بتعرفي تسمعي صوت جسمك؟!

1170

 

بقلم/ كريستين عادل

 

جسمنا بيتكلم على فكرة، لكن إحنا مش بنعرف نسمعه، أو متعلمناش نسمعه، جوة جسمنا ساكن روحنا ونفسنا اللي بتعبر عن ألمها بصرخات مكتومة أو صرخات عالية مسموعة، مع المواقف الكتير اللي بنعدي بيها وبنفتكرها خلصت، لكن للأسف بعدها بنكتشف إننا اختزنا ألم جوانا كبير أو غضب أو خوف وقلق. المشاعر جوانا مش بتتبخر أو بتطير، لكن بتتراكم جوانا.

 

أوقات تلاقي عندك وجع في عضمك ومش فاهمة السبب، أو صداع مستمر أو وجع في الضهر أو وزنك بينزل بطريقة ملحوظة أو بيزيد، برضو بطريقة ملحوظة، وبعدين تقرري تروحي تكشفي عند الدكاترة عشان توصلي لسبب، فبتكتشفي إن مفيش أي سبب عضوي، لكن المشكلة في الوجع النفسي، التراكمات اللي مختزنة جواكي.

 

أوقات من زحمة الحياة مش بنسمع الصوت والأنين الخارج من أعماقنا، والمشكلة الأكبر لما جسمنا كمان بيبدأ يعاني ويتكلم بصوت مسموع بنتجاهل ده.

 

النهارده عايزين نسمع صوت جسمنا بيقولنا إيه، يا ترى بيقولي “أنا مُجهد.. ارحميني”، ولا بيقولي “اهتمي بيَّ شوية”، ولا بيقولي “أنا محتاج تغيير عن المألوف”، ولا بيقولي “أنا متألم اقفي وطيبي وجعي”.

 

طيب إزاي أعرف أسمع صوت جسمي؟

أولاً: أنا مش بعرف أسمعه لأني بجري طول الوقت مش لاقية فرصة أقف وأصغي له. فيه تدريب نَفَس لطيف بيساعدني على الاسترخاء والإحساس بجسمي.

أقترح عليكي تقعدي في مكان هادي لوحدك، غمضي عينيكي، ابدئي اتنفسي بعمق وبراحة، خدي نفس عميق لغاية ما تشعري إنه ملا الرئة للأخر، وخرجيه بالراحة، وكرري ده مرات، وابدئي ركزي على جسمك إنتي قاعدة فين رجليكي لامسة إيه إيديكي لامسة إيه سامعه صوت إيه من حواليكي. حسي بجسمك، كل ده وإنتي بتتنفسي بعمق هتلاقي أفكارك بتهدا.

 

وقتها تقدري تسألي نفسك أنا جسمي حاسس بإيه.. حاسة مثلاً بألم أو إجهاد أو إحساس بالاستهلاك، تفاعلي مع اللي حاساه حتى لو هتبكي، خدي وقتك وبعدها اكتبي مشاعرك وأفكارك بورقة وقلم، لأن اللي شوفتيه في نفسك ملاحظات مهمة، واعطي جسمك احتياجاته اللي بيطالبك بيها.

 

ثانيًا: مع تكرار التدريب ده كل ما تشعري باحتياجك له، هتلاقي نفسك قادرة تفهمي جسمك واحتياجاته، فالمرات اللي هتلاقي نفسك مُقبلة على الأكل بطريقة مزعجة هتلاحظيها بسهولة، وإن ورا ده ضغط نفسي، المرات اللي هتلاقي ملامحك مطفية هتفهمي إن ورا ده انزعاج جواكي، المرات اللي هتحسي بألم في عضمك من غير سبب هتعرفي إن ورا ده تعب نفسي إنتي مش متعاملة معاه.

 

جسمنا في الأغلب بيبقى عامل زي إنذار الخطر اللي بيقولنا إن فيه حاجة مش مظبوطة بتحصل جوانا، فلازم نهتم بالرسايل اللي بيقولهالنا.

 

ثالثًا: بُصي لنفسك في المراية من غير خجل من شكلك، أو إن الوقت الأخير زاد وزنك شوية مثلاً، أو ظهرلك شعر أبيض أو تجاعيد في وجهك، اقفي واتكلمي مع نفسك، إن أنا مقدرة كل علامة ظهرت على وجهي الوقت ده، وده دليل إني بكبر وبيزداد جمالي الداخلي، أو كل شعر أبيض ممكن يكون معناه إني واجهت كتير من الصعاب اللي جسمي تفاعل معاها بالطريقة دي، أو لو وزني زاد يمكن أنا من كتر المسؤوليات مكنتش مركزة مع نفسي.. أنا بطلة إني قادرة أكمل السكة.

 

رابعًا: زي ما قلت إن جسمنا شايل جواه روحنا ونفسنا، فأنا لازم آخد بالي من اللي بيحصل جوايا، فأنا محتاجة أتعلم أعبر عن مشاعري دايمًا بعد كل موقف، أو حتى في نهاية يومك اقعدي مع نفسك واكتبي مشاعرك المختلفة وفضي اللي جواكي، أو دوري على حد موثوق ليكي احكي دايمًا معاه مشاعرك وأفكارك وصراعاتك وأحلامك واضطراباتك ومخاوفك، متشيليش الشيلة لوحدك، شاركي اللي حواليكي اللي يقدروا يشيلوا معاكي.

 

خامسًا: اتصالحي مع نفسك، الأمور اللي مش محسومة جواكي اقفي وكلمي نفسك، أنا بصارع في كذا وكذا وكذا، فيه حاجات محتاجة تقبلي ضعفك زي ما هو، وفيه حاجات محتاجة تغيير وتشتغلي على نفسك فيها، اسمعي صوت أعماقك بتقولك إيه واملي الشرخ بينك وبين نفسك، طبطبي عليها وقت ما هي موجوعة، اسمعيها وافهميها في وقت وجعها من غير لوم، خليكي صاحبة نفسك مش عدوتها، خلي دايمًا يبقى فيه حوار مفتوح بينك وبين نفسك، اقبليها، حبيها، طيبي خاطرها عشان تقدري تبقي أقوى نفسيًا وجسديًا.

 

أخيرًا هقولك.. إنتي غالية بكل مميزات وعيوب فيكي، ومميزة بكل خبرات عشتيها ووجعتك وكبرتك، وكل خبرات لسة هتعيشيها، عشان تعيشيها وإنتي مرتاحة مع نفسك.. عيشي مصحصحة لنفسك، لمشاعرك، لأفكارك، لاحتياجاتك واسمعي صوت جسمك.

 

صحصحي لنفسك

 

المقالة السابقةالفرصة
المقالة القادمةاليوم العالمي للطيبين
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا