أميرتي الصغيرة: أجمل حكايات الأميرات الجميلات

1797

رزقني الله بطفلة صغيرة تعشق الحواديت، أظن أنني من سقيت البذرة بعالم من خيال الحكايات منذ كانت نطفة صغيرة في رحمي. والآن أراها تنتظر وقت النوم بحماس، لتختار عالم الخيال الذي سندخله.. من سنقابل ومع من سنعيش الحكاية، تنسج الأبطال من خيالها ويصبح عليّ صنع الحبكة والأحداث.

 

ولا تملّ من حكايتها المفضلة يوميًا.. حكاية “بيكسي” الصبي الشجاع الذي صنع من أحلامه نجومًا منيرة أضاءت عتمة قريته، ومع ذلك اليوم فقط أدركت مصادفة أنني لم أقص عليها أبدًا حكايات الأميرات الجميلات.. ولا مرة بالفعل، بل في كل مرّة كنا نغير الأحداث لتناسب شخصيتها وعالمنا، نأخذ من الخيال ما نأخذ ونضيف عليه من واقعنا كل جميل.

 

لم تكن صغيرتي مهتمة بمشاهدة الأميرات في أفلام الكارتون، وعندما كبرت قليلاً وشاهدت بعض هذه الأفلام، لم يُدهشها الأمير الذي يراقص الجميلة، ولم تتحمس كثيرًا لفكرة الساحرات اللاتي يصنعن كل شيء للأميرات الطيبات. كانت تشغلها أكثر الأسئلة: “ليه البنت بتنضف بيت الأقزام طول الوقت وهما مش بيساعدوها؟ ليه عروسة البحر سابت بيتها وأهلها؟ ليه دايمًا فيه فارس شجاع لازم ينقذ الأميرة؟”.. أدركت صغيرتي مبكرًا ما أدركته أنا بعد سنوات طوال.

 

كنت أندهش من تفكير صغيرتي. في الحقيقة لم أجد ردًا واضحًا لها؛ كنت أخبرها كم هن أميرات جميلات، مثلما هي أميرتي الجميلة.. وكانت تخبرني في كل مرّة أنها ليست أميرة مثلهن.. “أنا فريدة يا ماما!”.

 

ثم باغتتني الصغيرة ذات مرة متسائلة عن سر عدم وجود فارسات شجاعات، ولماذا الفرسان فقط ولاد!

وفي تلك اللحظة قررت أن أحكي لها حكايتهن المختلفة، سأحملها هذه المرة لأرض الواقع وليس الخيال.. ربما تقرأ رسالتي تلك عندما تكبر قليلاً..

أميرتي الصغيرة..

ذات يوم ستكبرين وستعرفين أن الفارس الشجاع ربما يأتي في وقت أنتِ فيه لست بحاجة إلى فارس شجاع لتبدئي حياتك، وحينها لن تريه ذاك الفارس بطل حواديت طفولتك. وإن الشجاعة ليست مقتصرة على الرجال، حتى وإن رأيتِ ذلك في الأفلام والحكايات.

 

يومًا ما ستكبرين وستعرفين أن الفارس الحق لن يعطيكِ أنصاف حلول وأنصاف عشق وأنصاف اهتمام وتقدير.. وحينها ربما تكونين أنتِ من ستتخيلينه -خاطئة- فارسًا شجاعًا.

يومًا ما ستكبرين وستتعلمين أن ما يصادف الحكايات في الواقع، أحداث قليلة، وإلا لما لجأنا لعالمنا السحري قبل النوم.

 

لذا دعيني أعلمِك منذ اليوم، ألا تنتظري الفارس الشجاع، بل كوني أنتِ الفارسة الشجاعة والملكة إذا لزم الأمر.

لا تنتظري من يحضر لكِ الدنيا تحت قدميكِ، بل املئي دنياكِ بكِ أنتِ بضحكتك وأحلامك، بشخصيتك وأسلوبك.

 

اصنعي عالمكِ الخاص ولا تنتظري من يضع لكِ أول حجر أساس به.. في الواقع لا يوجد ساحرات طيبات ولا عربات مسحورة، ولا أمراء يجوبون الأرض شرقًا وغربًا للبحث عن الأميرة المفقودة. يوجد فقط قلبك، بُصلتك للطريق، ومن يمتلك قلبًا كقلبك لا يضل أبدًا يا صغيرتي.

 

هل أعجبتكِ سندريلا صاحبة الحذاء السحري؟ حسنًا، انتعلي حذاءك إذًا وانطلقي نحو مستقبلك. في زماننا هذا إذا تركتِ حذاءك السحري ليبحث عنكِ الأمير، ربما يعطيه الأمير حين يجده لامرأة أخرى تروقه.

لذا، صرنا نحكي حكاية سندريلا التي تتخطى الصعوبات بشجاعة وتواجه الأشرار ببسالة وصمود. يوميًا تطلبين تلك الحكاية وكأنك تحفرينها في ذهنك وقلبك للزمن.

 

هل أعجبتكِ حدوتة الأميرة النائمة؟ دعيني أخبرك أن عليكِ أن تتحلي بأكثر من عينين لتصلي لهدفك بسلام فى زماننا هذا (ربما لتصلي لمنزلك أيضًا)، وليس بإغماض عينيكِ في انتظار المجهول.

لذا كانت الأميرة النائمة في حكايتنا امرأة قوية، تتحكم في مصيرها بحكمة. لا تستسلم، وإن حدث فبعد نفاد كل المحاولات.

 

أما سنووايت، الأميرة الجميلة.. فصرنا نحكي كيف كانت تساعد الضعفاء، وكيف حوَّلت غيرة زوجة الأب لمحبة وصداقة. نحكي أنه لا يوجد فتيات قبيحات، جميعنا نمتلك من الجمال قدرًا. نحكي هذه الحكاية لنتعلم كيف يمكن للكلمة الطيبة أن تكسبنا الآخرين، وكيف نتقبل الآخر المختلف عنا في الشكل والطباع. لماذا علينا أن نتفهم مشاعر الغيرة والمنافسة؟ والأهم أن الأمير ليس هو الفوز العظيم. في الحقيقة لا يوجد في حكايتنا عن سنووايت من الأساس تلك التفصيلة الخاصة بالتنافس على الأمير الثري.

 

هل أعجبتكِ حدوتة الجميلة والوحش؟ إذا كان عليكِ تعلم شيء منها، فهو ترويض الوحش بداخلك. نقُص هذه الحكاية لنتعلم كيف نسيطر على غضبنا، كيف يحولنا الغضب إلى وحوش في أعين أحبتنا رغم طيبة قلوبنا، فيبتعدوا، وكيف يمكننا حل كل شيء بالمودة والرفق.

 

صارت حكايتنا عن الأميرات مختلفة، فصرتِ ترينهن شجاعات أيضًا، وأخذت تروقك حكاياتهن قبل النوم.

كل الأميرات اللاتي أقص عليكِ حكاياتهن يومًا ما ستكبرين وتعلمين أنكِ أميرة متفردة عنهن جميعًا، ستكون لكِ حكايتك الخاصة، التي ستكتبينها يومًا مثلي وتقصينها على طفلتك الصغيرة.. أما أنا سأتركِك تعيشين فصول الحكاية كاملة، تضعين البدايات والنهايات كما يروقك.

 

أتذكر عندما كنت أشاهد فيلم Brave وجذبتك الأميرة “ميريدا” وحصانها الجامح لعدة دقائق.. ربما حماستها وتمردها أضاءا في قلبك شيئًا مألوفًا. ربما تنسجين في خيالك نجومًا كنجوم “بيكسي” وتشكلين أحلامًا أكبر من أحلام الأميرات، وترين نفسك بشجاعة “ميريدا” وجموح حصانها وطموحها، ربما لذلك كان عليّ أن أنسج لكِ عالمًا من الحكايات يليق بقلبك وروحك.

 

كنت ألقِّبك بالأميرة الصغيرة.. ولكنني أدرك الآن من كل قلبي كم أنكِ أكثر من مجرد أميرة من عالم الحكايات.. بل فريدة.. فريدة في كل شيء.

المقالة السابقةمرارة الطريق تسبق حتمًا لذة الوصول
المقالة القادمةلما صاحبك وقع منك
كاتبة وصحفية مصرية

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا