المفتاح السحري للخروج من الأزمة

942

مشهد  (1)

وأنا صغيرة كانت ماما على طول تقولي متسنديش على كوعك وركبتك عشان ميسوّدوش، أنا مكنتش بهتم بالكلام ده، وبعدين لما كبرت فوجئت إن فيه أماكن كتير غامقة في جسمي، حاولت أفتّحها بالـ500 طريقة اللي موجودة على الإنترنت وفشلت طبعًا. 

(ظلام).

 

بعد حملة الجمال وقراءة حكايات مأساوية، سواء اللي كتبوها كاتبات “نون”

هبة  ( زرقا بس تقاطيعها مسمسمة )

وريهام ( قمر 11 لـ15 )

ودينا ( يا مرايتي.. يا مرايتي )

وحكايتي الشخصية ( إمتى بتحسي إنك جميلة؟ )

لغاية الحكايات اللي اتقالت في مجموعات سرية على الفيسبوك، الجرح القديم المتجدد اللي عمال ينزف بسبب كلام اتحفر في الذاكرة والروح عن مدى وحاشتهم، وإحساسهم إنهم على طول مش حلوين وإنه فيهم حاجة غلط لازم تتصلح. كل ده بيقول إن فيه غلط كبير بيحصل وبيدمر نفسية ملايين البنات وممكن كمان يدمر مستقبلهم، ومحدش واخد باله.

 

مشهد (2) 

اتخطبت وبشتري هدوم الجهاز زي أي عروسة، بس لقيتني بشتري حاجات طويلة، أصل أنا رجلي قصيرة وركبي وحشة مش بحب أبيّنهم، وأكيد جوزي مهما كان بيحبني مش هيقدر يحب ركب بالوحاشة دي. يسألوني خطيبك أمور؟ أقولهم جدًا، ده أحلى مني. يشوفوا الصور ويقولولي إنتو شبه بعض أوي إنتو قرايب؟ مفكرش إن أنا كمان أمورة، ولكن أفكر أد إيه الناس دي محتاجة كشف نظر.

(ظلام).

 

أختي تمسك مجلة وتقولي يا آيات هي إزاي بيضا أوي كده؟ إزاي وشها مفيهوش غلطة وتحت دراعها مبهر كده؟ سؤال أختي ضايقني وفضلت ماسكة المجلة لفترة طويلة وبعدين قلتلها ده يا حبيبتي فوتوشوب، بصي وركزي ودققي، ده مش جلد، دي ضربة فرشة لون وخلاص، تكوين تحت الدراع معروف للكل وله معالم محددة، مش موجودة في الصورة. 

 

مشهد  (3)

بعد فترة قصيرة من الجواز، أسأل جوزي هو إزاي مش شايف عيوبي؟ إزاي مش شايف دي ودي ودي ودي؟ إزاي معندوش مشكلة في ركبتي؟ يضحك ويقولي إنه مش شايف مشكلة في ده كله، هو شايفني جميلة، أجمل واحدة في الدنيا. مصدقوش وأقول إنه بيكدب، بس هيكدب ليه؟ مع الوقت بصدق إنه مش شايف الفسافيس اللي عاملالي أزمة والتفاصيل اللي بترهقني طول الوقت، وبدأت أقتنع إني فعلاً جميلة حتى بوجود “الديفوهات” الصغيرة دي. 

(ظلام).

 

بعد تفكير وتأمل، لقيت إننا مش حاسين إننا وحشين عشان إحنا وحشين، المجتمع هو اللي وحش، ووحش أوي، كل المرضى اللي حوالينا واللي مش راضيين عن شكلهم بيحاولوا يطلعوا عيوب الدنيا فينا عشان يحسوا همّ بالسلام النفسي، بيقولوا مدكوكة في الأرض أو طويلة بزيادة، بيقولوا تخينة بطريق أو رفيعة عود قصب، بيقولوا سودا فحمة أو بيضا زي الميتين. مفيش حد عاجبه حد، والجملة دي هي المفتاح اللي كان ممكن نخرج بيه من أزمتنا النفسية مع شكلنا، لكن للأسف اتعامينا عنه. 

 

الممثلين في التليفزيون والموديلز في الإعلانات والمغنيات في الكليبات، كل واحدة من دول وراها جيش من بتوع الماكياج والشعر والستايلست، كل صورة وكل لقطة وكل بوز، وراه أكتر من 50 لقطة وحشة مبيناها تخينة أو مش حلوة زي ما الناس متعودة عليها. المجتمع اتفق إن الحلوين شبه اللي بيطلعوا في التليفزيون، وما عداهم همّ الوحشين اللي إحنا بنتكرم وبنعيش معاهم. 

 

بعد شوية المجتمع بدأ يفرز ويدّي أحكام مطلقة، دي وحشة ادفنوها بالحياة، دي جميلة ارفعوها تاج على رؤوسكم أو ذلّوا بجمالها باقي البنات. حتى بدون ما يتكلموا، الأفعال تقتل، البنت تدخل محل متلاقيش مقاسات كبيرة “سوري يا آنسة إحنا كل اللي عندنا وان سايز”. مين المؤذي اللي قال إن البنات كلها لازم صبّة على قالب واحد بيلبسوا نفس المقاس؟ حتى المشاهير اللي المفروض همّ مثال الجمال، بقى عليهم ضغط بسبب المعايير العالية والمستحيلة اللي همّ أرسوها أولاً وبعدين المجتمع أدخل تعديلاته عليها، فألاقيهم بيسألوا جنيفر لورانس “بطلة سلسلة مباريات الجوع” إذا كانت ناوية تخس شوية، فتقولهم هي مش ناوية وإنها مستريحة في جسمها، وتتبقى لينا إحنا المشاهدين الصدمة فيتقبّل حقيقة إن جنيفر لورانس تخينة. 

 

لأن الموضوع بقى مزعج فعلاً وعلى مستوى عالمي، ستات زي أوبرا وينفري المذيعة وتايرا بانكس عارضة الأزياء تلقوا اتهامات من الستات السود إنهم بيرفعوا من آمال الرجالة، وإن الرجالة بدأت تذل الستات ويقولولهم لو فاكرين نفسكو حلوين افتحوا التليفزيون. ففي حركة جريئة منهم همّ الاتنين، خلوا الكاميرات تروح معاهم البيت، وتصورهم بعد ما يشيلوا الماكياج ويفكوا شعرهم وداخلين يناموا، وجّهوا رسالة للناس، ده شكلنا الطبيعي، زينا زي اللي إنت قاعد معاها في البيت، الماكياج ده بتاع التصوير والبرامج والكاميرات. أكتر من شخصية مشهورة اتصورت من غير ماكياج، منهم هند صبري مثلاً، في دعوة واضحة وصريحة إن الناس تشوف شكلهم الطبيعي من غير ماكياج، وإن الناس ترحم بشرتها شوية من المواد الصناعية، ويرحموا نفسهم من الأحكام المطلقة على الآخرين. 

 

فيه فيديو (Hong Kong Asia Television) عبقري بيوضّح أد إيه المجتمع بيرمي قاذوراته في عقولنا طول الوقت، لدرجة إننا مع الوقت مش بنعرف نشوف غير عيوبنا، ثقتنا في نفسنا بتهتز، مش بنشوف غير ركب سمرا، وكام شعراية زايدين في الحاجب ميتشافوش غير بنظرة مدققة، وصوابع رجلين أطول من العادي. 

 

زي ما قلت فوق، المفتاح اللي يخلّصنا من أزمتنا مع جسمنا هو “مفيش حد عاجبه حد”، حتى الناس اللي إحنا بنفتكر إن مينفعش حد ميشوفهاش جميلة، بيطلع ناس مش بتشوف إن سعاد حسني جميلة ولا إن أودري هيبورن تستحق تبقى أيقونة الجمال، عادي، حقهم الطبيعي في الحياة. لأن ببساطة مش كل الناس على ذوق بعضها، ومش كل الناس بينزلوا بنفس الشكل والحجم، وبالتالي يبقى الطبيعي اللي أنا أشوفها حلوة مش معناها إنها تبقى حلوة في عيون اللي جنبي، دي حقيقة مش عارفة ليه إحنا بنصمم ننكرها، ونصمم نقولب الجمال. 

 

الجمال له أشكال وألوان وأحجام، مش معنى إنك مش بتحب شكل معين يبقى تذم فيه وتشتمه في كل مكان، ولا معنى إنك بتحب قالب معين إنك تحوّله للمعنى الوحيد للجمال. 

 

ربنا خلقنا أشكال وألوان مش عشان نعجب كل بني آدم على وجه الأرض، فلما متعجبكوش واحدة، يا ريت متقولولهاش إنها مش حلوة، ملكوش دعوة بيها ولا بشكلها ويا ريت لو تسيبوها في حالها، الكلمة اللي إنتو بترموها من غير أي لزمة بتفضل مؤثرة في نفسية البنات لسنين قدام وبتتحكم في قرارات كتيرة أخدوها في حياتهم. وعلى الناحية التانية، لما تحسوا إن بنت جميلة، قولولها إنها جميلة، البنات في حاجة إنها تسمع الكلام ده لأن اللي بيقولولها كلام سلبي مش بيسيبوا فرصة إلا وبيفكروها بإنها مش حلوة، ويا ريت وإنتو بتقولوا إنها جميلة، متقرنوش ده بإنكو تنتقصوا من ذكائها. 

المقالة السابقةفتيات إفريقيا الجميلات الممتلئات
المقالة القادمةأول يوم مدرسة

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا