الحواديت وقراءة القصص في تشكيل شخصية الطفل

على الأمهات إدراك أن أهمية قراءة القصص للطفل تذهب إلى أبعد من مجرد تطوير مهارات القراءة والكتابة، أو حتى التسلية، فالقصص التي تبثها في عقل الطفل لها العديد من الفوائد، نذكر منها:

  1. القصص تشكل نظرة الطفل للعالم، فالطفل يعيش في بيئة محدودة، والقصص تصور له العالم الخارجي، الأماكن البعيدة، والشخصيات المختلفة عمن يحيطون به، إنها تثري أفكار الطفل، وتعبر به الحدود.
  2. القصص تساعد الطفل على معرفة كيفية التصرف السليم حيال المواقف المختلفة، فبما أن أحداث بعض القصص تحاكي مجريات الواقع، فإن الطفل يستلهم منها كيفية التعامل مع نفس الموقف إذا واجهه، وهذا يطور قدرته على التعامل مع المشكلات بشكل عام.
  3. القصص تنشئ شخصية لطيفة، فالطفل يكتسب من القصص القيم الصالحة، مثل التعاطف مع الآخرين، وتفهم مشاعرهم ودوافعهم، وهذا يساعده على توقع سلوك الآخر، وتقبل الاختلاف.
  4. القصص بأحداثها الخيالية، وشخصياتها المختلفة، وأماكنها الساحرة، تثري خيال الطفل، وتحفز الجانب الإبداعي في شخصيته.
  5. القصص تعلم الطفل أهمية طرح الأسئلة، الأمر لا يقتصر على سؤال: حلوة ولا ملتوتة؟ وإنما أسئلة متبادلة بين الأم وطفلها: ماذا تعلمت؟ ماذا تفعل لو كنت مكان البطل؟ بالإضافة إلى أسئلة الطفل عن التفاصيل المختلفة. كل هذا ينمِّي الجانب المعرفي واللغوي للطفل، ويعزز الرغبة في الاستكشاف عند الطفل، وهذا الجانب مهم جدًا في تنمية القدرات العلمية للطفل.

القصص والأمهات ما بين الاختيار والرغبات

من أجل الأسباب السابق ذكرها، فإن الأم بحاجة إلى تحديد ما تحتاجه بالضبط من القصص، القيم والأفكار التي تبحث عنها، ومن ثم تبحث عن اختيارات مناسبة لما تهدف إلى تعليمه لطفلها.

الجانب الآخر هو أننا بحاجة إلى صناع حواديت للطفل، تكون بلغتنا الأم، من أجل إثراء الحصيلة اللغوية للطفل، وتحتوي على قيم تناسب مجتمعنا، وأساليب التربية العصرية، وأن تتميز المطبوعات بالجودة والألوان الجذابة لتحفيز الطفل، فهل من مُجيب؟

المقالة السابقةحقيقة الطيبة: الطيبه ليست غباء الطيبه نعمه فقدها الاغبياء
المقالة القادمةعروس البحر والتنازلات المميتة

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا