اللي أوله خناق آخره بريود

1470

ياسمي

أكتب هذا المقال في الفترة التي تسبق دورتي الشهرية، حيث البريود متأخرة ومودي في النازل وعفاريت الدنيا شايفاها جاية بتتنطط من بعيد أهي، تلك الفترة التي يُطلق عليها الـ PMS أي متلازمة ما قبل الحيض. والتي فيها تُصاب النساء ببعض الأعراض الجسمانية كـ”ضعف التركيز، ألم وانتفاخ الصدر، صداع، آلام المفاصل والعضلات، انتفاخ البطن، زيادة الوزن، تقلصات حادة، وقد يصل الأمر لانتفاخ الكاحل والقدمين”.

 

الأسوأ من كل ما سبق هو التغيرات النفسية التي تُصاحب النساء في نفس الفترة، يأتي على رأسها: “مزاج متقلب، اكتئاب، توتر، غضب على أتفه الأمور، شعور بفقدان السيطرة على النفس، بكاء بسبب ودون سبب، خمول شديد ورغبة متزايدة في النوم أو أرق، بجانب انخفاض ملحوظ في الشهية أو شراهة متزايدة”.

 

إنت متخيل يا مان؟!

كل هذه الأعراض تجتمع معًا في كولكشن مأساوي لتُصيب النساء بشكل شهري، فتظل تلازمهن من أسبوع لــ10 أيام قبل كل بريود، أي ما يعادل من 84 لـ120 يومًا سنويًا! شيء لا يُصدقه عقل ولا يرضي أحدًا، وعلى ذلك تتقبل النساء أقدارهن بشجاعة مُحتسبةً أجرها عند الله، ثم يأتي الرجال ويشتكون من زوجاتهم وحبيباتهم بسبب الـPMS! ده كلام؟!

 

أمر مُحيِّر فعلاً ومستَفِز! أحاول جاهدةً استيعاب لماذا يصعب على الرجال تَقَبُّل الحقائق كما هي، حتى وإن لم يقتنعوا بها، دون سفسطائية أو فلسفة فارغة، لكن مخي يعجز عن منحهم المُبرر المناسب، ولا يأتي على بالي سوى قَول رايتشل*“No uterus, No opinion”ـ ذلك لأن الرجال لن يعرفوا أبدًا حجم المأساة الحقيقي ما داموا لم يُجربوها بأنفسهم.

 

الأكثر غرابة هو أننا رغم إخبارنا للرجال مرارًا وتكرارًا أن عليهم وضع في الاعتبار كَون المرأة قبل دورتها الشهرية كُتب عليها -غصبًا عنها- أن تكون ثورًا هائجًا تريد اقتلاع كل من يقف أمامها بسبب التغيرات الهرمونية الكثيرة التي تحدث داخلها، والتي لا تملك القدرة على السيطرة عليها. تلك الهرمونات الدنيئة التي تجعلها تضع كل شيء مهما بدا صغيرًا أو تافهًا تحت الميكروسكوب، لتدقق فيه ومن ثَم تأخذ ردات أفعال تبدو من الخارج لا تتناسب مع حجم الموقف، لكنها بالنسبة إليها لا تشفي غليلها ولا تأتي شيئًا بجانب النيران التي تلتهمها من الداخل، إلا أنهم (الرجال) أبدًا لا يفعلون ذلك.

 

وبدلاً من لَوم أنفسهم لعجزهم عن التعامل مع نسائهم في تلك الفترة، فيحتوونهن أو يُشعرونهن بالتعاطف في محاولة منهم للملمة الدنيا، على العكس، يعملون -هم أيضًا- من الحبة قُبة، لتصبح الفترة التي تسبق البريود عاصفة في حياتهم هم واللي يتشددولهم، مجاهرين بإيمانهم المُطلق بأن الستات بتأفور وأنه لا يوجد ما يستدعي كل الدراما والخناقات التي تحدث كل شهر، تحت شعار “أصل البريود قربت”، وهو ما يزيد الطين بَلّة.

 

صدقوني الأمر ليس طريفًا أو مدعاة للسخرية، ويُشكل أزمة للنساء قبل الرجال، فنسااااع بعضينا، وإن كنتم تُصرون -رغم كل ما قيل- على أننا نحن معشر النساء مكبرين المسألة ع الفاضي، وما دام الكلام بالحب والعشم لا يُجدي، والحديث عن الهرمونات والعلم لا يستوعبه إلا القليل، دعونا نتناول المشكلة بشكل رقمي مجرَّد ومُباشر بُناءً على الإحصائيات العالمية، والتي تقول:

85% من نساء العالم تُعانين من أعراض ما قبل الطمث.

48% من النساء على مستوى العالم تشكَوْن من أن علاقاتهن العاطفية تتأثر في الفترة التي تسبق الدورة الشهرية، أي ما يعادل تقريبًا ½ نساء كوكب الأرض، وهو رقم مُفزع طبعًا ومهول.

¾ الــ48% يقُلن إنهن في تلك الفترة من كل شهر يجدن أنفسهن طرفًا في جدالات مثيرة للشفقة والإزعاج مع شركاء حيواتهن.

19% من نفس الـ48% قالوا إن علاقاتهن العاطفية كادت تصل للنهاية في فترة الــ PMS لكنهن أنقذنها بأعجوبة، في حين أن واحدة من كل عشرة نساء ضمن الـ48% قالت إنها خسرت بالفعل على الأقل علاقة عاطفية واحدة تزامنًا مع الـــPMS.

 

إذًا عزيزي الرجل.. زوجتك/ خطيبتك/ حبيبتك ليست مجنونة أو حالة شاذة، إحنا مش جايين نهرج، الموضوع عن جَد مُزعج ومُرهق على كل الأصعدة، ولا بد من التعامل معه بحكمة وذكاء، إن لم يكن من أجل شراء خاطر المرأة التي تحبها ومنحها راحة نفسية تستحقها، فعلى الأقل لأن هذه المأساة ستظل تتكرر شهريًا إلى أن يُحدِث الله أمرًا، وبالتالي يصبح من الحتمي والمنطقي التعامل معها ووضع حلول لها تمنح الجميع القدرة على التجاوز و/أو التَكَيُّف.

 

لذا دعونا نضع خطة سهلة وبسيطة لتقليل الخسائر أكبر قدر ممكن، على أن نشترك فيها جميعًا نساءً ورجالاً، خطواتها كالتالي:

– جرس الإنذار: عزيزتي المرأة، عليكِ تسجيل موعد بداية ظهور أعراض ما قبل البريود لديكِ حتى تستعدي كل شهر لما هو قادم، أما إذا كنتِ نَسَّاية فيمكنك اللجوء لاستخدام التطبيقات الحديثة التي تُسجل تواريخ دورتك الشهرية وأيام التبويض وما شابه، فتُنبهك هي بشكل مُسبَق (أحد أشهر تلك التطبيقات:My Calendar – Period Tracker).

 

– المُصارحة: جزء من المشكلة يكمن في أن المرأة لا تخبر شريكها في العلاقة أنها قد تتغير للأسوء أو تبالغ ببعض ردات أفعالها تأثرًا بحالتها المزاجية المتغيرة قبل الدورة الشهرية، وإن أخبرته عن المبدأ نفسه عادةً لا تُخبره عن موعد تلك الفترة. لذا جزء من الحل هو مصارحة الطرف الآخر فور الدخول في تلك المنطقة الوعرة، أخبريه كل شهر.. الراجل مخه مش دفتر.

 

وهنا يأتي دور رَجُلِك الذي سيكون عليه التصرف بذكاء، فيعرف كيف يتقي شرك، بأن يحاول ألا يستفزك دون داعٍ، والأهم أنه سيُدرك أن الزربونة القادمة لها مُبررها الدرامي، فلا يتوقف عندها طويلاً أو يُحمِّلها أكثر مما تحتمل، وإن كانت أمك داعيالك فسيعرف أيضًا كيف يحتويكِ فيحميكِ من نفسك.

 

– تجنب الكوارث: يُفضل عدم اتخاذ أي قرارات مصيرية في تلك الفترة، سواء فيما يتعلق ببداية/ إنهاء علاقة عاطفية أو عائلية، ولا أخذ أي ردات أفعال لا يُحمد عقباها فيما يخُص العمل، تجنبًا للندم فيما بعد.

 

– التَدوين: الأعراض والحالات المزاجية ليست بالضرورة تتشابه كل شهر، لذا سيكون من الجيد لو دوَّنتِ الأعراض التي تمرين بها قبل دورتك الشهرية، كذلك يمكنك تسجيل الأفكار التي تراودك عن نفسك في هذه الفترة لمراجعتها فيما بعد، ومعرفة ما كان حقيقيًا منها وما كان محض هرمونات.

 

– زيارة الطبيب إذا لزم الأمر: إذا فعلتِ كل ذلك وما زلتِ غير قادرة على “هَندَلة” الموقف، يمكنك حينها زيارة طبيب النساء ليمنحك أدوية تُقلل من هَول الأعراض، تتناولينها بانتظام في الأوقات التي سيحددها لكِ.

 

أقول قولي هذا عساه يُفيدكن، بينما البريود لسه مجاتش وعقلي يحاول افتعال أي خناقة مع زوجي، لأن حينها فقط وبعد أن تقع الفاس في الراس، دايمًا الهانم بتشرَّف، فأستريح، لا لأن البريود بتريَّح ولكن لأنني وقتها أتأكد أني مش حامل الشهر ده، فأبدأ بالاحتفال رافعةً شعار “فَلَت منيهم”.. وهذه حكاية أخرى.

 

*المقولة من مسلسل F.R.I.E.N.D.S

المقالة السابقةادِّي بوسة لعمو
المقالة القادمةطرقات الله الرحبة جدًا
امرأة ثلاثينية متقلبة المزاج، أعشق الرقص على السطور كتابةً، أُحب الفن بمختلف أنواعه وأعيش عليه. والآن كبرت وصار عليّ أن ألعب في الحياة عشرات الأدوار طوال الوقت، لأستيقظ كل صباح أُعافر حتى أستطيع أن أُحاكي بهلوانات السيرك فأرمي الكُرات المُلونة بالهواء ثم ألتقطها كلها في آنٍ واحد.

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا