إنتي لسه شفتي حاجة؟!

1941

– إنتي لسه شفتي حاجة؟!

– يا حبيبتي انسي خلاص، البركة في بنتك/ أو ابنك.

– ابقي قابليني لو عرفتي تكتبي، تقرئي… إلخ (أو تعملي أي حاجة) بعد كده.

– ولسه بتعرفي تقري؟

– لقد انتهى هذا الزمن.

 

الجمل دي واللي شبهها واللي بمعناها اتقالت وبتتقالي وبتتقال لكل أم جديدة لما نحب نفضفض شوية، ونعبر عن إحساسنا بالضغط وضيق الوقت وعن صعوبة إننا نلاقي وقت لنفسنا ولما نحن لأيام ما قبل الأمومة. الغريب إن اللي بيقول الكلام ده أمهات برضو، يعني كانوا في يوم من الأيام أمهات جديدات زينا، والغالب إنهم مروا بنفس اللي إحنا بنمر بيه، طب ليه بيقولوا الكلام ده اللي ممكن يكون له تأثير محبط وسلبي على بعض الأمهات، بل وعلى حتى اللي بيفكروا يكونوا أمهات، فبيخافوا ساعتها ياخدوا الخطوة أو بيدخلوا عليها وهم حاملين الهم ومنهزمين؟

 

تفسيري للي بيقولوا الجمل دي واحد من الاحتمالات التالية:

– مكبوتة ومحتاجة تفضفض ومش لاقية حد يسمعها، أو مش حاسة بتقدير للي هي بتعمله.

– بتنقل وجهة النظر اللي هي مؤمنة بيها وماشية بيها في حياتها وبتتكلم من خلال تجربتها هي.

– بتدردش عادي من غير ما تكون مدركة تأثير كلامها على المستمعة.

– مش عاوزة تشوفك بتنجحي في اللي هي منجحتش فيه.

– وربما يكون فيه احتمالات تانية.

 

الأمومة وردة بس لها شوك

الأمومة -على جمالها- صعبة وضاغطة، وحياة الأم خاصة في الفترة الأولى من الأمومة بتنقلب رأسًا على عقب، واللي بيؤكد الكلام ده إن فيه حاجة اسمها اكتئاب ما بعد الولادة.

الأم الجديدة بتحس فجأة إنها بقت مسؤولة عن حد تاني من الألف إلى الياء، مسؤولة عن صحته النفسية والجسمانية، بتتعلم تراعيه بكل تفاصيل الرعاية الكتيرة جدًا (بيعيط ليه؟ شبع ولا لسه؟ فيه حاجة بتوجعه؟ عيان عنده إيه؟ عيا ليه؟ أنا قصرت معاه؟ حران ولا بردان؟ أتقلّه ولا أخففله؟ ألاعبه إيه؟ اللعبة دي مناسبة لسنه؟ أنا كده بنمي مهاراته؟ نموه طبيعي ولا لأ؟… إلخ).

 

ده غير التغييرات السريعة والكتيرة اللي بتتطلب منها التكيف معاها عشان تعرف تعمل اللي عليها وعشان تعرف هي تعيش بحالة نفسية سليمة.

وغير القلق على مستقبل الطفل (الدنيا بتغلى، هنعيش إزاي؟ هندخله مدارس إيه؟ الخوف إنه يتعرض للتحرش أو الخطف أو أي خطر، هو ممكن أخلاقه تبوظ؟ هعمل إيه لو اتلم على شلة فاسدة؟… إلخ).

 

الأم الجديدة فجأة بتلاقي أولوياتها بقت حد تاني، وممكن يبلع أي مساحة شخصية بتاعتها.. فجأة بتحس إنها مبقتش موجودة إلا من خلال طفلها، وإنها مش عارفة تعمل حاجة من الحاجات اللي كانت بتحبها وبتعملها قبل ما تبقى أم. والمجتمع بقى بيدعم فكرة التضحية وإن  الأم شمعة تحترق من أجل أبنائها، لكن أنا مؤمنة بنظرية إن الأم تنور لولادها وتعلمهم ينوروا لنفسهم ولغيرهم من غير ما تحترق هي، ما هي لو احترقت نورها هيفضل يقل وهييجي وقت تحرقهم همّ! الأم التعيسة لا يمكن تسعد أولادها، الأم الفاشلة لا يمكن تعلم ولادها النجاح، الأم اللي عندها مشاكل نفسية هتطلعها على ولادها من حيث لا تدري وبحسن نية كمان.

 

الأم الجديدة محتاجة إيه؟

– محتاجة حد يطمنها تطمين حقيقي وصادق.

– محتاجة حد يقولها “فترة وتعدي”.

– محتاجة واحدة تشاركها تجربتها سواء كانت ناجحة أو فاشلة.

– محتاجة واحدة تسمعلها وتتعاطف معاها وتحس بيها.

– محتاجة حد يديها نصيحة صادقة.

– محتاجة حد يشجعها ويقولها “إنتي تقدري”.

ولأن تصرفاتنا بتتأثر كتير بالناس اللي حوالينا والكلام اللي بنسمعه، فكتر سماع الكلام السلبي من العينة اللي بدأت بيها المقال ممكن يبعدك عن أحلامك، ويخليكي أم غير سعيدة، أو يخليكي تحسي بالذنب لما تحاولي توفقي بين اعتنائك بطفلك واعتنائك بنفسك. وكتر سماع الكلام المطمئن والتحفيزي هيخلي حالتك النفسية أحسن، وهيساعدك تطلعي لقدام، هيساعدك على التوازن وعلى الإحساس بالإنجاز والرضا عن نفسك لما تعتني بنفسك وبطفلك.

 

طب نعمل إيه؟

عشان كده حاوطي نفسك بالناس الإيجابيين، اطلبي منهم المساعدة والسند، اتكلمي معاهم واسمعي منهم، ممكن نصيحة أو مشاركة من حد منهم تفرق معاكي كتير (زي ما حصل وحاصل معايا أنا شخصيًا). أما بالنسبة للناس أصحاب الكلام السلبي:

– فحاولي تتجنبي الكلام معاهم خاصة في الموضوعات اللي إنتي عارفة إن رأيهم فيها هيحبطك.

– أو قللي التعامل معاهم وده هيتوقف على علاقتك بيهم.

– متدخليش معاهم في جدال لو إنتي شايفة إن محدش فيكم هيقتنع بكلام التاني.

– فكري نفسك دايمًا إن ده رأيها هي المستمد من خبراتها هي وتجربتها هي، اللي مش بالضرورة تنطبق عليكي إنتي، وبالتالي كلامها مش ملزم ليكي بأي شكل من الأشكال، فاعملي عازل بين كلامها ومشاعرك، وركزي على أهدافك.

 

إلى نفسي وإلى كل أم جديدة مثلي: إنتي هتقدري.

 

المقالة السابقةحرية.. حب.. بقاء
المقالة القادمةأنا عايزة أعيش

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا