الإنسان يعيش مرة واحدة فقط.. تَخَيَل!

957

“حِب ما تعمل حتى تعمل ما تُحب”.

قائل هذه العبارة أكيد كان واحد بيشتغل حاجة مطلّعة عينيه، فقرر يوقع البشرية كلها في نفس الحفرة، قلبي وربي غضبانين عليك ليوم الدين.. ضميرك مستريح يا كابتن؟!

بما إني ضحيت بشهادتي العملية اللي بتجيب فلوس كويسة مقابل إني أشتغل حاجات بحبها بتجيب كلام فارغ، أو حتى مشتغلش خالص، بس مبقاش خسرت روحي، فكنت بسمع الجملة دي كتير، لكن عُمري ما اقتعنت بيها.

أن تُحب ما تعمل وتحُط -لا مؤاخذة- جزمة في بُقك، ده نوع من الاستسلام. بتسيب إيد أحلامك وتروح لمكان مش بتاعك ولا يشبهلك، تفضل “تُحب ما تعمل” لحد ما تنسى الحاجات اللي إنت كنت عايزها أو شايف إنك هتنجح فيها، وتصدق إن اللي إنت بتعمله ده كان رغبتك من البداية.. بالذمة مصدق نفسك؟!

 

فيه ناس بتشوف إن الواحد المفروض يشتغل الشغلانة اللي بتجيب ربح مادي أعلى، بغض النظر عن بيحبها ولا مبيحبهاش، هو إنت هتتجوز الشغل يعني؟!

ناس تانية بتشوف إنك ترفض شغل مبتحبهوش لحد ما تلاقي اللي بتحبه ده بَطَر ودلع، بس هو يعني نَفسنا ملهاش حق علينا؟ ثم الواحد هيعيش كام مرة عشان يقعد يسرسب أحلامه واحد ورا التاني عشان خاطر العُرف والمفروض واللي يصح وميصحش؟!

 

الأسباب اللي تخليني أفهم إن واحد يشتغل شغلانة مبيحبهاش إما إنه يكون بيشتغل حاجات مش شبهه عشان يجيب فلوس يصرف بيها على الحاجة اللي بيحبها، أو إنه محتاج ماديًا ووراه مسؤوليات فمضطر يعمل ده لحد ما ربنا يسهل ويقدر يعمل اللي بيحبه، أو إنه يكون لسه مش عارف هو بيحب إيه فبيعمل حاجة تانية مواكبة لعملية البحث، إنما يكون عارف والظروف مساعداه وبيشتغل حاجة مختلفة عشان بتجيب فلوس أكتر أو المجتمع بيهللها شويتين زيادة! فده شيء “لا يُصدكه عكل”!

 

إيه اللي يخلي الناس مش طايقة نفسها في أشغالها، فبتطلع قرفها على أي حد يقع في سكتهم ويحسسوك لو شغلهم هيقضيلك مصلحة إنك بتشحت منهم، إلا لو كانوا مبيحبوش شغلهم ده، وبالنسبالهم مجرد تقضية واجب تقيل على القلب، فبيعملوه من غير نِفس ولا ضمير؟!

أما اللي بيحب شغله هتلاقيه حريص على نجاحه وبيعمله بمزاج (حتى لو بيسَلِّك مجاري) ولو قابلته مشاكل في الشغل هيقدر يستحملها وييجي كمان على نفسه -بصدر رحب- لو المصلحة العامة اقتضت كده.

 

يعنى م الآخر كده نحب ما نعمل ولا نعمل ما نُحب؟

المحرك الأساسي في المعادلة هنا بيكون حاجة من اتنين: الشغف أو الخوف، وعلى حسب اللي يكسب فيهم تكون السِكة اللي هتاخدك.

يعني إيه شغف؟ يعني إن قلبك يصيبه حُب شيء ما وتبقى مهووس بيه وشايف إنك هتبقى سعيد لما تعمله، فبالتالي هتعرف تنجح فيه كويس. ما هو طبيعي إن الواحد لما بيهتم بحاجة بيحاول يعملها صح أوي ويجوِّد فيها.

لكن لو بيعمل الشيء نفسه عن خوف.. خايف المجتمع ينبذه لو ممشيش وراه، خايف يمشي ورا حلمه فيفشل، خايف يسيب العصفور اللي في إيده أحسن العشرة اللي ع الشجرة يطيروا… إلخ. هتلاقي النتيجة في الغالب مهزوزة، والشخص ده حتى لو ناجح في عمله دايمًا هيفضل حاسس إن فيه حاجة ناقصة، ومش بعيد مع الوقت يتحول لواحد من القطيع اللي بيقصقصوا ريش أحلام التانيين.

سكة السلامة السهلة واللي فيه كتير سبقونا ومشيوا فيها، مش معنى إنها متجربة ومضمونة يعني هتبقى أمان أو مع الوقت هتشبهنا، وسكة الندامة اللي بيخوفونا منها مش لازم تبقى خطيرة ومحفوفة بالفشل. هي الناس أصلًا هتعرف منين إذا كانوا مدخلوهاش؟!

 

ملايين الأشخاص ممكن يعملوا نفس الشيء، بس فِعل شخص واحد ماليه الشغف والحُب رُبما يِغني عن شغل الباقيين، حاجة كده زي الست أما تطبخ للراجل اللي بتحبه فتلاقي الأكل طعمه مسَكَّر، وأما نفس الست تطبخ نفس الأكلة لناس مبتحبهمش فتلاقي الأكل ماسخ وميتاكلش.

لو كُل واحد اشتغل في المجال اللي بيحبه كلنا هنبقى كسبانين، ولو مش مصدقيني، ما تيجوا نجرب ونشوف.

المقالة السابقة4 أفكار لسفرية دلع سريعة بالتفاصيل
المقالة القادمةحياة بطعم الـpassion fruits

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا