حكايتي مع الختان

1652

 

بقلم/ ش

 

حلم اليقظة المفضل عندي لحد كام سنة كان إني نِجيت، إن مفيش حاجة حصلتلي وإنيى قدرت أنقذ نفسي.. ده فضل معايا سنين، وكنت بخلق سيناريوهات مختلفة إزاي أنقذت نفسي وحياتي بقت عاملة إيه. مكانش عندي القدرة إني أقبل اللي حصل أو أقوله بصوت عالي مع إني كنت بفكر فيه طول الوقت.

 

أخدت وقت طويل عشان أقدر أتكلم عنه مع ناس تانية. مقدرش أقول إني خلاص قبلت اللي حصل، لسة عايشة مع أحلام اليقظة، بس المرة دي أنا قبلت إن ده حصل لأنه واقع، بس في أحلامي بحاول أغير النتائج بتاعته.

 

عارفين لو حد فقد طرف من أطرافه مثلاً إيد، فيفضل يحلم إن الجزء ده ينمو مرة تانية، ده طبعًا شيء مش منطقي وعمره ما هيحصل، وعلى مستوى العقل الشخص ده عارف، بس برضو ده مش بيمنعه إنه يحلم كل يوم يبقى عنده إيد تاني.. أهو أنا الشخص ده.

 

موضوع الختان (أو تشويه الأعضاء التناسلية) ده خلاني أكره جسمي وأعامله بطريقة وحشة، مكنتش بروح لدكاترة خالص لما أكون عيانة وأتحمل الألم، لأني كرهت الدكاترة. علاقتي بأمي كانت علاقة سطحية، كنت غضبانة عليها طول الوقت، كمان قررت يمكن بشكل غير واعي إني مش هدخل أي علاقة ومش هتجوز، عشان أعاقبها، وركزت كل طاقتي في الدراسة والمستقبل. قفلت على قلبي ومسمحتش لحد يقرب مني أو أقرب من حد. كنت بخاف من الرفض، إني لو اتشفت بجد وحد عرفني هيرفضني، كان مسيطر عليَّ إني قليلة وناقصة ومش جميلة.

 

قضيت ليالي كتير أبكي وأتمنى إن حاجة تحصل. ساعات كنت بحس بألم مفاجئ وحاد مكان الندبة، وكان ألمى وغضبي بيتجدد مع كل خبر عن بنت ماتت من الختان، أو من أي كلام عن الموضوع ده، كأن جرحي بينزف طول الوقت.

 

اتمنيت كتير إني كنت أموت ساعتها، وكنت بستغرب إزاي طفلة عندها 7 سنين تتحمل الألم ده! وأنا بشتغل مع مراهقات في الصعيد في ورشة توعية عن الختان وأضراره، بنت منهم وصفت إن أهلها عملوا ده عشان يكسروها، قلبي وجعني. كمان واحدة صاحبتي بتشتغل مع الأطفال وقالت لما بنت بيحصلها كده بتنطفي، وبنعرف من غير ما تقول.

 

سألت نفسى كتير: ليه ربنا خلقني بنت؟ ليه متخلقتش راجل؟ وليه ربنا سايب ظلم زي ده بيحصل كده لسنين كتير؟ مش لاقية إجابات لأسئلتي.

كنت بكلم أختي على سكايب لأني كنت مسافرة وقت طويل، وأمي سلمت عليَّ وقالتلي نِفسها تفرح بيَّ، وساعتها حصلت مواجهة بيني وبين أمي وانفجرت فيها وعبرت عن كل مشاعر الغضب ناحيتها، وإني مش ممكن أتجوز وإني بكره جسمي ومش هسامحها أبدًا، أمي كانت ساكتة طول الوقت وأنا بعيط وأصوت وأتكلم.

 

أختي حاولت تهديني، وبعديها بكام يوم قالتلي إن أمي منامتش بقالها يومين وبتطلب مني أسامحها، وحَكت لأختي إيه اللي خلاها تعمل ده، وتجربتها الشخصية مع الختان، ولما أختي حَكتلي كل ده، كانت أول مرة في حياتي أتعاطف مع أمي.. أول مرة أشوفها إنسانة بتتألم وأقدر أحس بألمها.

 

متكلمتش أنا وأمي تاني في الموضوع بشكل مباشر، بس لما رجعت مصر اعتذرتلي، بس مكانتش حابة خالص تتكلم، وأنا كنت محبطة شوية، بس فهمت إنه مؤلم بالنسبة لها إنها تتكلم معايا. ده ساعدني شوية، بس لسة بعافر وبحاول أحب جسمي، مبقتش أكره جسمي زي الأول.

 

دلوقتي فيه علاقة مع إنسان لطيف ومتفهم. وكنت بحاول أهرب منه كالعادة، وفي الآخر قلتله على تاريخي، وقالي إنه بيحبني لنفسي مش لجسمي، قررت إني مهربش المرة دي وأشوف هوصل لفين.

 

ساعات بخاف وأكون عايزة أجري، بس وعيي بده وتعبيري عنه بيساعدني وبيخليني أكون واثقة أكتر وأفهم مشاعري والألاعيب اللي عقلي بيلعبها عليَّ.

أتمنى مفيش بنت تتعرض للألم ده أبدًا، وأتمنى شفاء وسلام ليَّ ولكل بنت اتعرضت للتجربة المؤلمة دي.

 

حصلت مواجهة بيني وبين أمي وانفجرت فيها

 

المقالة السابقةوإذا الدنيا كما نعرفُها
المقالة القادمةدليلك لاختصار وقت المطبخ في رمضان
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا