الاستقرار زي ما بيقولوا

324

فيه فكرة عند كل واحد مننا عن ما يسمى بالاستقرار أو الحياة المستقرة، وطبعا كلنا بنطمح للصورة دي وبنخطط لها وكمان بنعمل كل احتياطاتنا الشديدة علشان نتقي شر أي أحداث ممكن تحصل وتعطل استقرارنا ده.

بافتكر لما كنا صغيرين وماسكين في ديل ماما ولازقين فيها في الرايحة والجاية وكانت كل أحلامنا ناخد بسكويت بالشوكولاته أو قالب سكر (الجيل الجديد ما يعرفش السكر القوالب) من السكرية الشيك اللي بتطلع بس للضيوف المهمين، وكمان ازاي نسهى ماما ونبلبط في المياه من غير ما نضرب علشان بلينا كم البيجاما.

وبعدين نكبر شوية ويبقى متهيألنا أن خلاصنا النهائي هايكون في أن اجازة الصيف تيجي ونروح عند جدو وتيته حيث لا قانون ولا ممنوعات وحيث أن كل طلباتنا مجابة وبدون حساب والجدع اللي يفكر يقرب لنا حتى لو كانت ماما وعايزه تربينا، كأننا عند جدو وتيته بناخد حصانة زي اللي بياخدوها اليومين دول ويبقوا فوق القانون.

ولما ننتبه شوية كده للدنيا ونعمل لها جوانا صورة أكبر شوية من العروسة القماش والحصان الخشب وتبقى أحلامنا مثلا إني أدخل كلية معينة وكأن الدنيا كلها مستنياني هناك من طموح وتحقيق للذات وتعليم ورسم لبكره والمستقبل.

ثم حلم الارتباط ويبتدي يظهر خصوصا بعد المناسبات العائلية من أفراح وأعياد، لما تلاقي طنط كده ما تعرفيهاش بتوشوش خالتك في ودنها وبعدين خالتك توشوش مامتك ويضحكوا، أو مثلا الجارة اللي ساكنة جنبكم تقابلك على السلم “صدفة” حوالي ثلاث مرات وكل مرة يكون معاها أخوها اللي ساكن في محافظة ثانية وبيشتغل في بلد ثالثة وجاي أجازة علشان يلاقي نصفه التاني وجاي برضه “صدفه” علشان يزورها.

أو صاحبتك اللي بتحكي لك عن زميلها في الجامعة اللي بيحط  لها وردة حمرا جوه الكشكول اللي بياخده منها حتى بعد المحاضرات اللي بيكون حاضر فيها ومش عارفه ليه دايما مش بيفهم غير من اللي هيه كتباه.

وطبعا الخطوات دي بيبتدي يبقى فيها توتر لأنه بتدخل فيها اعتبارات خارجية وأطراف خارجية ومنهم  كمان ملهمش أي حق في حشر مناخيرهم في قراراتي الخاصة. ومع زيادة التوتر والشد والجذب ما بين موافق ومعترض، وأحيانا من يعتقد أنه بيده حقوق الملكية في حياتي وزود عليهم شوية تقاليد ما حدش يعرف أصلها أيه ولا جت منين بس الأغلب من البشر في المنطقة بيلتزم بيها ولا يجرؤ على كسرها أو حتى الاعتراض عليها.

ده من أكثر الأوقات اللي صورة الاستقرار اللي في دماغنا بتنقنح علينا ومن كثر الدوخة بيتهيألنا أن القرار ده لو كمل على خير ها يفتح لنا باب جنة الراحة واللاتوتر  مع أن الحياة مش بتوقف والنمو أصلا مليان تصعيد وتطور  وحركة  وأثناء ده كله بيتحقق  السلام الداخلى اللي مربوط بوعى وتلامسي مع كل فرص المعرفة والتعليم. يعني عملية مستمرة بيشترك فيها قلبى وعقلي وحواسي وقدراتي وحتى الصفات الضعيفة عندي.

عايزة مخافش تاني من الأوقات ومحسش إن التوتر فيها كأنه عيب فيَ ولو أنا أشطر شوية مكانش حصل.

المقالة السابقةالعيب في مش فيك
المقالة القادمةحدوتتي مع المرايا

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا