الغرفة الزجاجية بطل “ذا فويس كيدز”

999

(1)

برنامج “ذا فويس كيدز” يحمل الكثير من الشغف، عكس الكثيرين لن أتحدث عن الشجار المفتعل والسخيف بين أعضاء لجنة التحكيم، أو فكرة الأزمة النفسية التي قد يتعرض لها الطفل، لأنني أشعر بجدية المتسابقين الصغار وشخصياتهم القوية القادرة على اجتياز الكثير، إنما شغفي هنا هو نفسه الشغف الذي جعل مهندس الديكور في موسمه الجديد يجعل غرفة انتظار الأهل أو عائلة المتسابق تظهر للجنة التحكيم وللكاميرات وللمشاهدين، لتصبح ذات زجاج شفاف.

 

نعم نحن أيضًا نحتاج إلى رؤيتهم، هؤلاء من صنعوا أبطالاً صغارًا يريدون أن يواجهوا العالم نحو موهبتهم، وحملوا عبء الظهور لملايين المشاهدين على مسرح البرنامج، التي وإن اختلف تقييمها إلا أنها تستحق احترامًا خاصًا، فالحلم في وقتنا هذا مقاومة جادة في وجه الحياة.

 

بدلاً من جعل الغرفة التي احتملت مشاعر الأمهات والآباء وحتى الإخوة والأقارب ممن سنحت لهم فرصة الحضور لمتابعة ردود أفعال اللجنة المُقيِّمة لابنهم أو ابنتهم، في الهامش، بدلاً من إخفائها أصبحت ظاهرة في الموسم الجديد، ليصبح أجمل تلك المشاهد على الإطلاق هي مشاهد الفرحة على وجوههم، أو الحزن في حالة عدم قبول المحكمين.

 

(2)

يا “توماس” إن الرسالة التي أرسلتها المدرسة معك تقول: “إدارة المدرسة تأسف عن استقبال ابنكم “توماس” في المدرسة نظرًا لارتفاع مستوى ذكائه اللافت مقارنة بزملائه، مما قد يؤثر على تحصيلهم العلمي وشعورهم بالإحباط أمام تفوقه البالغ عليهم، لذا نأمل منكم البحث عن مدرسة أخرى تليق بقدراته العلمية ومستوى ذكائه البالغ”.

 

ما سبق كان ما قالته “مارى أديسون” والدة العالم الكبير “توماس أديسون” حين أرسلت لها المدرسة رسالة تخبرها أن ابنها غير مرغوب فيه بالمدرسة.

 

لم تكن الرسالة الأصلية بها ما قالته “ماري” الأم الواعية لولدها، بل كانت رسالة في منتهى الإحباط، من الجائز أنها إذا حاولت أن تخبره بالنص الخقيقي أن يتحول إلى شخص مكتئب ويكره التعليم بمجمله. النص الأصلي حمل ما يأتي: “إن المدرسة تعتذر عن استمرار الطالب توماس أديسون في تلقيه تعليمه في المدرسة، نظرًا لتخلفه عن مجاراة أقرانه في الفهم والتحصيل، وإن إدارة المدرسة تخشى من أن يؤثر ذلك على مستوى تحصيل بقيه التلاميذ”، وطلبت إدارة المدرسة منها أن تبحث عن مدرسة أخرى لابنها، وبمرور الوقت صار “توماس أديسون” مخترعًا عظيمًا أحد أهم ما اخترعه المصباح الكهربائي.

 

(4)

لحظة مدهشة من المؤكد تلك التي تنصف فيها كفوف الحاضرين ممن يمنحون الفنان الصغير تصفيقًا حادًا بجانب الـ”نعم” التي تكافئ بها كراسي الحكام لطفل لديه حلم، حتى أننا إذا أفردنا صفحات بتحليل كيفي وكمي، على غرار بحوث علم الاجتماع والأنثربولوجيا، سنجعل مادة ردود أفعال الأهل بطلاً بمفردها في تلك البرامج.

 

أرى في أعين الأمهات اللاتي وقفن والآباء عبر مواسم عدة من البرنامج الكثير من القلق، لكنني رأيت أيضًا كل هذا التعب والمحبة والاستيقاظ مبكرًا والجري وراء حلم، أن لديهم ابنًا لديه موهبة، بجانب إرهاق الدراسة يأتي إرهاق تنمية الموهبة، وهو مشوار لا يقل أهمية وشقاء عن الدراسة، أرى كل تلك التجارب السابقة في الاهتمام بنبتة قد تكون في يوم من الأيام سببًا في ابتسامة أو تسلية أو نشوى روح أو فائدة علمية للبشرية.

 

أرى لحظة الإنصاف التي تلمع في أعين هؤلاء من أتوا مع أطفالهم ليساندوهم، وأعلم جيدًا قيمة تلك اللحظة لديهم، بعد تعب كبير، لذا قد تكون تلك اللقطات التي تقتنصها الكاميرات أثناء وجود أم بطل رياضي بالقرب من ابنها في مسابقة ما، هي لقطة العام، لما تحويه نظرتها من محبة وأمل وإيمان به.

المقالة السابقةفن اللكاعة
المقالة القادمةمرحلة الـ”لأ” عند طفل الثانية وما فوق
كاتبة وصحفية مصرية

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا