السلم والتعبان.. الخلطة السحرية للهروب من العلاقة

1095

ياسر: ياسمين مش سكتك يا حازم

حازم: مش مهم.. مصاحبة؟

ياسر: كانت

حازم: قوللي بقى سكتها إيه

ياسر: التانجو!

 

ومن هنا بدأت قصة الفيلم أو قصة الحب.. وهي وضع إستراتيچية للتعارف وخلق الأرض المشتركة بين الطرفين.. فـ”حازم” كان عارف كويس زي ما بيقولوا “من أين تؤكل الكتف“.

 

وبصراحة الموضوع مش صعب، وبالأخص على الشخصيات الاجتماعية.. ولأني أنتمي للنوع ده من البشر، فأعترف إنه مش صعب خالص فتح الحديث ووضع سكة مشتركة عشان نتعرف أكتر، زي معرفة اهتمامات الآخر وهواياته والمواضيع اللي بيحب يتكلم فيها، ويا سلام بقى لو هتقدمي مساعدة في حاجة هو بيحلم بيها.. لكن كتير كنت بفكر: هي كانت سكة “ياسمين” التانجو بس، ولا كان فيه ثغرات تانية هي مش واخدة بالها منها؟

 

بصراحة كنت أوقات كتير بسأل نفسي: إيه اللي خلى “ياسمين” تقع في شبكة “حازم”؟ “ياسمين” دي بنت شاطرة في شغلها، ومدربة ناجحة، وعلاقتها بالبنات أصحابها سوية، وخصوصًا إن من وجهة نظري “حازم” مضحكش عليها، يمكن في الأول أنكر لكن في باقي أحداث الفيلم كان واضح إنه “بتاع بنات”.. بس اكتشفت حاجة في “ياسمين”، هي طبعًا ميزة، إنما في الحب ممكن تبقى عيب كبير.. اكتشفت إن “ياسمين” صبورة وبتحب تحقق أهدافها، نقدر كمان نقول إنها عنيدة، كانت مُصرة تكمل برغم صراحته وبرغم تحذير أصحابها ليها، وبرغم إنها شافت بنفسها إن “حازم” معرفش يكون ملتزم تجاه مراته الأولى ولا بنته.

 

وهنا بنقع في مشكلة تانية، وهي “التغافل”، بمعنى إن بيكون فيه اتفاق ضمني غير مُعلن بين الطرفين، والاستفادة منه يا إما مصلحة لأحد الطرفين أو تحقيق مصلحة مشتركة. وفي الواقع اللي يبان في العلاقة دي إنها تحقيق مصلحة للطرفين، الهدف إننا نتجوز ونعيش سعداء، بس بشكل شخصي بشوف إن الموضوع جاي فيه منفعة شخصية لـ”ياسمين”، لأنها عارفة كويس إن وضع الخيانة ده مش بيضر حبيبها، بالعكس، ده هو مش عارف يرتاح وهو ملتزم تجاه بنت واحدة في حياته.

***

الولد ده لما بيحب بيحب بجد

أوقات كتير بخاف أقع في علاقة زي علاقة “ياسمين” و”حازم”، العلاقة اللي فيها الراجل طول الوقت بيرمي عدم التزامه أو عيوبه بشكل عام على البنت اللي معاه، فيطالب بإن هي اللي تغيره وتخليه إنسان جديد.. ويا سلام لو البنت عنيدة وطموحة، هتتبنَّى هي كمان الفكرة وتقرر تغيره، وده اللي حصل فعلاً لما “حازم” قال لـ”ياسمين” أنا طول عمري بدور على البنت اللي أحبها وأعيش معاها، و”ياسمين” اقتنعت، أو تغافلت لأن مشاعرها متعلقة بيه، فراحت تقول لأصحابها “الولد ده لما بيحب بيحب بجد” هو بس محتاج حد يكتشف اللي جواه.

 

ومع الوقت للأسف مبيتغيرش، لأنه ببساطة بيطالبها باللي هو فشل في إنه يتصالح معاه ويغيره، فتدخل هي في دايرة الإحساس بالذنب وإحساسها بالمسؤولية تجاهه، وبإنها مش كويسة ومش جميلة كفاية للراجل ده، وإنها متستاهلش حبه ليها، وإنها يمكن لو سابته يلاقي اللي تستحمله وتغفرله وتغيره، فتضغط على نفسها أكتر وتديه كل طاقتها ووقتها ومشاعرها. وفي الحقيقة هي بتدفع تمن إنها تتحب منه، وكأنها بتقول لروحها طول الوقت “هو عايز حد يستحمله وأنا قررت أكون منطقة الراحة والأمان دي”، وكل ده عشان عشمانة تفوز بالجايزة الكبرى وإنها تعرف تخليه ملكها هي وبس!

 

تتوجع وترجع تندم.. إنما قصاد كل ده هو بيديها إيه؟ ولا حاجة! شوية كلام معسول تنعش بيه مشاعرها مع أقل قدر من الاهتمام، ودي بالظبط “الخلطة السحرية” لأي راجل عايز يهرب من مسؤولية البنت اللي معاه. ولأنها بتحبه وحاسة بالذنب إنها طول الوقت حاطاه في خانة المذنب، بتقرر تقبل أبسط مجهوداته، اللي يكاد يكون مش بيبذلها، أو البديل بقى إنها تستحمل غيابه، وإنه مش بيرد على رسايلها وتليفوناتها ويتقمص ويقلب الترابيزة عليها.

***

“المتعة في صيده مش في أكله

بنات كتير أعرفهم دخلوا في الدايرة المفرغة دي.. وفي الحقيقة الإنسان بيتغير عشان نفسه ولنفسه، يعني طول ما “حازم” مستمتع بالعلاقات الكتير مع البنات ومش حاسس إن فيه مشكلة، إيه اللي يخليه يلتزم بواحدة؟! إيه اللي يخليه ميغيرش كل ما يزهق؟! إيه الدافع اللي ممكن بيه يستحمل واحدة بس بعصبيتها وترددها ومشوار حياتها وطموحها، وتعبها وحزنها وتربيتها اللي ممكن يبقى فيها حاجات صعبة، أو حتى صراعها الشهري مع الهرمونات؟! ممكن ييجي في بالك وتقولي الأوقات الحلوة، أو التضحية اللي بتقدمها في إنها مستحملاه كده، ولكن ده مش كفاية، ما هو ما دام آخرته الأوقات الحلوة، ما هو قادر يقضي الأوقات دي مع واحدة جديدة كل شوية.

 

الالتزام شنطة على بعضها، بالعيوب والمميزات. “حازم” كان عايز الحلو في “ياسمين”، المشاعر المتأججة والدلع والخروجات والفسح، والذكريات الجديدة اللي بيعملها معاها، ومكالمات آخر الليل.. و”ياسمين” برضو محتاجة الحاجات دي كلها، بس كمان محتاجة تحس إنها متطمنة إنها مع حد عارف يشيل معاها المسؤولية، ويكون سند مش وجع وجرح لقلبها.. بس مع الأسف الأمان مينفعش يختلط بالتغافل.

 

وإحنا كبنات لما بندخل في النوع ده من العلاقات ونخرج بالهزيمة، بيكون قدامنا طريق من اتنين، يا إما نعيد نفس التجربة مع تكرار نفس مواصفات بطلها، ونتعشم في نهاية مختلفة، أو نتعقد من الجنس الآخر كله ونشوفهم كلهم خاينين وكدابين.

 

في كل مرة بتفرج على الفيلم ده بكون عايزة أقول لـ”ياسمين” استني شوية، اتنفسي واهدي، إنتي جميلة وتستاهلي تتحبي مش تدفعي تمن حبك، متستاهليش معركة مش بتاعتك.. اهربي يا “ياسمين” من معركة وقضية خسرانة، اهربي من الوعود الفارغة المزيفة، من الاستعطاف، من مشاعر مستنزفة، اهربي من علاقة مش حاسة بقيمتك فيها.

 

 

 

المقالة السابقةالتغيير بعد الجواز بين الطبيعي والمرفوض
المقالة القادمةفوائد الحضن للأطفال لا تحصي، تعرفي على تأثير الحضن على نفسية الطفل

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا