حكاية بنت ولعبة

1583

هحكيلكم حكاية بنت أعرفها كويس، حكايتها ممكن تتكرر مع بنات تانية كتير، البنت دي دخلت تجربة عاطفية كسرت قلبها.

 

البنت لما قلبها اتكسر الغضب عماها، كانت بتبص للسما وتقول لربنا بمنتهى الندية “ليه؟! إنت كنت قادر متوقعنيش في الحفرة دي! وقعتني فيها ليه؟!”.

 

وعشان تنتصر على هواجس وخيالات مكانتش في دماغ حد غير في دماغها، كررت نفس الغلطة، بغض النظر عن التفاصيل المؤلمة، البنت دي شاركت في كسر قلبها للمرة التانية بكل الطرق، رجعت عادت التجربة طبق الأصل العلقة اللي فاتت.

 

البنت دي مكانتش واخدة بالها من أي حاجة غير من الوجع، مخدتش بالها إن ربنا إداها حاجات كتير بعد كسر قلبها للمرة الأولى، مشكرتوش على إنه أنقذها، بالعكس عاتبته على إنه من البداية وجعها.

 

بس ربنا كان أرحم بالبنت دي من نفسها، البنت المرة التانية كانت عارفة إن الغلطة منزلتش عليها من السما، ربنا إداها فرصة تنقذ نفسها وهي مشافتهاش في المرة الأولى، كل اللي عملته إنها صرخت ودبدبت برجليها في الأرض وقررت إنها تعاند قدرها، ومع ذلك ربنا طبطب عليها وأنقذها تاني، رغم إن علاقتها بالسما مكانتش كويسة بسبب الكسر الأول.

 

ودي كانت المرة الأولى اللي البنت دي فيها تعرف معنى الامتنان.

 

البنت أخدت نفسها وبصت حواليها، لقت العمر لسة فيه باقي، الدنيا موقفتش عشان قلبها اتفتت، في الأصل اكتشفت إن قلبها لسة موجود، متكسر بس موجود، حطت إيدها على قلبها وشكرت ربنا.

 

البنت دي في خلال ست شهور، كانت لملمت نفسها، جربت حاجات كتير الغضب مكانش مخليها تشوفها، سافرت لوحدها بلد تانية والباسبور بتاعها اتختم وركبت طيارة، ركزت شوية في الحاجة اللي بتحبها وابتدت تعملها بشكل يمكن يكون محترف، صاحبت ناس وخسرت ناس، اشتغلت تاني وقبضت فلوس، قابلت ناس طيبين، اكتشفت إن الدنيا يمكن يكون لسه في جدولها إنها تعرّفها على ولد جميل تكمل عمرها معاه.

 

اتعلمت تكون ممتنة، في الأول البنت دي كانت طول الوقت غضبانة، بعد ما لملمت قلبها ابتدت تشوف الحاجات الحلوة، ابتدت تشوف كل التفاصيل اللي كانت مغمية عينيها عنها، الناس في الشوارع بقوا حواديت بالنسبة لها، قلبها بقى فيه مكان ومساحة للفرجة على البشر، ابتدت تستطعم كل حاجة وتشكر ربنا عليها.

 

فهمت إن شعور الامتنان لله الطرف الوحيد الكسبان منه هو البنت دي، إحساسها بالامتنان لله مش هيزود ربنا في حاجة، لكن هيزودلها هي براح، مساحة تتنفس فيها، اتعلمت تمتن لخروجات صحابها اللي بتضحك فيها من قلبها، تمتن للأكل الحلو، تمتن للنكت والإفيهات الملعوبة صح، تمتن لرفاق الروح، تمتن للتجارب بغض النظر تجارب حلوة أو وحشة، تمتن لدفا الأصوات، تمتن للبكا اللي بيوسع مكان للحب.

 

تمتن عن كل يوم حرية ربنا رجعهولها بعد ما كانت هتضيع نفسها تمامًا وغضبها يزيد ويكبر لحد ما يخنقها.

 

البنت اتعلمت لعبة الاستمتاع اللحظي، لسه مبقتش فيرويد في اللعبة، بس أهي لسه بتعافر وبكرة هتتعملها وتبقى شاطرة جدًا.

 

لعبة الامتنان لعبة ممتعة، مفيهاش حد خسران، جربي تمتني للأشياء، للمواصلات لما تكون سهلة، لاجتماع ف شغلك زمايلك فيه يبصولك بإعجاب لما تقولي فكرة حلوة، لبلوزة جديدة لما حد يشوفك لبساها يقولك إن شكلك يجنن، للأكل مع شخص بتحبيه، جربي تلعبي اللعبة دي هتلاقي الدنيا لسه فيها ليكي مكان.

 

ممكن حياتنا متحصلش فيها معجزات نحكي عنها، مش لازم نستنى معجزة عشان نعرف معنى الامتنان، في حاجات كتير أوي ف يومنا ممكن نمتن عشانها ونشكر ربنا ونحب الدنيا.

 

البنت اللي في الحكاية اتعلمت اللعبة، بقت بتلعبها كتير مع المرايات، تبص في المراية وتقول لنفسها حاجة حلوة فرحتها وتشكر ربنا عليها، بقت تبص للناس وتقولهم اللي في قلبها بعد ما كانت مبتعرفش تعبّر.

 

البنت اتعلمت اللعبة دي بسبب إن قلبها اتكسر، لو مكانش قلبها اتكسر في بداية الحكاية، مكانتش اتعلمت اللعبة دي، مكانش زمانها مبسوطة دلوقتي.

 

نسيت أقولكم، البنت دي تبقى أنا.

المقالة السابقةالكوكيز الملونة للحفلات
المقالة القادمةمتحبنيش بالشكل ده
كاتبة وصحفية مصرية

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا