إحنا صغيرين أوي يا سيد

410

Sciko فيلم وثائقي إنتاج 2007 للمخرج مايكل مور.يتناول “التأمين الصحي” بعدة بلدان من خلال حكايات واقعية لعدة أشخاص، فاسمحوا لي أن نأخذ جولة بين أنظمة تلك البلدان.

 

فلنتناول في البدء النصف الممتلئ من الكوب:

  • في بريطانيا العمليات والعلاج وحتى الإقامة مجانًا، حيث يندرج كل ذلك تحت التأمين الصحي الوطني الذي كان من نتائج الحرب العالمية، هناك من حقك أن تدخل أي مستشفى، فلا يسألك أحد إلا عن اسمك وتاريخ ميلادك ثم يتم علاجك من كل أمراضك دون طلب أي أوراق أو أرقام تأمين ولا حتى إثبات أنك تدفع ضرائبك، بل إنهم يدفعون للمرضى كذلك ما دفعوه مقابل وسيلة انتقالهم للمستشفى.

أما الأطباء فتُحدد حوافزهم وفقًا لقدرتهم على إقناع المرضى بالإقلاع عن أسباب أمراضهم كالتدخين وخلافه. أما الصيدليات فبها نظام ثابت: أي شخص أقل من 18 أو أكبر من 60 سنة، من حقه الحصول على احتياجاته الطبية مجانًا، أما الآخرون فلهم تعريفة موحدة تُعادل 10 دولارات مهما كان نوع وكمية الدواء.

 

  • في كندا التأمين الصحي مكفول للجميع بالمجان، تستطيع أن تذهب إلى أي مستشفى، وتختار أي دكتور دون شروط. كذلك الحال في كوبا، حتى وإن لم تكن كوبيًا.

 

  • وعن فرنسا -خُد عندك- التأمين الطبي شامل، الحضّانات مجهزة ومجانية أيًا كان عدد أطفالك، الدراسة الجامعية مجانية، الإجازات السنوية مدفوعة الأجر، أضف إلى ذلك أن الإجازة المرضية غير محددة المدة، وامتيازات أخرى كثيرة كفيلة برفع ضغط الدم وإصابتك بالمرارة.

 

أما النصف الفارغ من الكوب -فعلى غير المتوقع- كان فيما يخص التأمين الصحي بأمريكا!

هل تعلم أن قائمة الأمراض التي ترفض الشركات تأمين أصحابها هناك تبدأ من الأنيميا وتصل إلى السرطان؟! بل ويعترف دكاترة شركات التأمين أن مهمتهم إيجاد ثغرات لرفض علاج أصحابها. تلك هي سياسة الشركات، ومن لا ينجح في ذلك يُعتبر طبيبًا فاشلاً، حتى أن رفض الطلبات مجرد خِتم على الورق وليس إدارة تقرأ وتُحدد من يستحق العلاج من عدمه.

 

هل تعلم أيضًا أنه حين حاولت هيلاري كلينتون طرح فكرة تأميم التأمين الصحي تعرضت لضغط إعلامي وهجوم شنيع من شركات التأمين والجهات الطبية، ما اضطرها إلى سحب المشروع نهائيًا؟!

 

يطرح الفيلم العديد من القصص المأساوية أو الطريفة أو التي تستحق التأمل قبل أن ينتهي وسط تساؤلات المخرج، لماذا لا تُطبق تلك الأنظمة لديهم، رغم كل الإمكانيات المتوفرة؟ ومن الذي من مصلحته عدم توفير الرعاية الطبية للجميع؟! والأهم، لماذا يُشوّهون الأنظمة الصحية بباقي الدول رغم أنها ثَبُت بالتجربة كونها أفضل؟!

 

**

عزيزي القارئ/ المشاهد..لا أنصحك بطرح تلك الأسئلة على نفسك، فمن الحماقة انتظار تطبيق تلك الأنظمة في عالمنا العربي المُظلم. ولا تُحاول كذلك من خلال الفيلم تحديد مرتبتك في سلسلة الكائنات التي تندرج جميعها تحت صنف “إنسان” من أجل صحتك النفسية. والأهم لا تكذب على نفسك فتُبرر أن تلك البلدان تفرض على مواطنيها ضرائب باهظة، ليس لأن هذا غير صحيح، لكن لأنه في تلك البلدان -كما قال أحدهم-حين يكون التعليم والعلاج والكُتب والمتاحف.. إلخ مجانًا، والإجازات مدفوعة الأجر فلن تجد ما تصرف عليه مُرتبك سوى الأكل والفسح والضرائب.

 

الحل بسيط للغاية، إذ يكمُن في الديموقراطية الحقيقية لا تلك التي تبيع للمواطنين “الوهم في أزايز” بالإضافة للتضامن الاجتماعي بين المواطنين، والذي يوفر لغير القادرين حياة كريمة تجعلهم قادرين على العطاء غير ناقمين على وطنهم.

 

في الحقيقة الفيلم طويل للغاية، كما أنه مُتخم بالحكايات الإنسانية المؤثرة، أنصح بمشاهدته واستكمال حالة الحسرة على الذات أو المُفاضلة بين الدول الصالحة للهجرة والحياة بآدمية، بعد طرح الحلم الأمريكي من الحِسبة.

 

ولا يسعني في النهاية سوى أن أقول إن الدولة حين تُعامل مواطنيها على اعتبارهم “بني آدمين” سيعاملونها هم بالتبعية على أنها “نور عينيهم ولا إيه!”.

 

رابط الفيلم: اضغط هنا 

المقالة السابقةطـوق “نـ”جاة
المقالة القادمةالبرجر المنزلي .. ولا أسهل!
امرأة ثلاثينية متقلبة المزاج، أعشق الرقص على السطور كتابةً، أُحب الفن بمختلف أنواعه وأعيش عليه. والآن كبرت وصار عليّ أن ألعب في الحياة عشرات الأدوار طوال الوقت، لأستيقظ كل صباح أُعافر حتى أستطيع أن أُحاكي بهلوانات السيرك فأرمي الكُرات المُلونة بالهواء ثم ألتقطها كلها في آنٍ واحد.

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا