اتبرع ولو بجنيه

1712

“اتبرع ولو بجنيه” دي أشهر جملة لأكبر حملة تبرعات اتعملت في مصر، وكانت لمستشفى سرطان الأطفال 57357، وأعتقد إن الحملة دي كانت من أوائل حملات التبرع القومية وأشهرهم على الإطلاق.

 

وبما إننا في رمضان، فطبيعي إننا نتكلم عن الكم المهول من إعلانات المؤسسات الخيرية والجمعيات الأهلية والمستشفيات وغيرها، الإعلانات اللي بتصيبك بوجع قلب مهول سببه كوكتيل من العجز وقلة الحيلة والغضب والحسرة.

 

كل سنة المؤسسات الخيرية بتطلع بحملة إعلانات جديدة، في منتهى الإبداع، بيعرفوا إزاي يحسسوك بالمشكلة بجد، ويوجعوا قلبك فعلًا، وكل مؤسسة فيهم بتتبارى في كمية وجع القلب الأكتر عشان تجيب تبرعات أكتر.

 

أيام مستشفى سرطان الأطفال الموضوع كان مؤثر جدًا، لأنها كانت الحملة الوحيدة تقريبًا، والإعلانات كانت راقية إلى حد ما، أنا لسه فاكرة “أحمد” اللي كان واجهة إعلانية للمستشفى، وبعد سنتين جه في الإعلان مبتسم وبيقولنا “أنا خفيت”.

 

وبرضو فاكرة إعلان بنك الطعام من سنة أو اتنين اللي كانوا بيجيبوا فيه مشاهد بائسة جدًا، وعليها تعليق صوتي للعكس تمامًا، عشان يوضحولك الفرق بين ساكن العشش اللي مبيفطرش عشان مش لاقي ياكل وساكن الكومباوند اللي مبيفطرش عشان عامل ريجيم الفواكه.

 

تفتكر أي إعلان فيهم أرقى وأكثر تأثيرًا؟

 

إعلان مستشفى 57357 اللي كان معمول أنميشن من كام سنة وكان خلفيته أغنية كلها أمل، ولا إعلان جايب طفل بيقول رقمه قدام الشاشة وعينيه دبلانة، والمعلق بيقولك اتبرع عشان فيه ناس كتير واقفين في طوابير الانتظار وهيموتوا؟

 

تفتكر أي إعلان فيهم أرقى وأكثر تأثيرًا؟

 

إعلان اتصالات اللي اتعمل من كام سنة عن مشكلة المياه وكانت صورته عبارة عن نيل ومركب شراعي والخلفية أغنية عطشان يا صبايا دلوني على السبيل، ولا إعلان جايب بنت بتسأل أمها جابت أكل ولا لأ، والأم معهاش فلوس تجيب؟

 

أنا هقولك وجهة نظري، أنا -للأسف- مش معترضة على الطريقة المهينة في استجداء التبرعات من المصريين عن طريق الإعلانات دي، مش معترضة على الوشوش الدبلانة والعيون المكسورة وجملة “مسلسل الجوع”، مش معترضة على وجع القلب ده خالص.

 

عارفين ليه؟

عشان مفيش طريقة تانية، ما هو كل ما اللي قدامك بقى مشتت ومش مركز معاك لازم إنت تعلي صوتك يمكن تلفت انتباهه، فطبيعي جدًا إن جرعة وجع القلب تكبر مع الوقت، عشان نحس قد إيه المعاناة حقيقية ونتبرع.

 

وعشان للأسف أحوالنا كلنا بقت صعبة، فلازم عشان المؤسسة تخلي شخص دخله أصلًا قليل يتبرع إنها تجيبله حالات أصعب منه بكتير، عشان قلبه يحن عليهم.

 

أنا -للأسف- مش معترضة على كل وجع القلب ده، كان نفسي أبقى عايشة في بلد بتحترم آدميتي، ومتخلينيش أحس طول الوقت إني مقصّرة في حق ناس محتاجة، وأحس بالعجز طول الوقت.

 

بس بما إني مش عايشة في بلد من النوع ده، فأنا للأسف مش معترضة على كل الإعلانات دي، بل شايفاها ذكية جدًا وفيها وعي شديد بنوعية الشعب المصري، ومدروسة كويس أوي ومتعوب عليها.

 

أنا مش معترضة على إعلانات المؤسسات الخيرية، بس كمان مش مبسوطة بيها.

المقالة السابقةرمضان الرجاء الخالص
المقالة القادمةخليكي صنايعية تفاؤل
كاتبة وصحفية مصرية

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا