حسين الإمام.. صاحبي اللي معرفوش

930

مرة واحدة بقيت لوحدي والطريق مشي من تحت رجلي. الدنيا فاضية ومفيهاش جاذبية ومفيش مكان للسؤال.

 

والأمر بقى واقع.. جنني طول البعاد.

 

أخرج من بيتي 6 الصبح قبل معاد محاضراتي بست ساعات كاملة، بس عشان الرذاذ يرعش كتافي وأحس إن قلبي بقى نبع حب صافي، وأقول الحقيقية المجردة.. جنني طول البعاد.

 

أنزل من الباص قبل الكلية بأربع محطات.. مسجد جمال عبد الناصر وبعده سور وزارة الدفاع الطويل. مش عارفة مين الشخص اللي اختار يزرع سور وزارة الدفاع ياسمين بلدي، بس أنا بحب الشخص ده أوي. إداني ونس وإحساس بالبرودة يطفي النار اللي جوايا لمدة 6 شهور كاملين من حياتي.

 

كنت بمشي جنب السور أتونس بالياسمين، وفي وداني سماعات الووكمان ومنير بيصرخ ويقول “جنني طول البعاد“.

 

ولما أرجع البيت ألاقي الكلام بيتردد بلحنه في راسي:

 

البيت بيضيق ويضيق لكن أنا قلبي براح 

باصص على مين يا صديق 

على طفل معاه مفتاح

يمكن يسقينا الشاي

يمكن يعطينا الناي

أنا قد الهوى وقدود لو حتى الهوى نساي

 

وأفضل أفكر في البراح اللي نفسي فيه، وفي الصحبة والونس والهوى النساي.

 

وقتها مكنتش أعرف مين اللي لحن الأغنيتين دول اللحن الخفيف ده، وكأنهم قطرات ندى بتنزل على لهيب قلبي تطفيه. 

 

بعدها بأكتر من 10 سنين عرفت إنه حسين الإمام.. مستغربتش.

الأغنيتين لحنهم خفيف قوي ورايق زي كل أعمال حسين.. زي أغنياته وموسيقاه واختياراته في التمثيل وفي البرامج.

 

حسين الإمام اختار يعيش حياته كأنه بيلعب.. والده المخرج الكبير حسن الإمام أهداه في أول السبعينيات أسطوانة للبيتلز، ومن يومها قرر حسين إنه عايز “يلعب” موسيقى زي دي. سافر بريطانيا عشان يتعرف أكتر على تجربة البيتلز، وبعدها سافر شيكاجو في أمريكا عشان يعرف أكتر عن موسيقى الروك، ولما رجع مصر أسس فرقة “طيبة” مع أخوه مودي، بهدف نشر موسيقي الروك في مصر، وتقريبها من المستمع المصري عن طريق كتابة كلمات عربية مناسبة إنها تتغنى مع الموسيقى دي، وبالفعل قدرت فرقة طيبة تعمل أول ألبوم ليها سنة 1979 بعنوان “الدنيا صغيرة”. ونقدر تسمع الألبوم ده:  أضغط هنا

 

أو نشوف أغنية “الساعة 2 صباحًا” لفرقة طيبة : أضغط هنا

 

كمل حسين عمله في الوسط الفني على نفس النهج.. حسين بيلعب.

 

فهنلاقي أعماله السينمائية اللي شارك فيها بالتمثيل، زي “كابوريا” و”إستاكوزا” و”آيس كريم في جليم” بتكرس للفكرة دي. ولما عمل موسيقى تصويرية وألحان لأعمال زي “الوردة الحمراء” و”كذلك في الزمالك” و”اللمبي” بنلاحظ خفة الموسيقى وقدرتها على توصيل إحساس بالبهجة للمستمع. 

كمل حسين الإمام لعب وعمل مجموعة من البرامج التليفزيونية الخفيفة، زي “حسين في الاستوديو” و”عفاريت حسين” و”حسين ع الهوا”. 

كمان لحن مجموعة من الأغاني الخفيفة زي أغنية “جت الحرارة” ليسرا:

 

وشارك في تصوير أغنية “راجعين” لعمرو دياب:

 

واستعراض سنة 2000 من فيلم “سمع هوس” اللي لحنه أخوه مودي الإمام، وأخرج الفيلم المخرج شريف عرفة:

 

ومات حسين الإمام.. ربنا اختارله إنه يموت بشكل رايق وخفيف زي ما هو اختار يعيش طول حياته رايق وخفيف. في بيت هادي بسكتة قلبية مفاجئة. بدون ألم أو وجع وقدامه كل البراح اللي كان بيحبه. 

 

الله يرحمك يا صاحبي!

المقالة السابقةفرحة من قلب الوجع
المقالة القادمةليالي أوجيني..الحب المُستحيل

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا