حتى المشاهير يتعرضون للتنمّر

1143

التَنَمُّر فِعل مُشين يُسييء به القَوي للأضعف منه، فيُشَوِّهه نفسيًا ويُزعزع ثقته بنفسه، لا يهم أن تكون قوة المُتَنَمِّر جُسمانية بقَدر ما أن يكون له سَطوة تمنحه القُدرة على فَرض سيطرته، والوصول إلى أعمق نقطة ممكنة للإصابة بالوجع. البعض يفعلون ذلك من باب الاستظراف، آخرون يضعونه تحت خانة النصيحة، فيما نجد الواضحين أمام أنفسهم يُدركون جيدًا أنهم مَحض مُسيئين.

 

ولأن في مجتمعاتنا ما مِن أحد كبير على الإهانة، ولا مِن خط فاصل يَقي شَر السخرية، أو مُتَنَمِّر يعبأ بقَدر الألم النفسي الذي قد تتسبب به كلماته وحجم المرارات التي ستعلق بالروح إثر إهانته لمَن حوله، فلن يكون غريبًا إذا ما علمنا أن حتى المشاهير الذين يُنظر إليهم بانبهار كانوا عُرضَّه للتَنَمُّر ذات يوم.

 

أبو دم تقيل

تزامنًا مع حملة أنا ضد التنمُّر التي أطلقتها منظمة اليونسيف العالمية، قرر العديد من المشاهير الإعلان عن ما تعرضوا له من إساءات، تضامنًا مع مُحتوى وهدف الحملة، على رأسهم جاء:

“أحمد حلمي” الذي صرَّح بأنه تَعرَّض للتنمر صغيرًا، إذ كان كثيرًا ما يُقال له: “ودانك مطرطقة ودمك تقيل”، وهو ما سعى جاهدًا لتحويله من طاقة سلبية إلى قوة تدفعه للأمام، فكانت النتيجة أن أصبح من أشهر نجوم الكوميديا، فيما أصبحت “ودانه المطرطقة” من علاماته المميزة.

 

الحق السلعوة فكت.. فيكي وحاشة مشوفتهاش ف ضفدعة

هذه عينة بسيطة من مئات التعليقات السخيفة التي طالت “دينا الشربيني”، أشهر المُتعرِّضات للتنمر بالوقت الحالي، فما إن انطلقت شائعات ارتباطها بـ”عمرو دياب”، حتى بدأت حملات السخرية منها، لا لشيء سوى أنها فازت بقلب ذاك الرجل الأقرب للحلم، والذي لم يكن أحد يتَوَقَّع أن إيقاعه بالغرام مُتاح.

 

وبالرغم من أن التَنَمُّر بـ”دينا” طالها من كل اتجاه، فإن الأكثر انتشارًا كان حول شكلها، فهي فتاة سمراء ذات شعر كيرلي وتبدو عادية جدًا، فكيف ولماذا يقع بغرامها رجل لَفّ العالم وسبق له الزواج من امرأة تنطبق عليها كل مقاييس الجمال المُجتمعية؟!

 

انتقادات كثيرة كانت من نصيب “دينا” هذا العام، ما دفع الفنانين للتضامن معها، أما “دينا” نفسها فقابلت الإساءة بالحُسنى مؤكدةً أن تربيتها تمنعها من الرد، وأن جمهورها في الشارع يلقاها بمودة وحفاوة تتناقض مع العداء المُحَاك ضدها بالسوشيال ميديا، وإن كان يؤلمها الحُزن الذي ينخُر قلب والديها بسبب سخرية الناس من ابنتهما.

 

أيوة.. أنا راجل دَلّوع

الإعلامي “شريف مدكور” من أشهر الشخصيات التي تتعرَّض للتَنَمُّر بشكل ملحوظ على صفحات التواصل الاجتماعي، سواء لأسباب تَخُص مظهره أو طريقة حديثه، اللذين يصفهما البعض بــ”أداء ستات”.

لكن ما لا يعرفه الكثيرون عن “مدكور” أنه تربَّى تربية صارمة، فجده وزير حربية سابق، بالإضافة إلى تَعَلُّمه في مدارس راهبات مَعنية بالنظام والانضباط. وإن كان ذلك لا ينفي اعتراف “مدكور” نفسه بأنه نشأ مُدللاً ولا يجد غضاضة في ذلك، فالرجولة برأيه تصرفات وتعاملات، أما اختياره لملابسه ومُفرداته لا يخص أحدًا غيره، مما يجعله لا يَشغل باله بما يُقال عنه.

 

تَنَمُّر أفضى إلى موت

“حنان الطويل” ممثلة اشتهرت بأدوار كوميدية، منها: “ميس انشراح” في فيلم “الناظر”، و”ست كوريا” في “عسكر في المعسكر”. ورغم حب الجمهور لها فإنها تَعرَّضَت بحياتها الحقيقية للكثير من الإرهاب والعُنف، بل والقذف بالحجارة الناتج عن كونها أول ممثلة مصرية مُتحولة جنسيًا.

 

الأمر الذي تسبب في وفاتها انتحارًا وفقًا لبعض المصادر، أو إثر أزمة قلبية أو صدمات كهربائية تعرضت لها في مصحة نفسية انتقلت إليها، بعد بلاغات كاذبة قدمها جيرانها أو عائلتها وفقًا لمصادر أخرى.. وسواء هذا أو ذاك في الحالتين تظل النهاية مأساوية.

وجهان لعملة واحدة

التنمر بسبب الشكل لا تتعرض له النساء فقط، الرجال أيضًا يختبرونه وإن كان بنسبة أقل، ولعل أشهر من واجه السخرية بسبب هيئته اثنان من أفضل كوميديانات السينما المصرية، هما:

“إسماعيل يس” الذي قال له المخرج “توجومزراحي”:”إنت متنفعش في السينما عشان وشك كله بُق”، و”علاء ولي الدين” الذي رفضته لجنة تحكيم معهد التمثيل بسبب وزنه وشكله غير الوسيم. وعلى ذلك رحل الاثنان منذ زمن، وما زالت محبتهما باقية في قلوب الجمهور، و”إيفيهاتهما” حاضرة على ألسنة الجميع، حتى الأجيال التي لم تُعاصرهما من الأساس.

 

عملية جراحية إرضاءً للجمهور

“شكران مُرتجى” فنانة سورية، أعربت عن استيائها بسبب المضايقات التي تعرضت لها في مراهقتها، ووصفها بأنها “بشعة ومنخارها كبير”. وبالرغم من قدرتها على تجاهل التنمُّر عمليًا والتركيز على ما تطمح للوصول إليه، فإنها على المستوى الشخصي تأثرت سلبًا للدرجة التي جعلتها تخضع -بعد فترة- لعملية تجميلية بالأنف في سبيل إرضاء الجمهور، لا نفسها.

 

أزمنة مُختلفة واتهام مُشتَرك

الممثلة الكوميدية “بدرية طُلبة” هي الأخرى تعرضت للتنمُّر عدة مرات، أولاً: في الصغر بسبب الهالات السوداء التي كانت تلازمها أسفل عينيها، وفي الكِبَر بسبب إصابتها بمرض في الغدة من أعراضه نَقص الوزن، وجحوظ العينين، وعدم التوازن، ما أدى إلى سقوطها في إحدى المرات على المسرح. وسواء صغيرةً أو كبيرةً في الحالتين كان الاتهام واحدَا: تعاطي المُخدرات.

 

الأمر الذي أزعجها صغيرةً وسبَّب لها مُشكلات نفسية جعلتها تكره المدرسة، وأحزنها كبيرةً لاتهامها بشيء باطل، وإن كانت نجحت في تجاوز الوجع مع التقدم بالعمر حين نجحت في تقَبَّل شكلها كما هو دون الاهتمام بآراء الآخرين.

 

المُتَنَمِّر كذاب

أما “منى زكي” فتعرضت للتنمر في طفولتها بسبب قصر قامتها، وفي الجامعة من قِبَل أحد دكاترة الجامعة الذي كان مُصرًا على وصفها بالــ”حولة”. لكن لأنها تربَّت على عدم السماح لأحد بالتقليل من ثقتها بنفسها، نجحت في ألا تتأثر بما يُقال سلبًا عنها.

 

من نقطة ضعف إلى نقطة قوة

الممثلة الشابة “تارا عماد” صَرَّحت بأنها لطالما تعرضت للمضايقات في الصغر بسبب طول قامتها الواضح ونحافتها البارزة، وهما بالضبط السببان اللذان جعلاها تنجح فيما بعد في العمل كعارضة أزياء.

 

تنمُّر غير لفظي

نوع مُختلف من التنمُّر تعرضت له الفنانة “حلا شيحة” بسبب طيبتها وكونها شخصًا مُسالمًا، إذ اعتاد من حولها سرقة أدواتها، واثقين من أنها لن تستطيع أخذ رد فِعل عنيف تجاه ما يفعلونه.

 

الامتيازات أيضًا قد تدعو للتنمُّر

التنمُّر لا يحدث فقط نتيجة وجود عيوب أو نقاط ضعف بالمُتَنَمَّر به، بل كثيرًا ما يكون النجاح مُستَفزًا للفاشلين، ما يدفعهم للتقليل من شأن البارزين في مجالهم. وهو ما حدث بالفِعل سواء مع الكاتبة “سكينة فؤاد” أو الفنانة “وفاء عامر” بسبب تفوق كلتيهما في الدراسة، ما صنع حاجزًا نفسيًا بينهما وبين باقي الطلبة، وتسبب في غيرة سُرعان ما نتج عنها أذى، عرفتا كيف تتصديان له.

 

المصادر:

الأول

الثاني

الثالث

الرابع

الخامس

السادس

السابع

الثامن

التاسع

العاشر

 

المقالة السابقةبابا والرحلة من الأمان للخذلان
المقالة القادمةنقطة نور
امرأة ثلاثينية متقلبة المزاج، أعشق الرقص على السطور كتابةً، أُحب الفن بمختلف أنواعه وأعيش عليه. والآن كبرت وصار عليّ أن ألعب في الحياة عشرات الأدوار طوال الوقت، لأستيقظ كل صباح أُعافر حتى أستطيع أن أُحاكي بهلوانات السيرك فأرمي الكُرات المُلونة بالهواء ثم ألتقطها كلها في آنٍ واحد.

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا