إن بلغتِ عامك الـ16.. افتحي هذه الرسالة

1609

 

بقلم/ إليسار أحمد

 

– العالم في الخارج لا يشبه صندوق الموسيقى، ودوران الأرض لا علاقة له برقص الباليه.. الابتسامات لا تعني المحبة دومًا.. والحب لا يحمل رائحة الملابس الجديدة ولا طعم البشاميل.

الحياة خارج حدود غرفتك لا تمت بصلة لما اعتدتِ عليه يا ابنتي.

 

– عند الاصطدام لن يساعدك أحد في جمع أوراقك، وعند الانكسار لن يجعلوا من أجسادهم عكازًا، لن يعطيكِ أحدهم مقعده ولا سر مهنته ولا اسم حبيبته، ولن تمد الفرصة يدها إليك.

 

– لعلهم سيحاولون تلوينك بأقلامهم، ووضعك في علبة كبريت، وسيكررون ويكررون “الشمعة هي القدوة الأبدية”. قد يسعى أحدهم لاصطياد أحلامك، ولعلّ الآخر سيخبرك عن مصير الفراشة الحالمة التي اقتربت من الضوء.. فاحترقت.

 

– حسنًا.. لا تفزعي.. كل هذا سيزول.. صدقيني أعلم تمامًا بما تشعرين. فإن مررتِ بكل هذا قولي لهم:

إن أحلامنا جبلت من ملامحنا.. فكيف لها أن تضل طريقنا؟!

وأخبريهم: أن اّخر جناح تكسَّر كان في كتب جبران خليل جبران، ومن بعدها لم تتكسر الأجنحة قط. وأن الشمعة قد تتسبب بالحريق، فتحرق الجميع قبل أن تحرق نفسها.

 

يا صغيرتي:

خلقت الأحلام كي تتحقق، لعلها ليست وردية اللون، ولا تملك بريق اللؤلؤ، لكنها حقيقية؛ حاولي الانتباه لحلمك، اسمحي له أن ينمو في داخلك كالشجرة وطيري بكل ما أوتيتِ من قوة تجاهه.

أعلم جيدًا أن في جعبتك العديد من الأسئلة، وأنك تبحثين عن الأجوبة في أعين المارة وتجاعيد ذوي الخبرة وبين سطور الكتب.

 

– يا ابنتي.. لكل أحد منا أجوبته الخاصة، ولعل بعضًا من أجوبتي ستساعدك لاكتشاف أجوبتك.

الحب:

لا يغرم الرجل بامرأة تشاركه الرقصة، لأنه ببساطة سيكون مشغولاً بنشوة الرقصة ذاتها. أكاد أقسم أنه يحفظ كل حركة ونوتة، أكثر مما يحفظ ملامح من يراقصها.

أسبق وسألتِ نفسك: لماذا لا ننظر لوجوه الركاب الذين يجلسون بجانبنا في الحافلات؟ إن العملية مشابهة في الحب يا ابنتي، كل ما عليكِ فعله هو أن تغادري الحافلة أولاً. وتذكري.. إن أردتِ لفت انتباهه لا تنتبهي إليه.

ملاحظة: سأكون شاكرة لك لو تعلمت الرقص المنفرد.

 

الموت:

وحدهم السعداء من يموتون باكرًا.. أولئك الذين يعيشون المشقة يطول بهم الطريق.

الموت رجل صياد يطارد الفريسة السعيدة، وكم سأكون فخورة لو اكتفيت بكلمة السعيدة ولم تقبلي أن تكوني الفريسة فقط.

لا يعطل الصياد عن فريسته سوى سهم طائش من مجهول، فلتكوني أنت هذا المجهول، لكن لا تكوني السهم. راوغيه.. وجّهي قبلاتك في وجه الموت.. مع كل سهم عيشي جموح الصيد بكل قوتك، اختاري أغنية ما ودندنيها على مقربة منه.. باغتيه.. عندها ستلقين مصرعك بشغف.. إياكِ والهروب من الموت.. إياكِ والمواجهة.. اتقني تكتيك اللعبة، وعندها سيصبح للموت لذة ما، ولن يعود الشبح الأسود الذي سينقض عليك كما سيخبرك الأغبياء.

وتذكري: إننا جميعًا نحمل ملامح موتنا منذ الخليقة.. فلتتقبلي ملامحه، ولتوقظي الصياد فيك.

 

أما السعادة:

لا تبحثي عنها بعيدًا.. إنها بين كفي يديك.

كاذب هو من أخبرك أن السعادة نصيب. كل واحد منا يستطيع أن يخلق سعادته بين يديه، يرسمها كما يشاء، يزرعها بين زوايا أسراره الشقية. سعادتنا تشبهنا، تختلف من شخص إلى آخر كما البصمة.

أحدنا يجد سعادته مختبئة في جيب معطفه، وآخر قد يجدها في عين من أحب، وبعضنا من يقضي عمره باحثًا عنها وهي أمامه فيموت ولا يجدها.

السعادة هي الرضا.. وحده الرضا هو التعريف الحقيقي لها.

 

العالم لا يشبه بيتنا.. لكن لا تخافي.. ارتدي حلمك إسوارة في معصمك وانطلقي إليه.

وتذكري أن ما تسعى إليه يسعى إليك.. لا تخافي يا ابنتي.. إن الطريق إلى الحلم.. يؤدي إلى الله.

 

عن الحب والموت والسعادة

 

المقالة السابقةكيف يحب المرء ذاته المشوهة؟
المقالة القادمةبابا والرحلة من الأمان للخذلان
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا