السمك صحاب.. مش طواجن

1174

العيال اللي بيلعبوا مع عرايسهم وهمّ صغيرين لعبة الدكتور والعيان، بيطلعوا دكاترة لما يكبروا. والعيال اللي كانوا بيغنوا لعرايسهم ألف ب ت ث، وإي بي سي، بيطلعوا مدرسين. والبنات اللي بتصمم تلبّس عرايسها فساتين وطرح بيضا من التل، ويقعدوهم في كوشة معمولة من مخدات السرير، دول بيكبروا مخصوص علشان يطلعوا مدام سوزي.

ومدام سوزي -للي معندوش خلفية- هي خاطبة. لأ مبتشتغلش.. واخدة الموضوع هواية، وبالتعبير الدارج ممكن نقول إنها بتمشي ف جوازات.. وكأن الجواز ده طريقة عمل الصابون السايل في المنزل، مش قرار مشترك يخص اتنين قرروا يكملوا حياتهم سوا. مدام سوزي موبايلها مليان أرقام تليفونات عرسان، وأمهات لبنات محتمل يبقوا عرايس المستقبل، ووسيلة تسليتها الوحيدة إنها تقضي اليوم في لعبة تباديل وتوافيق، لحد ما توصل في الآخر لعدد واحد عريس وعروسة مناسبين لبعض من وجهة نظرها!

مدام سوزي من أهم صفاتها إنها مؤمنة بهاشتاج #اليأس_خيانة، فبتتعامل مع الجوازات معاملة طالب نيرد ودحيح قصاد مسألة فيزيا صعبة، “هحلها يعني هحلها/ هجوزك يعني هجوزك”.

لو حاولنا منبصش للموضوع بصورته النمطية وتعاملنا معاه بالخفة المطلوبة، هيبقى الصالونات أشبه بالمواعدة أونلاين -مثلًا- مرة واحدة صاحبتي حاولت تبسّطلي الموضوع فقالتلي إن الصالونات زي نظام الـBlind dating، اللي بيحصل في أوروبا والدول المتقدمة.. فين المشكلة بقى؟!

– المشكلة إننا مش في أوروبا والدول المتقدمة

نظام البلايند دايتينج برة بيمشي كالآتي: اتنين ميعرفوش بعض، يتقابلوا.. يتكلموا.. لو ارتاحوا لبعض بيدوا نفسهم فرصة يعرفوا بعض أكتر. بينما في مصر، فيه مجموعة ضوابط متعلقة بالتقاليد، مبتسمحش للطرفين ياخدوا وقتهم الكافي عشان يعرفوا بعض كويس، فبتلاقي البنت نفسها بتقابل واحد مفروض إنها هتكمل معاه باقي حياتها، ومضطرة إنها تعرفه كويس في خلال قعدتين تلاتة بالكتير قوي، فبيبدأ كل طرف يجهز مجموعة أسئلة ويجاوب على مجموعة تانية، من خلالها بيحاولوا الطرفين المعنيين يعرفوا بعض ويحللوا شخصيات بعض.. وكأنه اختبار نفسي مش جواز.

– المشكلة إن الحياة مبتمشيش كده

الحياة مبتمشيش بسيميترية وفي أغلب الأحيان بتكون غير متوقعة وبتفاجئنا.
إحنا في الأساس بنعيش لإن الحاجات بتحصل، ومن ضمن الحاجات دي الجواز، مبيجيش في المقدمة.. ومبيتبنيش على أحلام بيتم التنازل عنها عشان “لأة متفقناش على كده”، أو من باب إن المركب تمشي.

إحنا بنعيش لإن الحاجات بتحصل مش العكس، بننجح ونفشل ونحب ونكره وننبسط ونزعل ونحقق أحلام ونتعب ونرتاح.. وف وسط كل ده، بنقابل ناس شبهنا -أو مش شبهنا خالص- وبنختار نكمل كل ده سوا.. فبنعيش.

– المشكلة إن البشر ملهومش كتالوج

مفيش مانيوال بانفعالات البشر وأفكارهم نقدر نقراه فنعرف إزاي نتعامل مع بعض ونتعايش. والأهم من كده.. مفيش مانيوال ممكن أسلّمه لمدام سوزي، مانيوال بأحلامي وأفكاري والحاجات اللي بحبها والحاجات اللي بكرهها، وهي ع الأساس ده تلاقيلي واحد مناسب.

أخدنا في الكيميا الحيوية في الكلية نظرية لعالم اسمه إيميل فيشر، اسمها القفل والمفتاح. كل إنزيم له صفات معينة بيركب على مستقبلات في الجسم لها نفس صفاته عشان يقدر يقوم بوظيفته. كده ببساطة من غير تغيير في شكل الإنزيم وأبعاده. من غير تدخّل.. ومن غير ما يبقى فيه مدام سوزي في النص!

عمومًا في عالم أكثر مثالية كان هيبقى كونسبت الجواز أكثر خفة عن كده، عالم مفيهوش مدام سوزي وإلحاحها، مفيهوش تنظيرات من المجتمع أو تعقيدات من الأهل. عالم فيه الطرفين على مقاس بعض ومفيش حد بيقصقص نفسه وأفكاره في الحياة عشان يكون على مقاس التاني.. عشان الجواز مشاركة مش شركة.. والسمك صحاب بجد مش طواجن.

المقالة السابقةالربيع زعلان
المقالة القادمةالأكل البيتي Vs. الأطعمة الجاهزة

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا