حب العمر

2010

 

بقلم/ رودينا عادل

 

أتخيله في أواخر الثلاثينيات.. أسمر البشرة.. وسيم.. حضوره يجمع بين الرجولة والشباب.. عيناه بلون العسل.. شعره أسود داكن وتتخلله بعض من الشعيرات البيضاء تزيد من شكله وسامة ورجولة.. كريم.. يتصدق كثيرًا.

 

حين يمسك يدي يصبح قلبي بين كفيه. أجمل ما فيه هو ذلك الشعور بالأمان فى وجوده، لأنه رجل يفي بوعده. رأى في ما لا يراه الآخرون، ذلك ما يقال عنه تآلف الأرواح. يراني طفلة حين أفرح ويراني امرأة حين أحب. يحبني بصدق ويتقي الله في.. وذلك حب العمر.

 

منذ عمر مضى وأنا أنتظر قصة حب، تمنيت من الله كثيرًا. ربما أحببت، ربما تعلقت، ربما توهمت بحب ما، ولكن لم ألتقِ قط بحب العمر.

 

منذ كنا أطفالاً ونحن نعي على كلمة حب في قصص الأميرات سندريللا وسنووايت وعروس البحر وغيرها.. آمنت حينها أن الحب ما هو إلا قدر يجمع بين قلبين وحياة وردية في انتظارهما، لكن حين ينضج القلب وتعلمنا تجارب الحياة، ندرك أن هناك على أرض الواقع ما هو أعمق بكثير من قصص الأميرة العاشقة والفارس الشجاع.

 

قرأت عن عاشقين لا أعرفهم. قرأت عن عشق القصص  والروايات. عشق الحياة الوردية. رأيت نفسي بطلة إحدى القصص، وكم دعوت الله أن يرزقني حبًا يكون لي سكنًا وأرضًا وأمانًا، فذلك حب العمر.

 

ساقني القدر إلى أن أستمع لحكايات يرويها أصحابها، حكايات ما زالت في ربيعها، وحكايات لأشخاص مضى بهم العمر وتسلل إليهم الشيب، لكن ما زال القلب ينبض بتلك الذكريات. تفاصيل تشهدها الذاكرة وترتوي بها الروح رغم العمر الذي مضى.

 

وبين كل حكاية وأخرى أدركت الكثير، أدركت أني لم أكن أعي كلمة عشق قط، أدركت أن الحب سكن ووطن. وطن يسكننا ونسكنه، وطن لا يجعلنا نتساءل عن غد ما دمنا نمتلك اليوم، وطن يعطينا الحياة بأي أرض نكون ونعطيه الحياة بقدر ما تكون.

 

صدقت أن هناك حبًا يولد من أول نظرة، عينان تتلاقيان وقلبان يخفقان. صدقت بالحب الذي يأتي مع الوقت مثل زهرة ما تنبت على مهل. صدقت أن الإحساس بالأمان فى وجود شخص ما من الممكن أن يؤدي إلى الوقوع في الحب، لأن الأهم من أن تحب هو أن تطمئن.

 

آمنت أن العشق هو ألا تتخلى أبدًا. آمنت أن العشق هو جنة الله على الأرض وأجمل ما قيل فيه “إني رزقت حبها”.

 

يقال إن ما تبحث عنه يبحث عنك، لكن حين يكون قلبك ملأه اليقين. حينها سوف يأتي من كُتب قدره على قدرك. فالحب رزق يستحق أن ندعو الله لأجله وننتظر جمال قدره.

 

أستودع الله قلبي ودعائي، أستودع الله عشقًا لم ألتقِه بعد، فما زلت تلك الفتاة التي تحيا بالأمل والعشق، عشق القصص والكتابات، عشق الحياة الوردية.

 

عرفنا الحب من قصص الأميرات

الحب العشق، الحبيب

المقالة السابقةالختان: خوف.. ألم.. كسرة نفس
المقالة القادمةبالرغم من عدم ختاني أصابني الألم
مساحة حرة لمشاركات القراء

1 تعليق

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا