“أتدري؟ أنا أوشك على تجاوز العقد الثالث من العمر، ينقصني سنوات قليلة لأصبح ذات أربعين عامًا. حين أنطق الرقم بفمي عقلي يرفض وقلبي لا يستطيع استيعاب هذا الرقم، أشعر أن تلك السنوات ليست لي، بالطبع شخص آخر استهلكها، أما أنا لا زلت طفلة الـ17 عامًا التي ما تزال تحاول استيعاب العالم من حولها، ولا زالت تبحث عن شغفها في تلك الحياة”.
حين أنهت تلك الجملة انعقد لساني، وصرت أفكر أنا أيضًا.. الأيام التهمت من سنواتي 33 عامًا بنهم بالغ، حتى أكاد لا أستسيغ الكثير منها، باغتتني في دوامة الحياة والمسؤوليات بذلك الرقم المخيف. أتوقف للحظة وأصعق، هل أنا الأخرى وجدت شغفي بالحياة؟
أتذكرني طفلة تتناول الحلوى، تفتح ذراعيها وتدور في دوائر مبهجة، سعيدة بانضمامها لفريق الجمباز بأحد مراكز الشباب التابعة لوزارة الشباب والرياضة، حين فاجئتني صديقة أمي “عارفة أنا كمان كنت بلعب جمباز وأنا صغيرة، كنت بحبه جدًا، بس كبرت وبطلت أنا كان نفسي أستمتع بيه أكتر من كده، بس كبرت فجأة، وملحقتش أنبسط بالحاجات اللي كنت بعملها. أنا عاوزاكي تستمتعي بكل حاجة بتعمليها دلوقتي عشان بكرة متندميش زيي”. أباغتها بابتسامة بريئة “أنا مش ممكن أسيب الجمباز أبدًا”.
برغم من صغر سني حينها إلا أنني تأثرت كثيرًا، شيء من الحزن المغلف بالحنين كان ممزوجًا بتلك النصيحة، أيقنت مدى صدقها، ومنذ تلك الليلة اعتنقت مبدأ الاستمتاع بكل شيء وأي شيء يواجهني في تلك الحياة. حقًا اسمتعت بكل جميل وسيئ على حد سواء، وحين تأتي الغيوم والصدمات أذكرني دومًا أنني أبدًا لن أحظى بتلك الصراعات مرة أخرى، كنت أتجاوزها بنفس راضية، أرغم نفسي على تجاوزها لأستمتع بتفاصيلي الأخرى التي تستحق الاستمتاع.
الآن بعد أن مضى الكثير والكثير من الأعوام، وجدتني في حيرة عظيمة، هل بين كل سنين الاستمتاع تلك وجدت شغفي في الحياة أم مضى العمر، وفي اندفاعي الخفي لاعتناق السعادة أغفلت الشغف.
هل هناك تعارض بين السعادة والشغف؟ سؤال خطر على ذهني فجأة، وللعجب وجدت أن الفعلين مترابطين بشكل قوي، فعلى الرغم أن السعادة في حد ذاتها لا تحقق الشغف فإن حضر الشغف تحققت السعادة بلا شك. ليت كان هناك من يقدم لي النصح مجانًا فيما يخص الشغف، حتى أضعه نصب عيني وأسعى لتحقيقه، إلا أنني توصلت لحل هذا اللغز. فالشغف في حد ذاته متغير بتغير الزمان، والظروف في كل مرحلة عمرية مررت بها كنت أصيب بشغف مختلف يشغل بالي ويحاصرني وأسعى لتحقيقه.
الشغف فعل يسقط بمجرد تحقيقه ليحل محله شغف جديد وحلم آخر نسعى من جديد نحوه لعل شغفك الآن في تعلم هواية جديدة، موسيقى رياضة أو قراءة لعله أيضًا حلم بالسفر والترحال أو دراسة وعمل شغف الحب والزواج والأطفال.
لوهلة أصابني الوهن والدوار، لكني عدت من جديد لأخبر محدثتي أنك أوشكت على الأربعين ربيعًا، ولكن العمر ليس برقم يحدد هويتنا، وأن الشغف يجري في عروقنا مجرى الدم، يتجدد معنا يوميًا بتجدد حياتنا وأولويتنا، يختفي وينعدم أحيانًا حين نسقط في متاهة الحياة، لكن يظهر على السطح من جديد ليعطينا قوة على مواصلة الحياة ومواجهة صعابها بعزيمة وصبر.
وهناك الكثير من النماذج التي وجدت شغفها وحققته بعد تجاوز أربعين عامًا، ولعل من أهمهم:
“مارثا ستيورات” بدأت حياتها كعارضة أزياء ودرست الفن والتاريخ الأوروبي وتاريخ الهندسة المعمارية، حتى اتجهت لتوريد الأطعمة وألَّفت أول كتاب لها في عمر الأربعين، وأصبحت من أشهر مقدمي برامج الطهي وناشرة لمجلة “مارثا ستيوارت ليفينج” وصاحبة الكتب الأعلى مبيعًا.
“فيرا وانج” كانت تمارس التزلج على الجليد، وصحفية، قبل أن تدخل في مجال صناعة الأزياء وتصمم أول فستان لها في عمر الأربعين، والآن هي من أفضل المصممات في العالم.
“ستان لي” كانت أول أعماله “ذا فانتاستيك فور” عند اقتراب ميلاده الـ39، وبعد أعوام قليلة بدأ بصنع شخصيات مارفل يونيفيرس الشهيرة التي يعشقها العالم.
“هارلاند ساندرس” صاحب أكبر سلسلة مطاعم على مستوى العالم “كنتاكي”، أسس مطاعم كنتاكي عن عمر 62، وبعد مرور 12 عامًا باعها مقابل 2 مليون دولار.
لذا فلنواصل البحث عن الشغف المفقود، لأننا حتمًا سنصنعه يومًا ما، ما دمنا لم نمل من السعي ولم نتخلَّ عن العزيمة لتحقيقه.
نماذج وجدت شغفها وحققته بعد الأربعين
كلام صحيح👌🏼💞 نفس الاحساس اللي جاني لما اكتشفت عالم الورق ولقيت نفسي فيه الحمدلله وكيف التغيير اللي صار من قبل دخولي دا العالم وبعده سبحان الله حياة تانية ونفسية جديدة وثقة نفس غيير ونظرتك للعالم غير. مررة حلو الواحد يكتشف شغفه وحبه لشي ويمارس هواية هو ماكان يعرف انه يمتلكها بس ممكن يلاقيها في انه يخلي باله ع الاشياء اللي تلفت انتباهه وتشده انه يعرف عنها او استمتاعه وهو بيشوف ناس يمارسوا هواية معينة او عمل معين متعته دي هي اللي ح توصله انه يكتشف شغفه وتتغير حياته👍🏼💕💕