المهنة؟ ست بيت.. يا دي العيبة!

919

 

عاد الزوج من عمله فوجد أطفاله الثلاثة أمام البيت يلعبون في الطين بملابس النوم التي لم يبدلوها منذ الصباح، وفي الباحة الخلفية تبعثرت صناديق الطعام وأوراق التغليف على الأرض، وكان الباب الأمامي للبيت مفتوحًا.

أما داخل البيت فقد كان يعج بالفوضى، فقد وجد المصباح مكسورًا والسجادة الصغيرة مكوّمة إلى الحائط وصوت التلفاز مرتفعًا، وكانت اللعب مبعثرة والملابس متناثرة في أرجاء غرفة المعيشة.

وفي المطبخ كان الحوض ممتلئًا عن آخره بِالأطباق، وطعام الإفطار ما زال على المائدة، وكان باب الثلاجة مفتوحًا على مصراعيه.

صعد الرجل السلم مسرعًا وتخطى اللعب وأكوام الملابس باحثًا عن زوجته. كان القلق يعتريه خشية أن يكون أصابها مكروه، فُوجئ في طريقه ببقعة مياه أمام باب الحمام، فألقى نظرة في الداخل ليجد المناشف مبللة والصابون تكسوه الرغاوي، وتبعثرت مناديل الحمام على الأرض بينما كانت المرآة ملطخة بمعجون الأسنان.

اندفع الرجل إلى غرفة النوم فوجد زوجته مستلقية على سريرها تقرأ رواية، نظرت إليه الزوجة وسألته بابتسامة عذبة عن يومه فنظر إليها في دهشة وسألها: ما الذي حدث اليوم؟  ابتسمت الزوجة مرة أخُرى وقالت: كل يوم عندما تعود من العمل تسألني باستنكار ما الشيء المهم الذي تفعلينه طوال اليوم.. أليس كذلك يا عزيزي؟  فقال: بلى.  فقالت الزوجة: حسنًا.. أنا لم أفعل اليوم ما أفعله كل يوُم.

#قصة_قصيرة_حزينة 
ده بوست عارفينه كلنا من زمان من أول ما قلنا يا فيسبوك. بس لو نسيناه ممكن نوضح الموضوع أكتر، عشان نرسّخه ف عقولنا.

طيب.. هخشلك ف الموضوع على طول. أنت تعيش في مسكن يتكون من أربعة جدران خرسانية مجهّزة للبقاء الآدمي في القرن الواحد والعشرين. باختصار.. المكان ده متعملش لوحده.. محافظش على بقائه كما هو نظيفًا أنيقًا لوحده كداهو. فيه شخص ما متابع صيانته أول بأول عشان حالته متسوءش أو تدهور، الشخص ده أكيد عارفه.. ست البيت زي ما بيسموها!

مبدئيًا أنا معرفش أنهي كتاب اللي حدد إن شغل البيت مسؤولية الست بس، حتى لو كانت بتشتغل زيها زي الراجل، بس على ما نغير ده خلال رِدْح من الزمن لازم نتعامل مع الأمر الواقع.

البيت بشغله بيحتاج صيانة دورية، حتى لو إنت شخص منظم وبتشيل هدومك ف الدولاب أما بتغيّر، خليني ألفت نظرك لحاجات غالبًا مبتجيش ف بال معظم الناس اللي مبتشتغلش ف البيت.

شغلانة ست البيت اللي كتير بيعتبرها تخلف ورجعية، لا تقل صعوبة عن وظيفة رئيس مجلس إدارة.

خليني أفنطلك كده المهام: بعد الأمور الدورية بتاعة كنس السجاجيد ومسح الأرض وغسل الهدوم والملايات وفرش الأنتريه.. نشر الغسيل وملاحظته أحسن الدنيا تمطر.. كوي الهدوم ورفي النتشات وتثبيت الزراير وتعليق الستاير وشد الملايات ع السراير.. تنفيض الشبابيك وتغيير الفوط وتغيير الصابون وأزايز الشامبو ومعجون السنان أول ما تقرب تخلص.

نخش على الحاجات اللي محتاجة ملاحظة مستمرة؟ تلميع النيش وإزاز السفرة والمرايات والنجف.. تنضيف البقع عن المفارش وشِلَت الأنتريه.. تنضيف التلاجة، وما أدراك ما تنضيف التلاجة! التلاجة بتتنضف بخل وليمون، وتتلمع من برة عشان البارومة والزيوت المتكومة من هوا المطبخ والبقع، وتتلمع من جوة عشان تتخلص م الروايح المتراكمة، الشغلانة دي بتاخد تقريبًا نص يوم، يعني يوم عمل كامل.

نيجي لمشوار السوق أو الهايبر، من أول التوابل مرورًا بالخضراوات والفاكهة، ثم اللحوم، بعدها المعلبات والأجبان والمخبوزات، وطبعًا الحاجات الحلوة والحلويات، ولحد مساحيق الغسيل، بعد مقارنة القيمة المالية بمستوى الجودة، واختيار كلٍ على هذا الأساس.

ولا ننسى الرحلة اليومية بتاعة هنتغدا إيه النهارده، وتجهيزه وطبخه، ثم ترويق المطبخ وغسل المواعين ورصها ف الدواليب.. وعلى مدار اليوم أكواب الشاي والقهوة والعصير، لأهل البيت وللضيوف المفاجئين سامحهم الله، وللضيوف المتفقين خفف الله أوقاتهم.

ثم ملاحظة المود العام للبيت، وإضفاء البهجة عليه أول بأول، كمسؤولة أولى وأخيرة عن البرامج الترفيهية، من أول دورها كأنثى، وحتى عمل جيلي الفراولة في ليالي الصيف الحر.

مش لازم نتكلم عن إنه من حين لآخر يُطلب منها ملاحظة ما يحتاج إلى خبير أجنبي (صنايعي) لصيانته، كانسداد بلاعة مثلاً أو فرن البوتوجاز اللي هبّ ف وشها من يومين أو زنة التلاجة اللي مصاحباها طول اليوم. هذا كله في حالة عدم وجود أطفال.

مش عارفة في حالة وجود أطفال هنقول إيه ولا إيه! نحكي عن الرضاعة وقلة النوم؟ نتكلم عن تغيير الحفاضات وعلاج التسلخات؟ عارف حاجة عن متاعب التسنين؟ بداية الحبو والتهبيش واللعب في الكهربا وما شابه؟ تعرف مود الفطام بيبقى عامل إزاي؟ كفاية كده. ثواني.. قبل ما تقول إن ده كلام فيمنست متحيّز، اقرا كلام حد م الجنس الآخر.

 

المقالة السابقةشكرًا يا نون
المقالة القادمةطشة الملوخية

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا