أن تخفي كونك متزوجة

416

 

بقلم/ مروة عمارة

 

“اعملي قبل الزواج.. فلا فرص بعده”، ليس بسبب رفض زوجك، أو أنك لن تستطيعي المواءمة بين كونك زوجة وعاملة أو موظفة عليها التزامات يومية. ولكن لأن تلك هي نظرة رب العمل، فلا مجال لاختبار قدراتك في حال تقدمك لوظيفة، أو رؤية مؤهلاتك وخبراتك، فكل تلك الأمور في نظره “بلا قيمة”. والعبارة الدارجة “هعمل إيه بست متجوزة؟!”.

 

هل حُكِم على المتزوجة أن لا تعمل وأن لا يكون لها مصدر دخل، لمجرد أنها تزوجت؟! أليس من الممكن أن تكون أكثر كفاءة وقدرة وخبرة وابتكار من رجال متفرغين ونساء لم يتزوجن؟! لسنا هنا للتشكيك في كفاءة أحد، ولكن لماذا لا يتم المساواة في اختبارات الفرص بين الجميع؟

 

أعلم كثيرًا من النساء يخشين ذكر كونهن متزوجات أو لديهن أبناء، عند التقدم لشغل وظيفة، وعندما يعلم صاحب العمل بكونها زوجة، يكون الرفض هو الرد دون تفكير. وأعلم أيضًا سيدات تعرضن لمضايقات لفظية عندما تقدمن لوظيفة بعدما أعلنَّ أنهن متزوجات، وأصبن بإحباط شديد.

 

لم ينص قانون العمل على منع السيدة المتزوجة من العمل، ولكن موروثات شعبية شكَّلت رؤية ظالمة لنساء قادرات على العطاء بالمنزل والعمل. ولعل تلك النظرة هي المبرر الأقوى لترحيب الفتيات بفكرة تأجيل الزواج، لحين تحقيق طموحهن المهني، فهن يعلمن جيدًا أنهن غير مرحب بهن في مجال العمل بعد الزواج، وعليهن أن يحجزن ويحفرن أماكنهن مسبقًا قبل الزواج. رغم أن ذلك أيضًا لا يضمن لهن فرصة الرجوع والعودة لمناصبهن بعد الزواج مرة أخرى، خصوصًا بالقطاع الخاص.

 

قانون العمل الحالي أعطى حقوقًا للمرأة العاملة، فبإمكانها تغيير طبيعة عملها بشكل مؤقت حتى انتهاء فترة الحمل والرضاعة، ونص على أنه في حال وجود 100 امرأة في مكان العمل، فمن حقهن على صاحب العمل إنشاء دار حضانة أو أن يعهد لدار حضانة لرعاية الأطفال. ولكن لم ينص على إلزام صاحب العمل بذلك. ولهذا تفتقر المؤسسات الخاصة والحكومية لتلك الخدمة.

 

ولم ينص أيضًا على وجود جهة تضمن للمرأة حق الشكوى، في حال رفض طلبها للوظيفة لكونها أصبحت متزوجة، وتلك هي الثغرات التي يستغلها أصحاب العمل في ممارسة تعسُّف غير مرئي لطلب المرأة المتزوجة للعمل.

 

المشكلة تواجه عشرات الآلاف من النساء، وبالأخص من أصبحن رغمًا عنهن يعولن أسرهن لظروف وفاة الزوج أو الطلاق، أو غيرها من الأسباب، ولعل تلك المشكلة تجد لها أذنًا صاغية ونحن على أعتاب تعديل قانون العمل خلال الدورة البرلمانية الحالية، وبدء العام الجديد والذي أُطلق عليه عام المرأة، فكيف يمكن أن تظل المرأة المصرية تعاني من ممارسات تتسم بالتعسُّف، وتُمنع من أهم حقوقها وتضطر للاختيار بين كونها امرأة متزوجة أو امرأة عاملة؟!

 

فلا جهة تضمن للمرأة حق الشكوى

 

المقالة السابقةانسف الـ”TO DO LIST”
المقالة القادمةميزانية 20 30 50
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا