انتبهوا.. إنهم يسرقون طفولة أبنائنا!

1258

هو العالم بيتقدم ولا بيتأخر؟! يمكن لو فكرنا من ناحية الاختراعات والاكتشافات هتكون إجابتنا إنه طبعًا بيتقدم، لكن لو فكرنا في نواحي مختلفة أعتقد الإجابة هتبقى أصعب. إحنا عايشين في زمن صعب مليان بحاجات بتسرق طفولة ولادنا، زي وسائط التكنولوجيا، من تليفزيون وآي باد وموبايلات، بتربطهم جنبها بالساعات وبتحرمهم من الحركة واللعب والتفاعلات الاجتماعية، وزي الأغاني والأفلام اللي فيها ألفاظ ومشاهد وقيم لا تناسب الكبار أصلًا قبل ألا تناسب الأطفال، وواقع مرير ملوث بالدم، ونظام تعليمي يقتل أحلى ما يميز الأطفال من مرح وتلقائية وحب للاستكشاف، وقنوات مفترض أنها موجّهة للأطفال، ومفترض برضو إنها تزرع جواهم قيم إيجابية. لكن الحقيقة إن بعض القنوات دي بتعمل عكس الدور المنتظر منها.

 

من كام يوم كنت بتفرج على بعض قنوات الأغاني بتاعة الأطفال، ولفت نظري في أكتر من قناة مظهر البنت -أو عشان أكون أدق: الطفلة- اللي بتغني واللي عمرها بيتراوح تقريبًا من 6 لـ10 سنين: الشعر معمول فورمة معرفش عاملة إزاي، وحلق شكله بتاع بنات كبار، وروج وماكياج، وحتى قعدة البنت وحركاتها مش بتاعة أطفال في رأيي، أنا حسيتها فيها تكلّف ودلع الكبار. ولو تاخدوا بالكم، غالبًا التصوير في الأغنية بيبقى مركز على البنت اللي بتغني واللي بتبقى بالمظهر اللي وصفتهلكم ده. ولما القناة من وقت للتاني بتعمل مسابقة لاختيار أفضل الأصوات عشان ينضموا للقناة ويغنوا فيها، بعض الأطفال من المشاهدين بيبصوا للأطفال اللي بيظهروا في القناة كنجوم.

 

طب هو الطبيعي إن طفلة في السن ده يبقى الجمال شغلها الشاغل أو واحد من اهتماماتها الأساسية؟ ولا طبيعي إن الطفل –ولد أو بنت- شغله الشاغل اللعب واستكشاف العالم؟!

 

كل وقت وله أدان زي ما بنقول، ومعتقدش أدان الطفولة أبدًا إن البنت تعمل فورمة وتحط ماكياج، جمال الطفلة في القطتين أو الشعر المكتكت والحلق الملون أو اللي على شكل شخصيتها الكارتونية المفضلة أو الحيوان اللي بتحبه. جمال الطفولة في بساطتها وبراءتها. ليه بنعلم البنت من وهي صغيرة إنها محتاجة تغير في شكلها عشان تبقى جميلة؟!

 

 

الوكسة دي مش عندنا بس، لكن في أمريكا بيعملوا مسابقات جمال للأطفال من سن الولادة! ملبسين البنات فساتين كبار خالص وعاملينلهم شعرهم وحاطينلهم ماكياج. بنت مامتها شايلاها على المسرح ورايحة جاية بيها وهي نايمة، طفلة تانية لما طلعت على المسرح مصممة إنها تحبي، وبنت تانية فضلت تعيط على المسرح وتدبدب برجليها، ولما دخلت كواليس المسرح وسابوها على حريتها كانت عمالة تلعب وتجري ومبسوطة. هي دي الطفولة: انطلاق وتلقائية مش تكلف وتقييد. تخيلوا طفلة عمرها لم يتجاوز خمس سنوات دخلت 50 مسابقة جمال! يعني تقريبًا 10 مسابقات جمال في السنة، يعني تقريبا مسابقة كل شهر! طيب طفلة زي دي هتبقى بتفكر في إيه؟ وبتقضي وقتها في إيه؟ وهل هو ده اللي هي محتاجاه كطفلة؟

 

طبعًا المسابقات بيبقى فيها حد فايز وحد خسران، وفيها مراكز. تفتكروا إيه القيم اللي الطفلة ممكن تكتسبها من المسابقات دي، سواء من مشاهدتها أو من المشاركة فيها؟!

 

دي بعض الحاجات اللي فكرت فيها:

  • فيه معايير معينة للجمال، ولازم تفضل بالمعايير دي أو توصلها عشان تكون جميلة.
  • اللي يحدد هي جميلة ولا لأ الناس مش هي، ومش إحساسها إنها جميلة.
  • تتعلم تقارن نفسها بغيرها.
  • تفقد الثقة بنفسها.
  • ممكن تشوف نفسها مش جميلة.
  • أو تغتر بنفسها وتعتقد إنها أجمل من غيرها.
  • يبقى عندها هوس بالجمال.

 

واحدة من أمهات الأطفال المشاركات في مسابقات الجمال دي بيسألوها ليه جابت بنتها تشترك في المسابقة، فقالت إن كل شيء دلوقتي مبني على فكرة الجمال وفكرة الجنس، وبنتها لما شافت البرامج اللي بتدور حول موضوع الجمال قالت “أنا جميلة، يمكن أن أكون ملكة”. وده يورينا إن الأطفال بيلاحظوا وبيفهموا، وإن المشاهدة في حد ذاتها بتسيب فيهم أثر.

 

مش بس قنوات الأطفال اللي بتكرّس شكل معين للجمال، لأ ده كمان بطلات الكارتون وكذلك العرائس اللي غالبًا بيكونلهم مواصفات جسمية معينة. يعني هل عمرنا مثلاً شفنا بطلة كارتون أو عروسة تخينة؟

 

طب نعمل إيه عشان نحمي طفولة ولادنا؟

علينا إننا نجتهد في تعريضهم للخبرات المناسبة لسنهم، ونحاول نكون أصحابهم، نخليهم يحبوا يتكلموا معانا، دايمًا نتناقش معاهم في اللي بيشوفوه وبيمروا بيه ونسمع منهم عشان نفهمهم، وعشان همّ كمان يقبلوا يسمعونا فنقدر نصححلهم الأفكار الغلط اللي بتوصلهم. شوفي نفسك جميلة، وشوفي بنتك جميلة، متقوليش “حلوة بس قصيرة أو شعرها خشن أو… أو… إلخ”. تحرري من فكرة إن فيه قالب معين للجمال وتبني طريقة تفكير بتشوف الجمال الخفي في كل شيء، عشان بنتك تلقط منك طريقة التفكير دي.

 

عشان نحمي طفولة ولادنا محتاجين نكون متيقظين، بنطوّر نفسنا وبنصحح طريقة تفكيرنا باستمرار، وبندافع عن طفولتهم بكل ما أوتينا من حكمة.

المقالة السابقةطرق عملية للخلاص من بعض عيوبك الشكلية
المقالة القادمةأصبح الآن عندي تلاتين سنة

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا